إيران تصعّد تحركاتها في سوريا.. دعم للفلول وتحريض طائفي بعد فشل مخطط الساحل

تعمل إيران على توسيع نطاق نفوذها عبر التواصل مع شخصيات من النظام السابق، إضافة إلى تقديم الدعم لعناصر متبقية من القوات الموالية له، وبعض المجموعات الكردية والعلوية المعارضة للحكومة الجديدة. وتكشف هذه التحركات عن استراتيجية تهدف إلى عرقلة جهود ترسيخ الحكم الجديد وضمان استمرار حضورها في سوريا رغم التحديات المتزايدة.

تصريحات المرشد الإيراني علي خامنئي الأخيرة، التي دعا فيها السوريين لمواجهة الحكومة الجديدة، جاءت في وقت حساس تعكس فيه طهران حالة من الإحباط غير المسبوق. وعلى الرغم من معرفة السوريين بتداعيات مثل هذه التصريحات، فإن إيران لا تزال تسعى لاستغلال الوضع الراهن عبر دعم مجموعات معينة داخل سوريا لتعزيز مصالحها.

في الوقت نفسه، تتزايد المؤشرات على أن إيران قد تلجأ إلى استخدام تحالفاتها الإقليمية، خاصة مع الميليشيات العراقية واللبنانية، لتعزيز موقفها في سوريا. كما أن التحريض الطائفي الذي تمارسه طهران، عبر دعم أطراف علوية وكردية محددة، يزيد من تعقيد الأزمة ويفاقم حالة عدم الاستقرار في البلاد، ما ينعكس سلباً على المنطقة ككل.

تصعيد إعلامي وتحريض طائفي
في إطار حملتها الإعلامية، صعدت إيران من خطابها الطائفي، حيث صرّح مسؤولون إيرانيون بارزون بأن سوريا ستشهد “مقاومة جديدة” ضد ما وصفوه بـ “الاحتلال”. ويبدو أن هذه التصريحات لا تهدف إلا إلى تأجيج الفتنة وتحريض بعض الفئات داخل المجتمع السوري لتحقيق أجندات طهران الخاصة.

من جهة أخرى، روج الإعلام الإيراني، عبر وكالاته الرسمية، لادعاءات بأن هناك مخططاً يستهدف الشيعة في سوريا، في محاولة واضحة لخلق مبررات جديدة لتدخلاتها. كما نشرت وسائل الإعلام الإيرانية تقارير زعمت فيها أن الحكومة السورية تمارس “التطهير العرقي” ضد الموالين لطهران، وهو ما يتماشى مع نهجها المعتاد في استخدام الطائفية كأداة لبسط النفوذ.

الدور العسكري واستمرار تهريب السلاح
ورغم الخطاب الإعلامي، فإن الحقائق على الأرض تشير إلى استمرار دعم إيران للمجموعات المسلحة، حيث ضبطت قوات الأمن السورية مؤخراً شحنات كبيرة من الأسلحة الإيرانية الصنع في ريف حمص، وهو ما يؤكد استمرار طهران في تسليح مجموعات موالية لها.

إلى جانب ذلك، أقر الإعلام الإيراني بأن طهران تدعم فلول النظام عسكرياً، مشيراً إلى أن ما يسمى بـ “المقاومة الشعبية” في الساحل السوري تلقت مساعدات إيرانية مباشرة لتعزيز وجودها. كما كشفت تصريحات رسمية عن تشكيل “جبهة المقاومة الإسلامية” في سوريا بدعم إيراني، وهي خطوة تعكس رغبة طهران في ترسيخ نفوذ طويل الأمد داخل الأراضي السورية.

إعلام إيران يتبنى خطاب الفلول
لم يقتصر الدعم الإيراني على الجانب العسكري فقط، بل امتد ليشمل التغطية الإعلامية والترويج لروايات الفلول المناهضة للحكومة السورية. فقد أجرت وسائل إعلام إيرانية مقابلات مع شخصيات مرتبطة بالتمرد المسلح في الساحل السوري، في خطوة تهدف إلى تصوير هذه التحركات على أنها “مقاومة شعبية”، بينما هي في الواقع محاولات لضمان استمرار الفوضى في البلاد.

كما روج الإعلام الإيراني لتقارير تتحدث عن عمليات مسلحة ضد الجيش السوري الجديد في اللاذقية وطرطوس، زاعماً أن هذه العمليات أدت إلى “انتصارات” للمتمردين. ويكشف هذا التوجه الإعلامي عن مساعي إيران لإضفاء الشرعية على نشاطات المجموعات الموالية لها، رغم تأثيرها السلبي على الاستقرار في سوريا والمنطقة بأكملها.

تحاول طهران اليوم توظيف الفلول والأطراف المعارضة للحكومة الجديدة في سبيل فرض نفوذها، مستخدمةً أدوات عسكرية وإعلامية لتحقيق ذلك. ويبدو أن الهدف الأكبر لهذه التحركات هو خلق حالة من الانقسام داخل سوريا، في محاولة لتشكيل منطقة نفوذ طائفية تضمن استمرار ارتباطها بالمحور الإيراني.

في ظل كل هذه التطورات، يتضح أن إيران لم تستسلم لخسائرها في سوريا، بل تسعى لإعادة ترتيب أوراقها عبر دعم المتمردين وتوظيف الدعاية الإعلامية الطائفية، مما يهدد مستقبل سوريا ويزيد من تعقيد المشهد السياسي والأمني فيها.

؟

؟

متابعة مصدر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى