الغنوشي يهنئ إيران بإبادة السوريين .. د.اسامة الملوحي
بسم الله الرحمن الرحيم
راشد الغنوشي يحتفل بالذكرى 37 للثورة الإيرانية الطائفية …الغنوشي ذهب على رأس وجوه سياسية وإعلامية تونسية إلى حفل استقبال بهيج دعا إليه سفير إيران في تونس مصطفى بروجردي… وهنأ الغنوشي الإيرانيين بانتصار ثورتهم واحتفل معهم ابتهاجا بتمكنهم في الأرض في وقت شهدت فيه الأسابيع الأخيرة في سورية تقدم الحرس الثوري الإيراني وميليشيات إيران على الأرض في الساحل السوري وحوران وحلب بغطاء القصف الروسي الماسح…ورُفعت رايات الطائفيين من كل لون فوق مساجد السوريين السنّة وجاوز عدد النازحين المئتي ألف في مناطق ثلاث في ثلاث أسابيع…فكيف نمنع السوريين أن يعتبروا ذلك من الغنوشي تهنئة منه لإيران بإبادة السوريين وتهجيرهم.
إذا استخرجت من العنكبوتية تعريفا لراشد الغنوشي فستجد أنه سياسي ومفكر اسلامي أسس حركة النهضة التونسية …وصل في العمر إلى خمس وسبعين عاما قضى منها أكثر من خمسين سنة وهو في حضن الحركة الاسلامية العربية الإخوانية ينهل من الفكر الاسلامي وانخرط في العمل الاسلامي وفي المواجهة الاسلامية مع الاستبداد في تونس وألّف كتبا في الفكر الاسلامي والعمل الاسلامي…
نحن إذا أمام رمز اسلامي وصل في خبرته وفكره وتجاربه إلى ما يمكن أن نسميه منتهى الحكمة والانفتاح…
وجه الغنوشي إذا تتبعته فهو مبتسم سمح مع صحفيي الغرب وسياسيي الغرب ومن تبع الغرب بولاء وتواصل….ولكن وجه الغنوشي نفسه يتجهم ويتألم ويعطيك كل تعبيرات الامتعاض والانحصار إذا كنت اسلاميا ثوريا ذو رؤية ناقدة مستفسرة.
الغنوشي وفكره السابق لغيره أوصله في بداية الثورة الإيرانية إلى القول: “الرسول ينتخب إيران للقيادة ” و” إن إيران اليوم بقيادة آية الله الخميني القائد العظيم والمسلم المقدام هي المنتدبة لحمل راية الإسلام”….وغير ذلك كثير…لقد والى إيران وارتضته ولكن حين لاحت لإيران فرصة لنشر التشيع في تونس والحصول على دعم تونس للمشروع النووي الإيراني طردوا الغنوشي صديقَهم القديم وتغنوا بمحاسن “بن علي” ,ومنع الغنوشي من دخول ايران من عام 1990 الى عام 2009… ومع ذلك فقد كتب في 2009 يقول :”إن اتخاذ إيران عدوا هو قرار غير مسؤول وغير حكيم” وتطرق إلى عملية التشييع الواسعة الممنهجة من إيران في المنطقة وعبّر عنها بالتبشير لمذهب في جمهور مذهب آخر وشبه ذلك بإخراج مسلم من غرفة يقيم فيها داخل دار الاسلام إلى غرفة أخرى في الدار نفسها وأن ذلك فقط مضيعة للوقت والجهد…
وبعد الثورة التونسية حرص الغنوشي على علاقات ودّ وصداقة مع الايرانيين وكان أكثر الناس في تبادل الزيارات مع السفير الإيراني في تونس وكلما احتفل الغنوشي بعيد ميلاد للنهضة كان يحرص على دعوة ممثلي إيران وحزب الله ليطفئوا معه الشموع ولم يبال الغنوشي أبدا بكتابات كتبناها ورسائل أرسلناها (أن إيران رأس الجريمة في سوريا وأن مفاصلتها واجبة ضاغطة…وأن بشار إنما هو فتى إيران وخادمها وأن إيران هي التي أقنعت وتموّل التكاليف الباهظة لروسيا) ولكن الغنوشي لم يبال وأعطى لناصحيه السطح الممتعض (القرفان) المتكبر من وجهه المعبر… وتوّج الغنوشي مواقفه وإصراره بالتهنئة الأخيرة للإيرانيين وبلا ريب هو بذلك لا يحترم السوريين ولا يحترم ثورة السوريين وتضحياتهم.
وحتى لا يصبح الغنوشي فتنة تخدع بعض الناس الذين يتبعون ويتتبعون المشاهير فيظنوا أن خلاصة خمسين سنة غنوشية من الفكر والتجارب أولى بالاتباع والاسترشاد نعلن أن الغنوشي ليس على شيء وأن أصغر ثائر صامد في سوريا يعلّمه ما لم يصل إليه في سبعين سنة من وعيه :يخبره أن الفهم ثم الموقف الاسلامي الصحيح هو بادراك أن التشييع الذي تقوم به ايران إنما هو وسوسة وقهر لجرّ الناس إلى عقيدة مشروخة وتحطيم للرموز الاسلامية العظيمة التي تصدرت جيلا ربانيا فريدا من الصحابة…وأن إيران تستخدم الطائفية لمصالحها وتؤسس سياستها على أساطير تاريخية وأحقاد وأنها في سوريا هي حمالة الحطب التي تمد النظام و تسعّر الاستبداد والجريمة والحقد…إيران هي العدو الأول للشعب السوري المنتفض العظيم …وسيشرح الثوار السوريون للغنوشي ويدلوه على الطريق القويم الذي كان أولى له أن يفهمه كإسلامي من النص القرآني (…وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده…) كان عليه أن يفاصل إيران هو وغيره فيظهروا لها العداوة والبغضاء حتى تكف عن جرائمها بحق أهل السنة حقدا وكفرا.
ويبقى سؤالان …
هل يفعل الغنوشي ما يفعل من أجل مال وأجرة لحزب النهضة والعاملين فيه ومنتهى ما وصل إليه من الحكمة أن يمضي المرء مع من يدفع أكثر؟
وأخيرا هل نلقي التبعة على الغنوشي كاملة ونترك أصدقاءه وأقرانه وأحبابه من الاسلاميين المعارضين السوريين إخوانيين و غير إخوانيين..ألا ينبغي عليهم أن لا يناموا ساعة واحدة قبل أن يُبعدوا الغنوشيين عن إيران أو يفاصلونهم؟
قابلت الغنوشي وتحادثت معه ووجهت له نقدا بخصوص علاقته مع لأيران لكنه كذب على وقال أنه قد انتقد إيران ومواقفها وأنه لايمالئ إيران وسياستها .من خلال حديثي معه لم أجده ذلك المفكر والسياسي بل كما قال كاتب هذا المقال هو رجل إنتهازي يبيع خدماته لمن يدفع أكثر .
الغنوشي سياسي والسياسة مراوغة وحسابات وقد نجح بامتياز في إخراج تونس من عنق زجاجة ومواجهة أمواج عاتية داخلية وخارجية