انتهاكات خطيرة … مفوضية اللاجئين “لا تشجع” على “العودة الطوعية” للسوريين

 

 

 

 

 

يستمر ملف إعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم بالهيمنة على القضايا البارزة في دول الجوار، لا سيما تركيا ولبنان حيث يرزح اللاجئون تحت ضغوط متزايدة وسط حملات عنصرية تستهدفهم. مفوضية اللاجئين قالت في تقريرها الأخير إنها “لا تشجع” على عمليات “العودة الطوعية”، فيما وثقت شبكة حقوق الإنسان “مقتل شاب تحت التعذيب” في السجون السورية بعدما كان رُحّل من لبنان في حزيران/يونيو الماضي.

ليست المرة الأولى التي تنبه بها منظمة دولية من خطورة ترحيل اللاجئين السوريين، وفي تقريرها الشهري الأخير شددت مفوضية اللاجئين على أنها لا تشجع تنظيم عمليات “العودة الطوعية على نطاق واسع لأن الظروف الأمنية والمادية اللازمة لذلك غير متوفرة بعد”.

أكثر من 5 ملايين لاجئ سوري مسجلون لدى المفوضية في دول الجوار، تركيا ولبنان والأردن والعراق إضافة إلى مصر، وإعادتهم إلى بلدهم ملف شائك يعرّض حياة المعنيين للخطر، مع استمرار تدهور “الأوضاع الأمنية والاجتماعية والاقتصادية” مع دخول “الأزمة السورية عامها الرابع عشر”، حسب وصف مفوضية اللاجئين في التقرير المنشور أول أمس الثلاثاء 6 آب/أغسطس.

وبحسب دراسة تجريها في تلك المنطقة منذ العام 2017، توصلت المفوضية إلى أن أغلب اللاجئين يأملون “العودة إلى سوريا ذات يوم، ولكن هناك مجموعة مختلفة من العقبات التي لا تزال تمنع الكثيرين من القيام بذلك”، متحدثة عن المخاوف المتعلقة بالسلامة والأمن فضلا عن الافتقار إلى سبل العيش وفرص العمل والوصول إلى الخدمات الأساسية والسكن.

 

 

المنظمة التابعة للأمم المتحدة هي الجهة الدولية التي تعمل بشكل مكثف على هذا الملف، وتقول إنها تتدخل ضمن شقين، الأول يتعلق بتعزيز قدرات المجتمعات المضيفة للاجئين بشكل “يساعد على ضمان بقاء هذه العودة آمنة ومستدامة”. والثاني، يرتبط بالداخل السوري بشكل مباشر إذ “تقود المفوضية الجهود الجماعية للمجتمع الإنساني في سوريا لمعالجة العقبات القائمة أمام العودة، وتدعو جميع أصحاب المصلحة المعنيين إلى خلق بيئة مواتية للعودة الطوعية، مسترشدة بخيارات اللاجئين والمعايير الدولية”.

على مدى ثمانية أعوام، وتحديدا من 2016 وحتى حزيران/يونيو 2024، تقول المفوضية إنها راقبت وتحققت من عودة إجمالي أكثر من 411 ألف لاجئ سوري إلى بلدهم، لكنها لم تكشف عن تفاصيل ظروف هذه العودة.

 

الضغط من أجل العودة

 

في دول اللجوء الرئيسية، يرزح أغلب اللاجئين السوريين تحت ظروف معيشية صعبة ويتعرضون للتضييق ولحملات تمييزية لا سيما في تركيا ولبنان. كما وثقت العديد من الجهات الحقوقية تنفيذ السلطات عمليات إعادة قسرية بحقهم أو الضغط عليهم وإجبارهم على العودة تحت مسمى “العودة الطوعية”.

وكشف تقرير لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” في آذار/مارس الماضي أن “القوات التركية، منذ 2017 ألقت القبض أو احتجزت أو قامت بترحيل الآلاف من اللاجئين السوريين، وغالبا ما تقوم بإكراههم على التوقيع الطوعي على استمارات العودة وإجبارهم على العبور إلى شمال سوريا”.

وفي لبنان، خلال النصف الأول من العام الجاري، وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اعتقال النظام السوري 126 سوريا، بينهم أربعة أطفال وثلاثة نساء، كانت رحّلتهم لبنان بشكل قسري. مشيرة إلى أن “معظمهم اعتقلوا من قبل مفرزة الأمن العسكري التابعة لقوات النظام السوري في منطقة المصنع الحدودية”.

وتؤكد المنظمة الحقوقية على أن “ممارسات الإعادة القسرية بحق اللاجئين السوريين تُشكل انتهاكا للقانون العرفي، وتتحمل الحكومات التي تقوم بذلك المسؤولية القانونية لما يتعرض له المعادون قسريا من تعذيب وقتل وإخفاء قسري وغير ذلك من الانتهاكات على يد النظام السوري، إلى جانب مسؤولية النظام السوري المباشرة عن هذه الانتهاكات”.

 

مقتل سوري مرحّل تحت التعذيب

 

أحد هؤلاء المعادين قسريا “قُتل تحت التعذيب” حسب الشبكة السورية، التي وثقت حالة الشاب أحمد عدنان شمسي الحيدر المتحدر من مدينة البوكمال شرق محافظة دير الزور.

وبحسب تقرير نشرته في نهاية حزيران/يونيو الماضي، تبين أن قوات النظام اعتقلته في نيسان/أبريل من العام الجاري “فور إعادته من لبنان دون إصدار مذكرة اعتقال قانونية أو إبلاغ ذويه، ومنع من التواصل مع عائلته أو محام”، وذلك “عند مروره على إحدى نقاط التفتيش التابعة لها في مدينة دمشق، وتم اقتياده إلى فرع فلسطين 235 التابع لشعبة المخابرات العسكرية”.

 

 

في 25 حزيران/يونيو الماضي، تلقت عائلة الضحية بلاغا من أحد عناصر قوات النظام السوري بوفاة أحمد داخل فرع الأمن العسكري في مدينة دير الزور، “ثم سلمتهم جثمانه من مشفى أحمد الهويدي العسكري في مدينة دير الزور في اليوم التالي، ولدى الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان معلومات تُفيد بأن أحمد كان بصحة جيدة عند اعتقاله، مما يرجح بشكل كبير وفاته بسبب التعذيب وإهمال الرعاية الصحية داخل فرع الأمن العسكري”.

 

اعتقال 90 سورياً في شهر تموز

 

كما نشر موقع “العربي الجديد” معلومات تفيد باعتقال حوالي 90 سوريا إثر ترحيلهم من لبنان خلال شهر تموز/يوليو الماضي وحده. “وأشارت المصادر إلى أن أكثر من خمسين من هؤلاء المعتقلين من الشبّان الذين بلغوا سن الخدمة العسكرية، وألحقتهم أجهزة النظام بقطع عسكرية، فيما أُرسل الباقون إلى المعتقلات، موضحة أن “النسبة العظمى منهم يتحدرون من ريف دمشق وحلب وحمص”.

وكشف تقرير صدر عن مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان (OHCHR) في شباط/فبراير الماضي، أن هناك العديد من الظروف التي تُرغم اللاجئين السوريين على العودة إلى بلادهم، والتي تترافق بـ”الانتهاكات الجسيمة” التي يتعرضون لها عند عودتهم.

يبقى نظام بشار الأسد مسؤولا بشكل كبير عن تلك التجاوزات الموثقة التي “ارتكبتها الحكومة وسلطات الأمر الواقع والجماعات المسلحة الأخرى”، وتتضمن “الاحتجاز التعسفي، والتعذيب، وسوء المعاملة، والعنف الجنسي والمبني على النوع الاجتماعي، والإخفاء القسري، والاختطاف”.

تلك الانتهاكات يتعرض لها السوريون في مختلف أنحاء البلاد، إلا أنه وبحسب التقرير، “يبدو أن العائدين معرضون لهذه المخاطر أكثر من غيرهم”، لا سيما فيما يتعلق بـ”انتزاع أموالهم وممتلكاتهم، ومصادرة أملاكهم، وحرمانهم من بطاقات الهوية وغيرها من الوثائق”.

ومع استمرار حالات التضييق والظروف المعيشية الصعبة، لا يجد بعض السوريين من خيار أمامهم سوى العودة إلى سوريا رغم معرفتهم بالخطر. وكان فريق مهاجرنيوز التقى بعائلة سورية جنوب تركيا إثر الزلزال الذي ضرب المنطقة العام الماضي، وقالت العائلة إنها قررت العودة إلى الشمال السوري لأن “لا سبيل آخر للعيش في تركيا”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى