اللواء الهارب والمعلومة الخطيرة : نيويورك تايمز تكشف مسارًا جديدًا في قضية أوستن تايس

في تطوّر لافت يعيد خلط الأوراق في واحدة من أعقد القضايا بين واشنطن ودمشق، كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” عن معلومات جديدة تتعلق باللواء السوري السابق بسام الحسن، أحد الأذرع الأمنية المقربة من النظام المخلوع، والذي بات اليوم في قلب التحقيقات الأميركية بشأن اختفاء الصحفي الأميركي أوستن تايس.

وبحسب ما نقلته الصحيفة عن أكثر من عشرة مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين، بالإضافة إلى مصادر قريبة من الحسن نفسه، فإن هذا المسؤول الأمني السابق، الذي ظل لسنوات في دائرة الشبهات، بدأ مؤخراً بالتعاون طوعاً مع أجهزة الاستخبارات الأميركية، بعد أن انتقل من إيران إلى بيروت، حيث يقيم حالياً بحرية كاملة في أحد الأحياء الراقية.

من لائحة الاتهام إلى طاولة التحقيق

تؤكد المعلومات أن اسم الحسن كان مدرجاً ضمن قائمة سرية سلّمتها إدارة بايدن إلى الحكومة السورية الجديدة، في محاولة لاستنطاقه حول دوره المحتمل في قضية تايس، إضافة إلى ملفات أكثر حساسية، كبرنامج الأسلحة الكيميائية وشبكات التهريب العسكري.

لكن ورغم هذا التعاون الظاهري، لا تُبدي واشنطن ثقة مطلقة بما يدلي به الحسن. فقد نقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي رفيع سابق تحذيره من “التعامل الحذر مع شهاداته”، مرجّحًا أنه يحاول إلصاق المسؤولية ببشار الأسد لتبرئة نفسه من أي دور مباشر في التصفية المحتملة لتايس.

هروب مُنسّق أم انشقاق سياسي؟

تضيف الصحيفة بُعدًا جيوسياسيًا للقضية، إذ تكشف عن فرار الحسن إلى إيران في كانون الأول الماضي، بمساعدة مباشرة من مسؤولين إيرانيين. لكنه، وعلى نحو مفاجئ، قرر لاحقًا مغادرة طهران نحو لبنان بمبادرة شخصية، وبدأ بالتواصل مع الأميركيين واللبنانيين دون أن يكون معتقلاً أو مقيّد الحركة.

وتؤكد مصادر لبنانية وسورية أن الحسن لم يُعتقل قط، بل اختار العيش في بيروت في وضع أقرب إلى “الضيافة السياسية” منه إلى اللجوء أو التوقيف.

وبحسب التقرير، فإن عملاء من مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) وضباطًا من وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) أجروا معه عدة لقاءات، وإن كانت طبيعة المعلومات التي قدّمها ما تزال طي الكتمان، إلا أن مجرّد استعداده للكلام أثار اهتمامًا أميركيًا بالغًا، وربما يمهد لفتح ملفات أكبر من مجرد مصير صحفي مفقود.

الصحفي الأميركي أوستن تايس (أرشيفية- فرانس برس)
الصحفي الأميركي أوستن تايس (أرشيفية- فرانس برس)

هل يفتح الحسن أبواب الحقيقة؟

رغم ضبابية الموقف، إلا أن خطوة الحسن تشكل خرقًا مهمًا في جدار الصمت الذي ظل يحيط بقضية أوستن تايس. كما قد تتيح لواشنطن فرصة ذهبية لفهم طريقة تفكير وعمل النظام السابق، لا سيما في الملفات الحساسة التي تخص المختفين قسرًا، والبرامج العسكرية السرية، والعلاقات الخارجية المشبوهة.

وفي الانتظار، تترك واشنطن بوست ونيويورك تايمز الأبواب مفتوحة أمام أسئلة كبيرة:
هل يكشف الحسن كل شيء؟
وهل يبدأ الزمن العد العكسي لكشف واحدة من أكثر الجرائم تعقيداً في الملف السوري الأميركي؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى