
المؤبد لعنصر ميليشياوي سوري في ألمانيا: إدانة عمار المزرعاني بجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب
في تطور قضائي لافت يعكس التزام ألمانيا بملاحقة مرتكبي الجرائم الدولية، أصدرت المحكمة الجنائية السادسة الإقليمية العليا في شتوتغارت، يوم الإثنين الماضي، حكمًا بالسجن مدى الحياة على المواطن السوري عمار علي المزرعاني (33 عامًا)، بعد إدانته بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في سوريا، شملت القتل والتعذيب والإخفاء القسري والحرمان من الحرية، إضافة إلى الاعتداء على المدنيين والممتلكات.
خلفية القضية
المزرعاني، الذي اعتُقل في ولاية بادن-فورتمبيرغ في ديسمبر/كانون الأول 2023، كان عنصرًا قياديًا في ميليشيا محلية موالية لحزب الله في مدينة بصرى الشام بين عامي 2012 و2014، حيث شارك في مداهمات عنيفة استهدفت منازل المدنيين، وعمليات تعذيب، وجرائم قتل، وسرقة ممتلكات، بحسب ما نقل موقع المحكمة الرسمي.
في إحدى الهجمات التي قادها بنفسه، أصدر أمرًا بإحراق أحد المنازل، وقام أفراد مجموعته بإطلاق النار على شاب أعزل وقتله أمام عائلته. وفي حادثة أخرى عام 2013، اعتقل مع مجموعته ثلاثة مدنيين واعتدوا عليهم بالضرب قبل تسليمهم للمخابرات، حيث تعرضوا لتعذيب وحشي داخل السجن.
المحكمة اعتبرت أن الجرائم التي ارتكبها المزرعاني لم تكن أحداثًا معزولة، بل جزء من هجوم واسع ومنهجي من قبل النظام السوري وميليشياته ضد المدنيين، وهو ما يندرج ضمن تعريف “الجرائم ضد الإنسانية” وفق القانون الجنائي الدولي. وأشارت إلى أن النظام، منذ عام 2011، اعتمد بشكل متزايد على الميليشيات الشيعية التي تصرفت بسلطة شبه مستقلة، وشاركت في الاعتقالات والتعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان.
الشهادة المفصلية: الطبيب محمد العيسى
من أبرز الشهادات التي دعمت القضية، شهادة الدكتور محمد العيسى، أحد ضحايا المزرعاني، الذي أكد أن الأخير كان من أبرز عناصر “الشبيحة” في بصرى الشام، وتلقى تدريبات في لبنان على يد “حزب الله”. وروى تفاصيل اقتحام منزله في 10 أبريل/نيسان 2013، واعتقاله وتعذيبه في أفرع المخابرات، قبل أن يتمكّن لاحقًا من الفرار إلى الأردن ثم ألمانيا.
العيسى لم يكن وحده، بل نجح في الوصول إلى ثلاثة ضحايا آخرين تواصلوا مع المحكمة، من بينهم شقيق الشاب محمود المبارك (21 عامًا)، الذي قُتل أمام والدته خلال اقتحام منزله. كما تم توثيق حالات تعذيب مروعة، شملت “الشبح” وإطفاء السجائر في أجساد الضحايا.
وقد حضر المحاكمة نحو 30 شاهدًا، بينهم خبراء وضحايا قدموا من ألمانيا، بلجيكا، هولندا، والبرازيل، مما عزز من قوة القضية.
حضور لافت من عائلة المتهم
المثير أن زوجة المزرعاني، نهى الحميدات، التي كانت مختطفة سابقًا عند تحرير بصرى الشام عام 2015، حضرت جميع جلسات المحاكمة وعددها 42 جلسة، إلى جانب شقيقة زوجها. وقد دافعتا عنه بشدة، متهمتين الشهود بالانتماء إلى “فصائل إرهابية”، بحسب ما ورد في محاضر المحكمة.
هذا الحكم، الذي يُعد انتصارًا للعدالة الدولية، يؤكد أن لا إفلات من العقاب، وأن جرائم الحرب لن تسقط بالتقادم، مهما طال الزمن أو تغيّرت الجغرافيا.
متابعة مصدر


