وفاة شاب سوري في كاليه: “سافر كي يعالج عيني أخيه ويعيلنا.. حرق قلوبنا”

“ترك المدرسة في الصف الرابع الابتدائي وقرر السفر ليتمكن من علاج أخيه وإعالة العائلة. وفاته حرقت قلوبنا”.. شهادات من أخت الشاب سليمان ذي الـ19 عاما وعدد ممن رافقه في رحلة فجر السبت 11 كانون الثاني/يناير من شاطئ سانجات قرب كاليه شمال فرنسا بغية الوصول إلى بريطانيا، والتي تسببت بوفاته نتيجة تكدس وتدافع المهاجرين حوله لحظة انطلاق قارب كان يقلهم.

توفي شاب سوري ذو 19 عاما فجر السبت 11 كانون الثاني/يناير الجاري، ليكون أول ضحية هذا العام على طريق الهجرة من شمال فرنسا نحو المملكة المتحدة. المعلومات الرسمية والمتطابقة تفيد بأنه توفي نتيجة تعرضه “للسحق من قبل الآخرين” أثناء عملية تدافع عند انطلاق القارب. من رافقوه بهذه الرحلة أدلوا بشهاداتهم لمهاجر نيوز وأفادت أخته، التي لا تزال في سوريا، بمعلومات إضافية عنه وعن عائلته وظروف خروجه.

تقول بشرى الحسين إن المتوفي سليمان فؤاد الحسين أخاها، وهو من مواليد 2005 في القنيطرة جنوب سوريا. وتضيف “قبل يوم من وفاته كان قد قطع التواصل معه، وتمكنا من مهاتفته عن طريق صديق له، لكن في اليوم التالي أعلمنا صديقه أنه توفي وأن ذلك كان بسبب زيادة عدد الأشخاص في البلم (القارب المطاطي)”.

وتشرح لمهاجر نيوز ظروف حياتهم وتقول “ترك سليمان سوريا في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2024. كان عاملا وترك المدرسة منذ صف الرابع الابتدائي كي يتكفل بالعائلة حيث هجرنا من القنيطرة عام 2013 بسبب الحرب واستقرينا في ريف دمشق منذ ذلك الوقت. عائلتنا مكونة من صبيين وأنا، سليمان أصغرنا وأخي الثاني أكبر منه يعاني من ألم في عينيه. بعد الله لم يكن لنا سواه. سافر سليمان ليتمكن من علاج أخيه. وفاته حرقت قلوبنا وكسرتنا. راح سليمان ضحية الحرب. والدنا متوف. وكونه يتيم، استدان المال كي يؤمن تكاليف السفر، وفي ليبيا تعرض للخطف ما اضطرنا لبيع قطعة أرض حتى يتم تحريره. هو في مقتبل العمر، لكنه لم يعرف من الحياة سوى المسؤولية والشقاء. عوضه الله جنات النعيم”.

 

آخر صورة قبل وفاة سليمان الحسين بساعات، هو الشخص المحاط باللون الأحمر. حصل مهاجر نيوز على الصورة من عائلته.
آخر صورة قبل وفاة سليمان الحسين بساعات، هو الشخص المحاط باللون الأحمر. حصل مهاجر نيوز على الصورة من عائلته.

وكانت السلطات الفرنسية أكدت أنها رصدت قارب المهاجرين المنكوب، بعد أن غادر حوالي الساعة الرابعة صباحا من شواطئ سانجات، وكان على متنه حوالي 60 شخصا، بحسب تصريحات المدعي العام في بولوني سور مير جيريك لو براس، لوكالة الأنباء الفرنسية.

وأضاف أن الضحية كان يبلغ من العمر 19 عاما، وتم إعلان وفاته في الساعة 5:24 صباحا، وأنه يجب إجراء تحقيقات الطب الشرعي “لتحديد أسباب الوفاة بشكل دقيق”. وأضاف أن رجلا يبلغ من العمر 33 عاما، من مواليد سوريا، “ألقي القبض عليه ووضع تحت الحجز بشبهة تنظيم المغادرة”.

وبشأن الجثمان تقول بشرى “علمنا أن جثمانه لا زال في المشفى. لدينا عمّ يعيش في بلجيكا لكننا لا نتواصل معه بشكل مباشر، علمت أن سليمان كان يتواصل معه خلال فترة السفر، وأنه ذهب إلى مشفى في شمال فرنسا لأخذ عينات منه للتأكد من صلة القرابة عبر تحليل الـDNA قبل أسبوع، وأن ذلك يستغرق 15 يوما. علينا الانتظار أيضا كي نتمكن من معرفة مصير جثمانه”.

وممن رافقوه خلال الرحلة المأساوية التي أودت بحياته شاب من منبج، يدعى عبد الرحمن، عمره 35 عاما، وشاب آخر محمد نور (18 عاما)، من القنيطرة برفقة آخرين. يقول عبد الرحمن إنه “ترك سوريا في سبيل معالجة أخيه، هو الآن في البراد، جاء عمه لاستلامه ولم يستطع، ربما هم بحاجة لإثبات صلة القرابة”.

ويفصل في الحادثة “كنا تقريبا 80 شخصا في البلم (القارب المطاطي)، صعد الناس وهو معهم لكن صعدوا فوقه كان رأسه للأسفل، والمهربون يرمون الناس بسرعة وبعنف. طول القارب 8 أمتار. تكدس الناس فوقه فلم يتحمل الضغط. ولو انطلق القارب، لكانت هناك المزيد من الوفيات ربما، إلا أننا رفضنا وقلنا إننا نريد الهبوط وبعد ذلك تم الانتباه إليه. كنا لا زلنا على الشاطئ. ولم نحاول ولا محاولة بعد هذه المرة المأساوية”.

ويضيف “الشباب (المهاجرون) أنزلوه وحاولوا إنعاشه، ثم جاءت الشرطة وأخذته وأخذتنا وحققوا معنا 12 ساعة. ما نريده هو تقديم أي مساعدة لأهله أو لجثمانه، أي مساعدة مطلوبة، عائلته بحاجة للدعم”.

كما قال *لؤي وابنته *تالا اللذان كانا أيضا برفقته “رأينا سليمان، ونحن نعرفه بالشكل ولم نتحدث معه، كنا كثر، الناس صعدوا بشكل عشوائي، لم نعرف أن هناك شخصا قد توفي حتى نزلنا من القارب، هذه كانت ثاني محاولة له لركوب البحر”.

وعشية يوم المأساة، تجمع نحو 500 شخص في مدينة كاليه “للاحتجاج على السياسة العنيفة والمميتة على الحدود الفرنسية البريطانية”.

ومن بين المشاركين، المهاجرون الذين رافقوه في الرحلة المميتة وذكرو اسمه وتم “الوقوف دقيقة صمت تكريما وإحياء لذكرى حياة الشاب” سليمان. وأقام رفاقه صلاة الغائب حدادا على روحه.

وتتهم منظمات حقوقية السياسات المتبعة في فرنسا والمملكة المتحدة “بعسكرة الحدود والسواحل”، وتنتقد “افتقار للإدارة لدى الحكومتين في البلدين لشرح كيف يؤدي هذا التحول بالسياسة، أي العسكرة، إلى زيادة عدد القتلى على الحدود”.

وبحسب أحدث تقرير صادر عن محافظة با دو كاليه، لقي 77 مهاجرا حتفهم في عام 2024 أثناء محاولتهم الوصول إلى المملكة المتحدة على متن “قوارب صغيرة”. رقم قياسي منذ بدء ظاهرة الهجرة عبر بحر المانش في عام 2018.

في المقابل، سجلت المنظمات الإنسانية وفاة 89 مهاجرا على ساحل شمال فرنسا في عام 2024، بما في ذلك الوفيات على البر، التي تنجم بشكل رئيسي عن حوادث مميتة يتعرض لها المهاجرون الذين يحاولون الاختباء في الشاحنات التجارية المتجهة إلى بريطانيا.

وتنقل المنظمات أن “هذا العدد المتزايد من القتلى لا يعكس الحقيقة الكاملة للوضع المدمر على الحدود، حيث لا يزال هناك العديد من الأشخاص الآخرين في عداد المفقودين. ولا تزال العديد من العائلات تبحث وتنتظر أخبارا عن أبنائها وبناتها وإخوانها وأخواتها”.

 

نشر مهاجر نيوز صور الشاب المتوفي بعد الحصول على موافقة عائلته

 

*اسم مستعار

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى