
موقف مشايخ عقل الدروز من السلطة السورية وزيارة الوفد إلى إسرائيل
اختلاف داخل الطائفة الدرزية حول زيارة الوفد إلى إسرائيل في ظل التوترات السورية
أثارت زيارة وفد من حوالي 100 رجل دين درزي من محافظة القنيطرة إلى إسرائيل في 14 مارس 2025 جدلاً واسعاً بين مؤيد ومعارض، خاصةً في ظل توقيت حساس في سوريا يشهد أزمة سياسية وأمنية متفاقمة. ففي تصريح للإذاعة، أكد شيخ أبو أسامة يوسف جربوع، زعيم مشايخ عقل الطائفة الدرزية، أن الزيارة تبقى بحتة دينية، محذرًا من استغلالها لتحقيق أهداف سياسية، مشيرًا إلى أن بعض الجهات في السويداء تسعى لفصل الدروز عن محيطهم العربي والإسلامي.
وفي هذا السياق، أعرب الشيخ موفق طريف، الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز في إسرائيل، عن أمله في أن تفتح الزيارة باب التفاهم بين الطوائف المختلفة، مؤكدًا أنها “يوم عيد للطائفة”، مبدياً اعتقاده بأن الهدف الأساسي هو حماية أبناء الطائفة دون أن يتداخل الأمر مع سياسات خارجية.
وفي تصريحات منفصلة، وجه الأكاديمي والكاتب الصحفي مهيب صالحة انتقادات لاذعة بشأن توقيت الزيارة، إذ وصفها بأنها “زيارة دينية بحتة” لكنها جاءت في وقت غير مناسب نظرًا للأزمة السياسية والأمنية التي تعصف بسوريا، خاصة مع تصاعد الخطاب الذي ينبعث من بعض مشيخة العقل في السويداء تجاه الحكومة في دمشق. وأضاف صالحة أن الزيارة لا تمثل جميع رجال الدين في المنطقة بل تقتصر على أبناء جبل الشيخ، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والديني في البلاد.
من جهة أخرى، أكد الأمين العام لحزب اللواء السوري في السويداء، مالك أبو الخير، أن هذه الزيارة لها أهمية كبيرة بعد انقطاع دام خمسين عاماً، وقد تكون خطوة تمهيدية نحو إعادة رسم علاقات سوريا وإسرائيل، مشيرًا إلى أن زيارة الطائفة إلى إسرائيل تُعد “زيارة دينية علنية” تهدف لزيارة مقام النبي شعيب، وهو حق طبيعي لأبناء الطائفة نظرًا لقدسية الموقع. وأضاف أبو الخير أن الزيارة قد تساهم في تعزيز العلاقات بين إسرائيل والدروز، لا سيما وأن عددًا كبيرًا من الدروز في إسرائيل يشغلون مناصب رفيعة في الجيش والشرطة، فيما كانت إسرائيل قد قدمت دعمًا لحقوق الأقليات السورية بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد.
تأتي هذه التطورات وسط مشهد سياسي داخلي متقلب في سوريا، حيث لا يزال الحوار حول مستقبل الدولة يجري على عدة جبهات، ويشهد الشعب السوري تحديات كبيرة تتعلق بتحقيق الوحدة الوطنية في ظل الأزمات الأمنية والاضطرابات السياسية. وفي ظل هذا الواقع، يبدو أن الطائفة الدرزية تحاول أن تجد لنفسها موطناً وسط تعقيدات السياسة المحلية والإقليمية، مؤكدة تمسكها بسوريا ومواطنتها، ورافضة لأي تدخلات خارجية قد تُستغل لإحداث انقسامات داخلية.
يبقى السؤال قائمًا: هل ستساهم هذه الزيارة في تقريب وجهات النظر بين مختلف مكونات المجتمع السوري، أم أنها ستبقى مجرد خطوة رمزية تُستخدم لتحقيق أجندات سياسية لا تمت للروح الدرزية بصلة؟ الوقت وحده كفيل بالإجابة على هذا السؤال وسط تحديات وإرهاق نابع من سنوات من الصراعات والانقسامات.
؟
؟
مصدر