“وثيقة سفر لاجئ” في أوروبا… المميزات والقيود

 

 

 

 

 

على غرار المواطنيين الأوروبيين، يتمتع الحاصلون على حق اللجوء في أوروبا بحق التنقل والسفر بحرية داخل الاتحاد الأوروبي، وذلك شريطة حيازتهم على بطاقة الإقامة و”وثيقة سفر لاجئ”. إلا أن القيود المفروضة على اللاجئين من حملة هذه الوثيقة، تتباين بشدة مجرد أن يقرر اللاجئ السفر إلى خارج الاتحاد الأوروبي.

يحق للاجئين الذين حصلوا على الحماية الدولية في إحدى دول الاتحاد الأوروبي، التقدم بطلب إلى سلطات البلد المستضيف لاستصدار وثيقة سفر، بدلا عن جواز سفر بلدهم الأم، وتُعرف باسم “وثيقة سفر لاجئ”.

والحماية الدولية، أو ما يعرف عموماً بحق اللجوء، هي صفةٌ قانونية تمنحها البلدان المستضيفة إلى طالبي اللجوء المقيمين على أراضيها حيث، تخولهم من الإقامة بشكل قانوني في البلاد بعد إثبات استحالة العودة إلى بلادهم التي فروا منها.

وتحدد معاهدة جنيف الخاصة بوضع اللاجئين (28 تموز/يوليو 1951) التي وقعت عليها 149 دولة، الالتزامات التي يتعين على هذه الدول احترامها بخصوص اللاجئين الذين يقيمون بشكل قانوني على أراضيها.

وتعد حيازة اللاجئين على هذه الوثيقة التي تشبه إلى حد بعيد جوازات السفر “العادية”، شرطاً أساسياً للسماح لهم بمغادرة أراضي البلد الذين حصلوا فيه على الحماية الدولية.

 

 

ويحق للحاصلين على “وثيقة سفر” في إحدى الدول الأوروبية التنقل بحرية تامة داخل البلد المضيف كفرنسا على سبيل المثال (بما في ذلك أقاليم ما وراء البحار)، كما يحق لهم الإقامة لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر في بلدان منطقة شنغن المؤلفة من 27 دولة (23 منها هي من دول الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى 4 دول أخرى هي أيسلندا، وليختنشتاين، والنرويج، وسويسرا).

في حالة الرغبة بالإقامة لأكثر من ثلاثة أشهر في أحد بلدان منطقة شنغن، يجب أيضاً على اللاجئ والحاصل على الحماية الثانوية التقدم بطلب للحصول على موافقة الدولة الأوروبية المعنية، حيث أن وثيقة السفر هذه لا تسمح لحاملها بالعمل أو الاستقرار في دولة عضو بالاتحاد الأوروبي، وإنما بالزيارة فقط.

أما فيما يتعلق بالسفر إلى خارج الاتحاد الأوروبي، فإن عدداً محدوداً من البلدان يسمح للاجئين الحاصلين على وثيقة سفر لاجئ من دخول أراضيها دون تأشيرة كجورجيا وأرمينيا وملدوفا على سبيل المثال، أما الدول العربية فجميعها تشترط الحصول على فيزا مسبقاً.

 

ما هي هذه الوثيقة؟ ومن هي الدول التي تعترف بها؟

 

يعود تاريخ وثائق السفر هذه إلى أولى النصوص والمعاهدات الدولية التي تم الاعتراف بها قبل قرن من الزمن في عام 1922، والتي هدفت لحماية اللاجئين الفارين من ويلات الحروب، عبر منحهم أوراق ثبوتية.

تم إصدار هذه الوثائق لأول مرة من قبل مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وعديمي الجنسية التابعة لعصبة الأمم (أُنشئت بعد الحرب العالمية الأولى وتحولت إلى الأمم المتحدة بعيد الحرب العالمية الثانية). وسرعان ما أصبحت تعرف باسم “جوازات سفر نانسن”، وذلك نسبة إلى مروجها فريتجوف نانسن، وهو سياسي نرويجي.

وفي نهاية عام 2020، بلغ عدد الدول الموقعة على معاهدة جنيف المتعلقة باللاجئين 1951 أو بروتوكولها 1967 أو كليهما، 149 دولة. في حين لم توقع 44 دولة عضو في الأمم المتحدة، غالبيتهم من دول جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط، على أي من هذه الاتفاقيات الدولية.

في منطقة الشرق الأوسط على سبيل المثال، التي تعاني حروب ونزاعات امتدت على مدار العقود الماضية، لم توقع سوى إيران وإسرائيل ومصر واليمن على معاهدة جنيف الخاصة بوضع لاجئ، في حين أن الدول الرئيسية المصدّرة والمضيفة للاجئين مثل العراق ولبنان والأردن وسوريا ومعظم دول منطقة الخليج لم تكن طرفاً من المعاهدة.

وتشمل الدول غير الموقعة في جنوب شرق آسيا الهند، وبنغلاديش، وباكستان، وسريلانكا، وماليزيا، وإندونيسيا. وتوجد دول غير موقعة في مناطق أخرى من العالم أيضا كإريتريا وليبيا ومنغوليا وكوبا.

أوزبكستان، هي الدولة الوحيدة في رابطة الدول المستقلة، حلف من 12 جمهورية سوفيتية سابقة، التي ليست طرفا في اتفاقية عام 1951، في حين أن غيانا هي الدولة الوحيدة غير الموقعة على المعاهدة في أمريكا الجنوبية.

 

الحصول على وثيقة سفر لاجئ في فرنسا 

 

في فرنسا على سبيل المثال، يتمتع اللاجئون أو الحاصلون على الحماية الثانوية بالحق في الحصول على وثيقة تخولهم السفر إلى الخارج وتعرف باسم وثيقة سفر (titre de voyage). للحصول على هذه الوثيقة يجب التقدم بطلب إلى المحافظة (برفكتور) التي يتبع إليها اللاجئ أو الحاصل على الحماية الثانوية.

ويحتاج إصدار هذه الوثيقة فترة زمنية تتراوح بين شهر إلى شهرين اعتباراً من تاريخ اكتمال ملف الطلب. وهذه الوثيقة قابلة للتجديد عند انتهاء صلاحيتها.

تتعدد مدة صلاحية وثيقة السفر:

  • 5 سنوات وثيقة سفر اللاجئ أو عديم الجنسية الحاصل على إقامة دائمة
  • 4 سنوات وثيقة سفر الحاصل على حماية ثانوية

لا بد من إرفاق طلب وثيقة السفر بعدة وثائق هي:

  • صورة عن بطاقة الإقامة
  • دليل لإثبات مكان الإقامة (مثل فاتورة مياه، أو كهرباء، أو إيصال الإيجار)
  • صورتان شخصيتان حديثتان
  • طوابع ضريبية تتراوح قيمتها بين 15 و45 يورو، بحسب نوع ومدة وثيقة السفر

 

الدول التي تسمح لحاملي “وثائق سفر لاجئ” من دخول أراضيها بدون تأشيرة

 

نظرياً، تشمل البلدان التي لا تحتاج إلى تأشيرة من حاملي وثائق سفر اللاجئين عموماً، الدول الموقعة على معاهدة جنيف 1951، وكذلك تلك التي وقعت على بروتوكول 1967، ويتعين عليها أيضا إصدار وثائق سفر للاجئين المقيمين بشكل قانوني على أراضيها.

رغم ذلك، فإن الاعتراف بصفة لاجئ من قبل إحدى الدول الأوروبية وإصدار وثائق ثبوتية، لا يعني إعفاء هؤلاء اللاجئين من متطلبات التأشيرة العادية التي تفرضها بلدان عدة على حاملي هذه الوثيقة، وذلك تبعاً للقيود التي يفرضها بلد المقصد على جوازات سفر الدولة التي حصل فيه اللاجئ على الحماية الدولية وبلده الأم.

وتنوه المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أن الحكومات لا تعترف دائماً بحق اللاجئين في الحصول على وثيقة السفر التي نصت عليها المعاهدة، بينما ترفض أخريات إصدار وثيقة للاجئين أو تقبل منحه بعد فترات انتظار طويلة. لذلك، يُنصح اللاجئون دائماً بالاتصال بسلطات بلد الوجهة الذي يرغبون في السفر إليه فيما يتعلق بشروط الدخول ومتطلبات وثائق السفر.

وجدير بالذكر أن بلدان الاتحاد الأوروبي ليست نفسها بلدان منطقة شنغن: مثلا إيرلندا هي دولة تابعة للاتحاد الأوروبي لكنها ليست ضمن منطقة شنغن، الأمر الذي يفرض على اللاجئين الحاصلين على وثائق سفر أوروبية والراغبين بالسفر إليها، التقدم بطلب مسبقٍ للحصول على تأشيرة.

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى