الشرق الأوسط على حافة الانفجار : لبنان على حبل مشدود

تسير منطقة الشرق الأوسط على خيط رفيع، لا يحتمل الكثير من التردد. فالمشهد الإقليمي اليوم محكوم بثنائية حادة: إما الانزلاق نحو مواجهة عسكرية كبرى، أو تنازل إيراني بحجم الأزمة المتفاقمة. التصعيد بلغ ذروته، متقاطعًا مع الجولة التفاوضية المنتظرة بين واشنطن وطهران الأحد المقبل، وسط محاولات إسرائيلية حثيثة لإفشال الحوار والدفع نحو خيار القوة.

في واشنطن، كل الإشارات تميل إلى التصعيد. وقد يكون ذلك جزءًا من استراتيجية الضغط القصوى، لوضع إيران أمام خيار وحيد: التنازل أو الحرب. وفي حال فشل المفاوضات، يبدو أن الضربة العسكرية لم تعد احتمالًا بعيدًا، بل خياراً مطروحاً بجدية.

أي عمل عسكري ضد إيران لن يبقى محصورًا داخل حدودها. حلفاؤها في الإقليم، من العراق إلى اليمن ولبنان، لن يقفوا مكتوفي الأيدي، كما أن إسرائيل لن تتوانى عن توسيع نطاق ضرباتها لتشمل هذه الأطراف. أما في حال نجحت المفاوضات، فالثمن سيكون باهظاً. فالمجتمع الدولي يُجمع على أن التهدئة لن تتم دون تنازلات جوهرية من طهران، ليس فقط في ملفها النووي، بل في صواريخها الباليستية، وشبكة نفوذها الإقليمي، ما يعني أن حلفاءها سيجدون أنفسهم أمام استحقاقات مصيرية.

وتكشف مصادر دبلوماسية أن الضغط الأميركي المتصاعد يهدف صراحة إلى إخضاع إيران وإجبارها على تقديم تنازلات هيكلية. وإذا لم تنجح أدوات الضغط، فإن الخيار العسكري سيكون جاهزاً على الطاولة.

لبنان في عين العاصفة

من بين دول المنطقة، يقف لبنان في موقع بالغ الحساسية. فحزب الله يراهن على أي تقارب أميركي–إيراني كفرصة لتثبيت موقعه وإضفاء شرعية جديدة على سلاحه، وهو رهانٌ يبدو غير واقعي في ظل الرسائل الأميركية الصارمة.

المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توم باراك، يحمل معه إلى بيروت هذه المرة ما يشبه “العرض الأخير”. سيُعاد طرح مسألة مزارع شبعا، استنادًا إلى المبادرة التي أطلقها هوكشتاين في آب الماضي، والتي ربطت الاعتراف بالمزارع كأرض لبنانية مقابل التزام لبنان بالخروج من معادلة الصراع مع إسرائيل.

باراك سيطلب أجوبة واضحة من المسؤولين اللبنانيين: هل أنتم مستعدون لسحب الذرائع من حزب الله؟ هل أنتم جاهزون لتفكيك البنية العسكرية للحزب، كما فعلت سوريا في مراحل سابقة؟ الجواب عن هذه الأسئلة سيحدد مستقبل لبنان. فـ”التهرب” أو الرفض سيقابل برسالة حازمة: الولايات المتحدة قد تنسحب من الملف اللبناني، تاركة البلاد في مهب التصعيد الإسرائيلي.

المسار السوري – الإسرائيلي : إعادة تشكيل التوازنات

التطور الأخطر، والذي قد يغير قواعد اللعبة بالكامل، يتعلق بالتقارير التي تحدثت عن زيارة باراك إلى تل أبيب، حيث ناقش مع نتنياهو فتح مسار تفاوضي مباشر مع دمشق. هذه الخطوة، إذا صحت، تمثل تحوّلًا استراتيجياً يعيد رسم خرائط النفوذ في المنطقة.

في حال انطلقت مفاوضات سورية–إسرائيلية، فإن تأثيرها سيمتد إلى لبنان مباشرة، حيث سيتعزز الخطاب الدولي بضرورة حسم مسألة سلاح حزب الله، ورفع يد إيران عن القرار الأمني اللبناني. وسينظر إلى لبنان كملحق تفاوضي أو ساحة فرعية، لا كلاعب رئيسي.

ما يجري في الشرق الأوسط حالياً ليس مجرد مفاوضات نووية، بل إعادة توزيع لموازين القوى. وكل دولة ستدفع ثمن موقعها: بين من يفاوض، ومن ينتظر، ومن يتخلى، ومن يُفرض عليه التغيير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى