من هم “وحوش” مجازر حي التضامن؟

مجرمون طلقاء وملفات جديدة تكشف حجم الفظائع

لم يكن أمجد يوسف، مرتكب مجزرة التضامن، مجرد عنصر عادي في الفرع 227 التابع للمخابرات العسكرية، بل كان منفذًا بارزًا لمجازر ممنهجة، وفق وثائق اطلع عليها الباحث علي الجاسم بعد سقوط نظام الأسد.

إحدى الوثائق كشفت أن يوسف كان “يؤدي واجبه على أكمل وجه”، فيما أشارت أخرى إلى رئيسه المباشر، جمال إسماعيل، الذي تحول إلى نجم في الفرع، نظير دوره في المجازر، ليُكلف لاحقًا بمهام حساسة، مثل تقييم الأسلحة الروسية الواردة إلى سوريا.

لكن يوسف لم يكن الوحيد، إذ تكشف الوثائق وشهادات الناجين عن تورط قيادات أخرى، مثل منذر الجزائري، سومر وعماد محمد المحمود، فادي صقر، وصالح الراس (أبو منتجب)، الذين نفذوا مجازر مماثلة بحق المدنيين في التضامن وجنوب دمشق.

مقابر جماعية وإعدامات ميدانية موثقة بالفيديو

عام 2022، نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية تحقيقًا كشف بالأدلة المصورة عن جرائم حرب نفذها أمجد يوسف، حيث تم استدراجه للاعتراف بتفاصيل المجازر عبر محادثات مرئية. الفيديوهات أظهرت كيف كان الجناة يقودون الضحايا إلى حفر الإعدام، ثم يطلقون النار عليهم قبل حرق جثثهم، بدم بارد وبدون أي تردد.

في وثيقة ثالثة تعود لعام 2019، طُرحت مسألة “إيجاد حل للمقابر الجماعية” في التضامن، ما يؤكد أن الجرائم لم تكن تصرفات فردية، بل إجراءات ممنهجة بتنسيق مباشر بين قيادات أمنية وعسكرية.

تورط قيادات عليا في النظام السابق

إلى جانب أمجد يوسف، برزت أسماء أخرى كانت على صلة مباشرة بالقصر الجمهوري، مثل جمال الخطيب، نجيب الحلبي (أبو وليم)، فادي صقر، وعلي ونوس. صقر، الذي كان قائد ميليشيا الدفاع الوطني في دمشق، متهم بتنفيذ وطمس معالم المجازر عبر تفجير الأبنية لدفن الجثث تحت الأنقاض.

السلطات الجديدة في دمشق لم تصدر حتى الآن أي توضيح حول مصير هؤلاء المجرمين، رغم الغضب الشعبي والمطالبات بمحاسبتهم.

إجراءات جزئية ومجرمون أفلتوا من العقاب

في الأسابيع الأخيرة، أُعلن عن اعتقال ثلاثة أشخاص متورطين في المجازر، لكن خبراء مثل أونجر والجاسم يشككون في نزاهة الاعترافات والإجراءات المتخذة، معتبرين أنها قد تكون محاولة لامتصاص الغضب الشعبي دون محاسبة حقيقية للمسؤولين الأساسيين.

في المقابل، شهدت بعض المحاكم الدولية تحركات لملاحقة المتورطين، كما في حالة أحمد الحمروني، الذي حكم عليه في ألمانيا بالسجن 10 سنوات بعد إدانته بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

بينما تتواصل التحقيقات، يبقى السؤال الأهم: هل سيتم محاسبة كل المتورطين في مجازر التضامن، أم أن بعضهم سيظل طليقًا بفضل صفقات سياسية أو تواطؤ داخلي؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى