زيارة لا عودة.. سعادة تغمر السوريين في ألمانيا بعد تمكنهم من زيارة بلدهم

 

بمجرد أن سمعت اللاجئة السورية في ألمانيا، إيمان محمد، عن سقوط النظام الديكتاتوري في سوريا، غمرها شعور بالفرح لأنها رأت في ذلك فرصة للعودة إلى وطنها. لكن سرعان ما تبدد هذا الفرح عندما أدركت أن العودة تعني التخلي عن كل ما بنته هي وأسرتها في ألمانيا خلال السنوات العشر الماضية، التي كانت مليئة بالتحديات والتضحيات.

تقول إيمان، البالغة من العمر 41 عاماً: “عندما أعدنا التفكير في الأمر، أدركنا أن الوقت لم يحن بعد للعودة بشكل نهائي إلى سوريا”، مشيرة إلى أن القرار ليس بيدها وحدها، بل يشمل أسرتها بأكملها.

فرصة العودة تصطدم بالواقع
مع سقوط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر، أُتيحت أمام السوريين فرصة العودة إلى وطنهم لأول مرة منذ أكثر من عقد. ومع ذلك، يواجه مليون وثلاثمائة ألف سوري مقيمين في ألمانيا واقعاً معقداً، حيث بنى معظمهم حياة جديدة ومستقرة، وأصبحوا جزءاً من المجتمع.

لكن الحديث عن العودة بدأ يثير جدلاً سياسياً، إذ سارعت أطراف يمينية متطرفة وسياسيون ألمان إلى اقتراح خطط تشمل منح مبالغ مالية للاجئين الراغبين في العودة. فيما قدمت دول أوروبية أخرى، مثل الدنمارك والنمسا، عروضاً مماثلة لإغراء اللاجئين بالرحيل.

السوريون جزء من الاقتصاد الألماني
السوريون يشكلون أكبر جالية لاجئة في ألمانيا، وهم يعملون في قطاعات متعددة، من الأعمال الصغيرة إلى الخدمات الطبية. وقد حذر الخبراء من أن ترحيلهم قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، خاصة في مجالات تحتاج إلى مهاراتهم مثل الصحة.

يقول سليمان عبد الله، وهو صحفي سوري مقيم في ألمانيا: “نحن لسنا مجرد مجموعة صغيرة وصلت للتو؛ بل أصبحنا جزءاً من هذا المجتمع”.

رغم التغيرات السياسية، يبقى اللاجئون السوريون قلقين بشأن وضعهم. إيمان وزوجها، بهاء مفلح، يخشيان على مستقبل أسرتهما، خاصة مع استمرار التحديات المتعلقة بتأشيرات الإقامة وجوازات السفر السورية.

وبينما يتطلع مفلح إلى العودة يوماً ما إلى درعا، يشير إلى أن أولاده الأربعة، الذين نشأوا في ألمانيا، هم الأولوية. “العودة تعني اقتلاعهم من جذورهم مرة أخرى، وهذا ليس قراراً سهلاً”، يقول مفلح.

سوريا: وطنٌ بات غريباً
بالنسبة لأبناء إيمان، سوريا أصبحت مكاناً غريباً يعرفونه فقط من خلال مكالمات الفيديو مع الأقارب. وبينما تحلم الأسرة بشراء منزلهم الحالي في ألمانيا، تتجنب التفكير في أي خطوة قد تعيدهم إلى معاناة الماضي.

في سياق مشابه، تعمل الدكتورة هبة النايف، طبيبة أطفال سورية مقيمة في ألمانيا، على بناء جسور بين المجتمعين. تدير صفحات عبر وسائل التواصل الاجتماعي تقدم من خلالها نصائح طبية لـ92 ألف متابع، مشيرة إلى أهمية دعم الناس في سوريا عن بعد دون التخلي عن مستقبل أطفالها في ألمانيا.

تقول الدكتورة هبة: “علينا العمل معاً لبناء الجسور، فالعودة ليست الحل الوحيد”.

 

 

 

عن: The New York Times

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى