
في بلاغة المظاهرة..
قبل نحو العامين كنا نجهز لنشاط كبير في تير معلة يشترك فيه عدد من النشطاء الثوار. ويتم بثه مباشر. يومها حين وضعنا علما كبيرا من أعلام الثورة (علم الاستقلال السوري) ثار بعض الناشطين وأعلنوا عن رفضهم للعلم الذي يمثل الائتلاف والعلمانية ولكونه بعيد عن راية الله الحقيقية…!!!
واليوم في تلبيسة نتجمع ونتظاهر في مشهد يعيد إلى الأذهان صورة سوريا الثائرة في سنة 2011م. أحد النشطاء الذين كانوا قد رفضوا علم الاستقلال قبل عامين هو نفسه يعلن أنه لن يدخر جهدا في رفع العلم في كل مكان ممكن. وآخر يعلن أمام مشهد الجموع المتظاهرة حول الأعلام بأن ما من راية أجل وأصدق من علم الثورة السورية- علم الاستقلال.. أنهرهما بحدة مقرعا ومذكرا بموقفهما قبل عامين. ويأتيني جواب منهما في منتهى البلاغة:
– وما تنكر علينا؟ ضللنا الطريق وانحرفت الرؤية وكانت الأيام والتجارب القاسية الأليمة كفيلة بتصحيح أخطائنا…!
صحيح..! صحيح! من المألوف والطبيعي جدا أن تنحرف الثورات وأن تختطف وأن يتسلط عليها الأدعياء والمرتزقة الفاسدون وأصحاب الأهواء والأجندات الغريبة. لكن ليس من الطبيعي أبدا أن تموت الثورة..
واليوم في تلبيسة في ريف حمص الشمالي. كما في داريا كما في إدلب وريفها. كما في حلب وفي مناطق أخرى.. تهدر الحناجر مجلجلة وترتفع أعلام الاستقلال فقط واللافتات تماما كما كان يحصل في جمع الثورة في سنتها الأولى. لا لشيء إلا بسبب طبيعة ما يجري منذ خمس سنوات والذي بذلت جهود جبارة من قوى محلية وإقليمة ودولية لتصويره على أنه حربا أهلية وحركة أصولية متطرفة..!
المظاهرات عادت بقوة لأن الواقع السوري وكل ما يجري هو في جوهره ثورة شعب شجاع نبيل ضد نظام فاسد مجرم متعفن…
ولسان حال المظاهرات وهتافاتها هي ضمير الثورة وفكرها:
واحد واحد واحد. الشعب السوري واحد.
سوريا حرة حرة والأسد يطلع برا…
واللي بيقتل شعبه خاين..
وغيرها من هتافات عكست الواعي الجماهيري المناهض لما يبيت لسوريا من إطالة عمر النظام ومن مخططات لتقسيم البلاد ومن محاولات لشرعنة احتلالها..
لكن يبقى الهتاف المجلجل الخالد هو الأكثر شعبية في تاريخ سوريا والعرب الحديث:
(الشعب يريد إسقاط النظام..).
وعلى خطا ثورة لا تخمد لشعب لا يموت.. سيبقى راسخا في الضمائر والأفئدة شوق سوريا الجارف إلى الحرية والكرامة.. وعسى أن يكون الفجر قريبا..
ابو تراب