خلاف داخل البيت الأبيض حول تخفيف العقوبات على سوريا: ترامب بين التعهد والواقع المعقد

تواجه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انقسامًا داخليًا بشأن آلية تنفيذ تعهده الأخير بتخفيف العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، والتي استمرت لعقود، وسط جدل حاد حول سرعة التنفيذ وشروطه، بحسب ما أفادت به صحيفة واشنطن بوست.

وجاءت هذه التحركات عقب إعلان ترامب عزمه إنهاء ما وصفه بـ”نصف قرن من العقوبات” المفروضة على دمشق، معتبرًا في بيان للبيت الأبيض أن هذا القرار يهدف إلى “الحيلولة دون تحول سوريا إلى دولة فاشلة ووضع حد للعنف المزمن”.

نهج متدرج أم رفع شامل؟

الخلاف داخل الإدارة يتمحور حول خيارين: الأول يدعو إلى التدرج في منح الإعفاءات، تبدأ بإجراءات مؤقتة ثم تُوسع تدريجيًا إذا ما استوفت الحكومة الانتقالية السورية شروطًا محددة، مثل تفكيك الجماعات الفلسطينية المسلحة ودمج قوات سوريا الديمقراطية في الجيش الوطني.

في المقابل، يرى معارضو هذا النهج أن الشروط قد تُعيق جذب الاستثمارات المطلوبة لإعادة الإعمار، خصوصًا في ظل معاناة أكثر من 90% من السوريين من الفقر.

ماكس بلوستاين، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، وصف نظام العقوبات بأنه “شبكة معقدة من القوانين”، مؤكدًا أن الإدارة تدرس “أكثر الطرق فاعلية لتنفيذ التخفيف دون المساس بالأمن القومي”. ومن المتوقع إعلان خطوات أولية للتخفيف يوم الجمعة أو الثلاثاء المقبل.

في جلسة استماع أمام الكونغرس، أعرب السناتور ماركو روبيو عن قلقه من احتمال انهيار الحكومة الانتقالية، محذرًا من اقتراب البلاد من “حرب أهلية شاملة”، وداعيًا إلى تنفيذ التخفيف بسرعة لكن بحذر. وأضاف أن بعض الشروط المطروحة، مثل نزع سلاح الجماعات أو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، “قد تكون مستحيلة التحقيق في الظروف الحالية”.

خارطة طريق ثلاثية

وثيقة داخلية لوزارة الخارجية كشفت عن خطة بثلاث مراحل: تبدأ بإعفاءات محدودة، ثم ترتبط بتحسين إدارة مراكز احتجاز مقاتلي تنظيم الدولة، وتنتهي بمرحلة ثالثة تشمل انضمام سوريا لاتفاقيات أبراهام وتطبيع العلاقات مع إسرائيل. لكن الخطة ووجهت بمعارضة من بعض المسؤولين، خصوصًا بسبب تصنيف “هيئة تحرير الشام” – التي تترأس الحكومة الانتقالية – كتنظيم إرهابي.

رغم الجدل السياسي، يعتبر بعض الخبراء أن التعاون مع الحكومة الانتقالية، رغم تعقيداتها، قد يشكل الوسيلة الوحيدة لمنع عودة الجماعات المتطرفة. وقال مصطفى، من منظمة “الطوارئ السورية”، إن استمرار الفراغ قد يُعيد تنظيمات خطيرة إلى الواجهة، داعيًا لتطبيق إطار يسمح بتنفيذ وعد ترامب دون المساس بالمصالح الأمنية الأمريكية.

يُذكر أن العقوبات الأمريكية على سوريا بدأت عام 1979، بسبب اتهامات بدعم جماعات مسلحة وبرامج أسلحة كيميائية، وتوسعت خلال العقود الماضية لتطال شبكات اقتصادية وشركات عالمية تتعامل مع النظام. وبينما تعاني سوريا من دمار واسع يتطلب مليارات الدولارات لإعادة الإعمار، فإن مسألة رفع العقوبات لا تزال رهينة التجاذبات السياسية داخل واشنطن.

؟

متابعة وترجمة مصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى