
مشروع “جبل قاسيون” .. بين الطموح والغموض والفساد
أطلقت محافظة دمشق مشروعًا ضخمًا لإعادة تأهيل جبل قاسيون وتحويله إلى وجهة سياحية وترفيهية، بعد سنوات من الإغلاق والتحصين العسكري خلال فترة الحرب. ووفق ما نشرته المحافظة، يتضمن المشروع إنشاء حدائق عامة، مطاعم، مسارات مشي، شلالات صناعية، شبكة إنارة وزينة، وإنشاء مرائب للسيارات، إلى جانب تأهيل البنى التحتية بشكل كامل من مياه وصرف صحي وكهرباء.

لكن مع توالي التصريحات الرسمية حول المشروع، ومع تسارع العمل على الأرض، يبرز غياب تام لأي تقارير فنية أو توضيحات من قبل الجهات الهندسية المختصة، ما يفتح باب الشكوك والانتقادات، خاصة أن الجبل يُعد واحدًا من المواقع الجيولوجية الحساسة التي تطل مباشرة على دمشق، ويشكّل موقعًا رمزيًا وتاريخيًا في ذاكرة السوريين.
ويعبّر مراقبون عن قلق متزايد تجاه طبيعة هذا المشروع الذي لم يُعلن عن دراساته الإنشائية أو مصادر تمويله بشكل شفاف، إذ يقول أحد الصحفيين المهتمين بالملف :

“هناك احتمالان لا ثالث لهما : أولًا، أن يكون هناك دراسة سابقة تعود لفترة ما قبل الثورة، جرى بموجبها تلزيم المشروع لأحد المستثمرين، ويُرجح أن يكون ممولًا بمنحة قطرية، مما يعني تنفيذًا عبر شركات خاصة دون خصخصة رسمية أو شراكة موثقة.
ثانيًا، أن يكون المشروع قد بدأ دون دراسات جيولوجية وهندسية كافية، ودون تحاليل للتربة من حيث التركيب المعدني، قدرة التحمّل، الرطوبة، تأثيرات الزلازل والانهيارات الأرضية، وهو أمر خطير جدًا على منطقة مأهولة وقابلة للانزلاق والتصدع.”
ويضيف المصدر نفسه : “في كلتا الحالتين، هناك احتمال كبير بوقوع فساد، إما عبر هدر المال العام أو عبر التلزيم غير الشفاف. مثل هذا المشروع لا يجوز أن يتم بصمت، لأنه يتعلق بالمصلحة العامة، وأي فشل فيه قد يتحول إلى كارثة بشرية وعمرانية.”
كما أثار ظهور مفاجئ لموسى العمر على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو يروّج للمشروع بنبرة احتفالية، ردود فعل متباينة، حيث تساءل البعض عن علاقته الرسمية بالمشروع، وما إذا كان يمثل جهة تنفيذية أو يشارك ضمن شبكة علاقات تسويقية لم يُعلن عنها.
ويختم الناقد حديثه بالتأكيد: “لسنا ضد تطوير جبل قاسيون، بل نحن مع تحويله إلى مساحة حضارية مفتوحة لجميع السوريين، لكن الطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الطيبة، والمشاريع الكبرى لا تُدار من وراء الستار ولا تُبنى بالصمت والخفاء. نحتاج إلى شفافية حقيقية، وتدخل فوري من نقابات المهندسين والجغرافيين، وإعلان كامل لتفاصيل المشروع أمام الرأي العام.”
خلفية عن المشروع
المشروع يشمل إعادة تنظيم سفوح الجبل، إنشاء مرافق عائلية عامة، وتحسين البنية الجمالية والبصرية.
لم تُعلن حتى الآن أسماء الشركات المنفذة، ولا الجهة المموّلة، ما يعزز المطالبات بإعلان التفاصيل الكاملة.



