تراجع ملحوظ في معدلات الزواج بسوريا وسط تحديات اقتصادية واجتماعية

أفادت مصادر من المحكمة الشرعية في دمشق لـ«القدس العربي» بأن معدلات الزواج شهدت انخفاضًا إضافيًا بنسبة تصل إلى 25% مقارنة بالفترة التي سبقت سقوط النظام. يأتي ذلك رغم إلغاء شرط إنهاء الخدمة الإلزامية وإزالة مبرر حالات “الزواج المكتوم”، في ظل ظروف غير مستقرة على مستوى البلاد.

تُعزى هذه الظاهرة إلى عدة عوامل أساسية، منها:

  • تراجع فرص العمل وارتفاع معدلات البطالة: أدت الأوضاع الاقتصادية المتردية إلى عزوف الشباب عن الزواج، حيث يسعى عدد كبير منهم للهجرة بحثًا عن فرص عمل أفضل.
  • التكاليف الباهظة للزواج: لم تشهد قيمة المهور أي انخفاض ملموس، بل أصبحت واحدة من أبرز معوقات الزواج؛ إذ تُسجل المهور الآن بـ”الليرات الذهبية” التي يتراوح سعر الغرام الواحد منها حوالي 85 دولارًا، مما يجعل تكلفة الزواج عبئًا ثقيلًا على الشباب.

وفقًا للمصادر، كانت المحكمة الشرعية في دمشق تسجل قبل سقوط النظام حوالي 100 معاملة زواج يوميًا، فيما انخفض العدد إلى 75 معاملة يوميًا في الفترة الحالية. وهذا يعني تراجع المعدل السنوي من نحو 26 ألف حالة إلى حوالي 19.5 ألف حالة زواج.

كما أشارت إحصائيات المكتب المركزي للإحصاء إلى أن عدد سكان سوريا، داخلها وخارجها، وصل إلى حوالي 28.24 مليون نسمة بحلول منتصف عام 2023، فيما تبلغ أعداد سكان العاصمة وأكثر من مليوني نسمة، في حين يتجاوز عدد سكان الأرياف المجاورة 6.5 مليون نسمة. ويُضاف إلى ذلك الضغط الذي تتعرض له المحكمة الشرعية في دمشق، إذ يقوم معظم سكان الريف بتسجيل عقود زواجهم هناك.

يُذكر أن حالات “الزواج المكتوم” – أي الزواج غير المسجل رسميًا – كانت تُقدر بحوالي 4% قبل سقوط النظام. ومع مرور الوقت، تفاقمت هذه الحالات خاصةً مع تسجيل المواليد في ظروف غير رسمية، ما يخلق مشاكل قانونية واجتماعية في حال وفاة أحد الوالدين.

على صعيد آخر، لفت المحامي المعروف فواز خوجة الانتباه إلى أن ارتفاع قيمة المهور يشكل عبئًا إضافيًا؛ فقد سجلت بعض المهور في المحكمة الشرعية بقيمة تصل إلى 50 ليرة ذهبية، وفي حالات نادرة تصل إلى 1000 ليرة ذهبية، أي ما يعادل حوالي 675 ألف دولار، مما يثقل كاهل الشباب الذين يسعون لتكوين أسر مستقرة.

وفي مقابلات مع عدة شباب، أكد سالم الحاصل على شهادة دكتوراه في الاقتصاد، أن مدخراته ذهبت في دفع بدل الخدمة الإلزامية التي بلغت 8 آلاف دولار، مما حال دون تمكنه من الزواج. كما صرح زاهر، موظف حكومي، بأنه بحاجة إلى مبلغ يقارب 50 مليون ليرة لتغطية تكاليف الزواج، وهو مبلغ لا يتناسب مع راتبه المحدود. وأكد شاب آخر يُدعى يوسف أنه سيحتاج لعشر سنوات قبل أن يستطيع الزواج، في ظل الظروف المالية الصعبة التي يعاني منها الشباب.

يبدو أن انخفاض معدلات الزواج يعكس تغيرًا اجتماعيًا عميقًا في سوريا، حيث تتشابك العوامل الاقتصادية والاجتماعية لتؤخر خطوة الزواج، مما قد يؤدي إلى تغيرات طويلة الأمد في الهيكل السكاني والمجتمعي للبلاد.

؟

مصدر

؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى