
التشييع بين التجارة والرفض الشعبي.. هلاك نصرالله مختبئا في نفق يفقده الرمزية
قبل 48 ساعة من موعد تشييع قادة حزب الله، وعلى رأسهم حسن نصرالله وهاشم صفي الدين، تشهد الأسواق الشعبية والصفحات التجارية استنفارًا واضحًا، حيث تحولت الضاحية الجنوبية وطرق الجنوب إلى سوق مفتوح للمنتجات المرتبطة بالمناسبة، في استغلال تجاري واضح من قبل التجار والمستفيدين.
لكن اللافت في هذه المناسبة، هو الرفض الشعبي المتزايد الذي يواجه التشييع، حيث لم يتمكن الحزب من فرض رمزيته المعتادة، خاصة بعد تأكيد مقتل نصرالله داخل نفق أثناء اختبائه، وليس على الجبهات كما يروّج.
التشييع.. بين الاستغلال التجاري والرفض الشعبي
لم تعد مناسبات حزب الله مجرد لحظات رمزية، بل تحولت إلى فرص اقتصادية، حيث تسابق التجار فور إعلان الحزب عن شعار التشييع “إنّا على العهد باقون” إلى فتح صفحات تجارية جديدة وبيع الملابس والإكسسوارات التي تحمل صور نصرالله وصفي الدين، بينما بدأت البسطات تنتشر في الأسواق لبيع القمصان السوداء، والأعلام، والكوفيات، والرايات الخاصة بالحزب.
وفي ظل هذا المشهد، يرى كثيرون أن التشييع فقد معناه الحقيقي، فبدلًا من أن يكون حدثًا سياسيًا وشعبيًا موحدًا، بات مناسبة تجارية مكشوفة تستفيد منها فئة محددة من التجار، فيما يعكس تراجعًا واضحًا في التأييد الشعبي للحزب.
▪️ليست النجف ولا كربلاء إنه مطار بيروت
▪️بالمناسبة منذ قليل تواصلت مع صديق لي من الطائفة الشيعية الكريمة رفيق قديم أيام الجامعة،
مستفسراً منه على حفلة الجنون هذه!!▪️قال لي حرفيًا
ريمون، صرت أخجل من حالي أن اقول أمام الناس أنا شيعي
قلتلو وأنا متلك صرت اخجل بهم
كلبنانيين 😔 pic.twitter.com/nny9RTfsBd— Raymond Hakim (@RaymondFHakim) February 20, 2025
رفض شعبي متزايد..
في السنوات الماضية، كان الحزب قادرًا على حشد الجماهير في مناسبات مماثلة، لكن اليوم، الوضع مختلف تمامًا. فالمشهد في الضاحية والجنوب يشير إلى حالة فتور وعدم اكتراث من قبل الشارع، حيث أن كثيرين باتوا يرفضون الانخراط في التشييع أو التفاعل معه، خاصة بعد انتشار التقارير المؤكدة حول مقتل نصرالله داخل نفق أثناء اختبائه.
هذا المشهد يتناقض مع الرواية التي حاول الحزب ترسيخها لعقود عن قادته، حيث كان يقدمهم على أنهم في مقدمة الجبهات والمواجهات، لا مختبئين تحت الأرض. ومع تداول هذه المعلومات، باتت هناك حالة رفض وسخرية من طريقة مقتله، مما أفقد التشييع رمزيته وتأثيره المعهودين.
الانقسام في الشارع الشيعي
لم يقتصر الرفض الشعبي على المعارضين لحزب الله، بل امتد إلى الشارع الشيعي نفسه، حيث أصبح هناك تيار داخلي ينتقد الحزب ويرى أن تشييعه تحول إلى حدث استعراضي يخدم مصالح قياداته أكثر مما يعكس إرادة شعبية حقيقية.
البعض بات يرى في شعارات الحزب مجرد كلمات مكررة لا تعكس واقعًا حقيقيًا، فيما يؤكد آخرون أن مقتل نصرالله بهذه الطريقة أضعف الحزب معنويًا، وجعل من الصعب إقناع الناس بالاستمرار في دعمه بنفس الحماسة السابقة.
في ظل الأزمات الاقتصادية الخانقة التي يعيشها اللبنانيون، والانقسامات داخل البيئة الشيعية نفسها، يبدو أن التشييع هذه المرة لن يكون كسابقاته، فالمشهد لم يعد يقتصر على اللطميات والهتافات، بل بات هناك أسئلة جدية تُطرح حول مصير الحزب ومستقبله، خاصة بعد خسارته لأبرز قياداته بهذه الطريقة المهينة.


