
بين السلاح والتعليم.. المقاتلون يفكرون بالمستقبل
مع انتهاء الحرب في سوريا وسقوط نظام الأسد، أعلنت إدارة العمليات العسكرية حل الفصائل المقاتلة والبدء في تشكيل نواة جيش وطني موحد. وبدأت وزارة الدفاع السورية إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية، حيث عُيِّن عدد من الضباط في مناصب جديدة ضمن الوزارة، فيما تستمر قوات الأمن العام بحملات ضبط الأمن، وملاحقة تجار المخدرات والمطلوبين، إضافة إلى تصفية فلول نظام الأسد.
في ظل هذه التطورات، تحدث عدد من المقاتلين لموقع تلفزيون سوريا عن طموحاتهم بعد سقوط النظام، حيث يتطلع البعض إلى الاستمرار في العمل العسكري ضمن الجيش الجديد، بينما يسعى آخرون للعودة إلى حياتهم المدنية وإكمال تعليمهم.
محمد، شاب في العشرينيات من عمره، حمل السلاح بعد أن فقد أفرادًا من عائلته جراء قصف النظام وروسيا. لم تسنح له فرصة إكمال تعليمه، لكنه اليوم يرى أن الجيش الوطني الجديد يمكن أن يمنحه فرصة التدريب والتطوير. رغم تعبه من سنوات القتال، إلا أن نشوة النصر تخفف من إرهاقه، متمنياً أن يتحول الجيش إلى مؤسسة نظامية ذات كفاءة.
أما سامر، وهو مقاتل في أواخر الأربعينيات، فيبدي تحفظه على استمراره في الجيش، رغم تفهمه لأهمية التغيير. سبق له الخدمة في جيش النظام المخلوع، ويدرك التحديات التي تواجه بناء جيش منظم، لكنه يرى في هذه الخطوة فرصة لتغيير صورة الجيش في عيون السوريين، ليكون حاميًا للشعب وليس أداة قمع كما كان في عهد الأسد.
من جانبه، أسعد، الذي كان يحلم بدراسة الهندسة قبل أن تجبره الحرب على حمل السلاح، يتطلع اليوم إلى إعادة بناء حياته. ورغم صعوبة العودة إلى مقاعد الدراسة، إلا أنه يأمل بالحصول على تدريب مهني يمكنه من بناء مستقبل جديد، مؤكداً أن الحرب أنهكت السوريين، وأن بناء الأوطان يحتاج إلى عقول متفتحة وليس عقليات انتقامية.
واقع مختلف عن التوقعات
تفاجأ الكثير من المقاتلين عند دخولهم مدن الساحل السوري والعاصمة دمشق، حيث كانوا يتوقعون مواجهة قوات كبيرة للنظام، لكن بدلاً من ذلك وجدوا سكانًا مرهقين من الحرب، لا يختلف حالهم عن بقية السوريين.
جميل، أحد المقاتلين، أُصيب بالدهشة عندما رأى تردي الخدمات في الساحل السوري، على عكس ما كان يُروج له بأن هذه المناطق كانت في وضع اقتصادي جيد. اكتشف أن سكان الساحل يعانون الفقر والحرمان، مؤكداً أن النظام المخلوع لم يكن سوى سلطة استبدادية فشلت في إدارة البلاد، وجعلت جميع السوريين ضحايا لحربه.
ومع تواصل عمليات إعادة بناء المؤسسات في سوريا الجديدة، يتطلع الجميع إلى مستقبل أكثر استقرارًا، حيث تصبح البلاد لكل السوريين، بعيدًا عن الطائفية والانقسامات التي حاول النظام تكريسها.



