
المساعدة على الموت : مشروع قانون جديد في فرنسا
تطورات تشريعية ونقاشات مجتمعية حادة
تخوض فرنسا حالياً نقاشاً مجتمعياً وسياسياً واسعاً حول مشروع قانون جديد يهدف إلى تقنين “المساعدة على الموت” للأشخاص في نهاية حياتهم. هذا المشروع، الذي أُقر في لجنة الشؤون الاجتماعية بالجمعية الوطنية في 2 مايو 2025، يُعد تحولاً كبيراً في السياسة الصحية والأخلاقية للبلاد.
أبرز ملامح مشروع القانون
يُحدد مشروع القانون شروطاً صارمة للحصول على المساعدة على الموت، تشمل:
-
أن يكون الشخص بالغاً (18 عاماً أو أكثر).
-
أن يكون فرنسياً أو مقيماً بشكل قانوني ومستقر في فرنسا.
-
أن يكون مصاباً بمرض خطير وغير قابل للشفاء، يهدد الحياة على المدى القصير أو المتوسط، وفي مرحلة متقدمة أو نهائية.
-
أن يعاني من آلام جسدية أو نفسية لا يمكن تخفيفها وتُعتبر غير محتملة.
-
أن يكون قادراً على التعبير عن إرادته بشكل حر ومستنير.
يُتيح النص للمريض أن يختار بين تناول المادة المميتة بنفسه أو أن تُعطى له من قبل محترف صحي في حال عدم قدرته على القيام بذلك. يمكن تنفيذ الإجراء في المنزل، أو في المستشفى، أو في دور رعاية المسنين. ويُمنح العاملون في المجال الصحي حق “الاعتراض الضميري”، مما يسمح لهم برفض المشاركة في الإجراء، مع التزامهم بتوجيه المريض إلى زميل آخر يقبل بذلك.
نقاشات حادة
أثار مشروع القانون جدلاً واسعاً بين مختلف الأطراف السياسية والمجتمعية. فقد أعرب وزير الداخلية، برونو ريتايو، عن معارضته الشديدة للنص، معتبراً أنه “يفتح الباب أمام تجاوزات خطيرة” ويُعد “تخلياً عن المرضى في معاناتهم” . في المقابل، دافع كل من المغنية لين رينو ورئيس الوزراء السابق غابرييل أتال عن المشروع، مؤكدين على ضرورة احترام إرادة المرضى وتخفيف معاناتهم.
من المقرر أن يبدأ النقاش العام حول مشروع القانون في الجمعية الوطنية في 12 مايو 2025، ويُتوقع أن يستمر لمدة أسبوعين، مع تصويت رسمي مقرر في 29 مايو 2025.
يأتي هذا المشروع استجابةً لتوصيات “الاتفاقية المواطنية حول نهاية الحياة” وآراء اللجنة الوطنية الاستشارية للأخلاقيات. كما يُعد استكمالاً لقانون “كلايس-ليونتي” لعام 2016، الذي يُجيز التخدير العميق والمستمر حتى الوفاة، لكنه لا يُشرّع القتل الرحيم أو الانتحار بمساعدة.
في مارس 2024، أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون عن مشروع قانون يُقسم إلى شقين: الأول يتعلق بتقنين المساعدة على الموت، والثاني يهدف إلى تعزيز خدمات الرعاية التلطيفية، مع تخصيص استثمارات تزيد عن مليار يورو على مدى عشر سنوات لتحسين هذه الخدمات.
المخـــــــــاوف
على الرغم من الدعم الذي يحظى به المشروع من بعض الجهات، إلا أن هناك مخاوف من أن يؤدي إلى “تطبيع” فكرة المساعدة على الموت، خاصة في ظل نقص خدمات الرعاية التلطيفية في بعض المناطق. ويُحذر البعض من أن يُشكل القانون ضغطاً غير مباشر على المرضى الضعفاء أو كبار السن، خاصة في غياب دعم اجتماعي أو عائلي كافٍ.
يُعد مشروع قانون “المساعدة على الموت” في فرنسا خطوة جريئة نحو إعادة تعريف نهاية الحياة وحقوق المرضى. ومع اقتراب موعد التصويت، يبقى السؤال مفتوحاً حول ما إذا كانت فرنسا ستنضم إلى الدول التي شرّعت هذا النوع من المساعدة، أم ستُفضل تعزيز الرعاية التلطيفية كبديل أكثر أماناً وأخلاقية.
؟
مرهف مينو – باريس – خاص