إيواء المهاجرين القاصرين في فنادق دون حماية.. السلطات البريطانية تخالف القوانين

 

 

 

 

في شكوى ضد الحكومة، وجدت المحكمة العليا في لندن أن بريطانيا لا تحترم حقوق طالبي اللجوء القصر غير المصحوبين بذويهم الوافدين إليها، وتقوم بشكل غير قانوني بإيوائهم في الفنادق على أساس “منهجي” لأكثر من عام، الأمر الذي يمنعهم من الحصول على الحماية والرعاية المفترض تخصيصها لهم، وقد يعرضهم لمخاطر عدة.

قضت المحكمة العليا في لندن أمس الخميس، أن السلطات البريطانية خرقت القوانين عبر وضع المهاجرين القاصرين غير المصحوبين بذويهم في فنادق استقبال، بعد وصولهم إلى المملكة المتحدة في قوارب صغيرة، انطلاقا من شمال فرنسا.

يعتبر ضمان سلامة ورعاية الأشخاص الذين لا يتجاوز عمرهم 18 عاما وغير المصحوبين بعائلاتهم، من واجبات السلطات المحلية، لكن وضعهم في فنادق دون حماية خاصة قد يعرضهم لمخاطر عدة.

 

ويحذر خبراء في حماية الأطفال من أن وضع هؤلاء القاصرين غير المصحوبين بذويهم في مراكز مشابهة، قد يعرضهم لخطر الاعتداء الجنسي أو الاختطاف أو الاستغلال من قبل العصابات.

 

ممارسات منهجية

 

ووجدت المحكمة أن مجلس مقاطعة كنت، التي يصل إليها المهاجرون بعد عبور المانش، تصرف بما يخالف واجبات قانون الأطفال لعام 1989، من خلال عدم استيعاب ورعاية جميع الأطفال غير المصحوبين بذويهم الذين يطلبون اللجوء، وأن وزارة الداخلية تصرفت بشكل غير قانوني بسبب إيواء الأطفال غير المصحوبين بذويهم الذين وصلوا حديثا في الفنادق بشكل روتيني ومنهجي، مما حرمهم من الحصول على الحماية من السلطات المحلية.

جاء في حكم القاضي مارتن تشامبرلين أنه يمكن إيواء الأطفال طالبي اللجوء في الفنادق “لفترات قصيرة جدا في حالات الطوارئ الحقيقية”، لكن الدولة تجاوزت تلك المحددات. وأوضح أنه منذ كانون الأول/ديسمبر 2021، “كانت ممارسة إيواء الأطفال في الفنادق، خارج رعاية السلطة المحلية، تحدث بشكل منهجي وروتيني وأصبحت جزءا ثابتا من إجراءات التعامل مع الأطفال (طالبي اللجوء غير المصحوبين)”.

وكانت منظمة حماية الأطفال من الاتجار بالبشر (ECPAT) رفعت الشكوى في حزيران/يونيو الماضي، مشيرة إلى أن وزارة الداخلية البريطانية وافقت بشكل غير قانوني على أن يستقبل مجلس مقاطعة كينت عددا محددا من الأطفال، رغم أن القوانين تنص على وجوب استقبال جميع الوافدين القاصرين.

 

 

وبالتالي، تؤكد المحكمة أن عدم توفير وزارة الداخلية الاستقبال المناسب للقاصرين وحمايتهم “غير قانوني”.

وكانت نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية في كانون الثاني/يناير تحقيقا حول اختفاء العشرات من المهاجرين القاصرين من أحد مراكز الاستقبال في مدينة برايتون.

وقالت مديرة المنظمة باتريشيا دور، في بيان، إن الحكم “بمثابة تذكير واضح وفي الوقت المناسب بأنه لا يمكن لأي إدارات حكومية مركزية أو محلية الخروج عن إطار العمل القانوني لرعاية الطفل والواجبات تجاه جميع الأطفال”.

واعتبرت أن الأطفال الأكثر ضعفاً “معرضين لخطر ضرر كبير نتيجة لهذه الإجراءات غير القانونية من قبل وزير الدولة ومجلس مقاطعة كينت”.

 

السلطات تقدم تبريرات

 

في رد فعل رسمي، اعترفت السلطات بممارستها لكنها قدمت تبريرات.

قال رئيس مجلس مقاطعة كينت روجر غوف، نقلا عن صحيفة “الغارديان” البريطانية، “نحن نقر ونقبل حكم القاضي الصادر اليوم. في الواقع، منذ أن بدأ وصول الأطفال طالبي اللجوء غير المصحوبين بذويهم في الارتفاع بشكل حاد في عام 2015، أكدنا لوزارة الداخلية وشركائنا وبشكل علني” أنه يجب نقل الوافدين إلى مقاطعات أخرى، كي “تتمكن كينت من دعم جميع الوافدين الجدد” عبر ميناء دوفر.

وتستمر محاولات المهاجرين عبور بحر المانش انطلاقا من شمال فرنسا، ووفقا لأرقام وزارة الداخلية، وصل منذ بداية العام الجاري وحتى 9 تموز/يوليو، حوالي 12,700 مهاجر المملكة المتحدة على متن قوارب صغيرة.

اتخذت وزارة الداخلية من استمرار توافد المهاجرين إليها مبررا لممارساتها الأخيرة بحق القاصرين، قائلة، “لم يكن أمام الحكومة خيار سوى استيعاب الشباب في الفنادق على أساس مؤقت”، حتى تؤمن السلطات المحلية أماكن إيواء.

وأضافت “في ضوء حكم اليوم، سنواصل العمل مع مجلس مقاطعة كينت والسلطات المحلية في جميع أنحاء المملكة المتحدة لضمان توفير أماكن مناسبة للسلطات المحلية للأطفال غير المصحوبين بذويهم ، بما يتماشى مع واجباتهم”.

 

تشديد سياسة الهجرة

 

تلك ليست المرة الأولى التي تواجه فيها السلطات البريطانية إدانات قضائية، إذ يأتي هذا الحكم بعد أسبوع واحد فقط على إدانة محكمة العدل العليا، وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان، بسبب عدم دفع كامل مبلغ المساعدات المالية المخصصة للنساء الحوامل والأسر التي لديها أطفال أثناء دراسة ملفات لجوئهم. واعتبرت أنها أخفقت في أداء واجبها لتزويد النساء الحوامل والأطفال بما يكفي من المال للحصول على طعام صحي.

ومع استمرار توافد المهاجرين إلى أراضيها، تصر الحكومة على انتهاج سياسة هجرة متشددة وإصدار تشريعات تنتقدها المنظمات الحقوقية، وكان آخرها اعتماد البرلمان البريطاني منتصف الشهر الجاري، نصا مثيرا للجدل حول الهجرة، يحظر تقديم طلب لجوء لأي شخص دخل الأراضي البريطانية بشكل غير قانوني، ويتيح نقل هؤلاء الأشخاص إلى دولة ثالثة.

ونددت الأمم المتحدة بالقانون الجديد كونه “يتعارض” مع التزامات المملكة المتحدة بموجب القانون الدولي فيما يتعلق بحقوق الإنسان واللاجئين. ووفقا لفولكر تورك، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، وفيليبو غراندي، مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، فإن هذا النص سيكون له “عواقب وخيمة على الأشخاص الذين يحتاجون إلى الحماية الدولية”. وتخشى الأمم المتحدة من بقاء آلاف الأشخاص في المملكة المتحدة إلى أجل غير مسمى في أوضاع قانونية غير مستقرة.

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى