تزوير الشهادات والوثائق الرسمية السورية .. فساد خلفته الحرب
لم يعد العلم نور والجهل ظلام في حرب دامت 5 سنوات قلبت فيها كل معايير الحياة دون سعي دولي للحد من زيادة معاناة الناس والتي قد يضطر بعضهم لاتباع أساليب غير قانونية في الحصول على مستلزماتهم من أجل استمرار حياتهم.
فبعيدا عن عيون الرقابة والقانون يزداد انتشار تزوير الشهادات والوثائق للمواطنين السوريين معظمهم من المغتربين في دول الخليج أو الدول الأوربية الذين يسعون للحصول على رواتب أكثر من خلال تلك الشهادات المزورة أو من سكان المناطق المحررة وذلك خوفا من الاعتقال أثناء الذهاب لتسيير تلك المعاملات بشكل رسمي بالإضافة لمعاملات أخرى كجواز السفر وعقود زواج وبيانات عائلية وشهادات سواقة و بطاقات شخصية و إخراجات قيد وبيان وفاة وغيرها من الوثائق الرسمية، الأمر الذي أجبر الكثير من السوريين وخاصة الشباب لدفع مبالغ طائلة لأولئك السماسرة المتعاملين مع النظام للحصول عليها.
انتشرت العديد من مكاتب التزوير وبشكل علني وخاصة في تركيا ودول اللجوء العربية وداخل سوريا، اختصت بتزوير الأوراق الرسمية، وغالبا ما يستغل المزور مسألة عدم استخدام هذه الشهادات داخل سوريا، ومعظمها يتم استخدامها في دول الخليج والدول الأوربية حيث لا يمكنهم التحقق من صحتها، مبررين هذا العمل بأنه خدمة لمساعدة المواطنين الذين أضاعوا وثائقهم أو وجدوا صعوبة في العودة لسوريا ومتابعة دراستهم بسبب الحرب.
ويقوم بعملية التزوير أشخاص مختصين في التصميم الالكتروني والطباعة حيث يصنعون الأختام لجميع المديريات والدوائر الرسمية في سوريا، بمساعدة آخرين يعملون على متابعة التغييرات التي تطرأ على أشكال الأوراق والأختام التي تطبع عليها الوثائق أو كشوف العلامات.
يتحدث بلال عن أخيه علاء وهو طالب اقتصاد في جامعة حلب سابقا خرج من حلب إلى السعودية وكان لا يزال في السنة الثالثة : ” لم يستطع أخي علاء إتمام دراسته بسبب ملاحقة النظام له فاضطررنا لإرسال شهادة مزورة له بمساعدة أحد السماسرة المتعاملة مع النظام مقابل 400 دولار، واستطاع تأمين عمل هناك ويتقاضى أجرا جيدا”.
ومع تزايد الإقبال على تلك الوثائق المزورة هبطت أسعار تكلفة الأوراق بحسب نوع الشهادة أو الوثيقة المراد تزويرها تنافسا مع المكاتب الأخرى مؤكدين للزبون عدم صلاحيتها داخل الأراضي السورية ، بسبب سهولة كشفها من حيث اللون والحبر والتوقيع والأختام، حيث يقوم المزور بتقليد أختام مشابهة وطبق الأصل على برنامج الفوتوشوب من أي وثيقة نظامية وإرسالها لصانع الأختام.
تقول فاتن من مدينة ريف ادلب وتسكن في تركيا “تقدمت لامتحان الشهادة الثانوية العامة مرتين في سوريا ولم أحصل عليها، وحصلت فيما بعد على شهادة خبرة في التمريض والإسعافات الأولية، ثم قمت بالحصول على شهادة تمريض مزورة لأعمل في تركيا كممرضة وأعيل أسرتي فتكاليف المعيشة مرتفعة في تركيا”.
إن عدم امتلاك الخبرة والكفاءة في الشهادات أو الوثائق والحصول عليها بطرق غير قانونية وبدون جهد أمر يؤدي لإيذاء الناس والتعدي على حقوق طلاب درسوا وتعبوا لسنوات من أجل الحصول على الشهادة التي قد يشكك فيها بسبب عدم تمييز الدول بين النسخة الأصلية والمزورة، في حين حصل غيرهم على شهادة دكتوراة من خلال دفع المال، كما وتؤدي أيضا عمليات التزوير لزيادة تفشي الفساد في سوريا وخارجها، الذي طالما سعى الشعب السوري لمحاربته وثار ضد النظام الذي نشر الفساد في كافة المؤسسات الحكومية، لذلك يتوجب على كل من يعلم بأمر المزورين الإبلاغ عنهم لأقرب جهة مختصة فالتزوير جريمة يعاقب عليها القانون والشرع.
المركز الصحفي السوري