مبادرة “درع الوطن” من سيريتل : تكريم أم باب خلفي لاختراق الخصوصية؟

أثارت المبادرة الأخيرة التي أطلقتها شركة الاتصالات السورية “سيريتل” تحت عنوان “درع الوطن” موجة من الجدل والقلق، لا سيما في الأوساط المعنية بالخصوصية الرقمية والأمن السيبراني، وسط تساؤلات جدية حول الأهداف الحقيقية للمبادرة وما قد تحمله من تداعيات على الأمن القومي السوري.

ورغم أن المبادرة تُسوّق على أنها لفتة وفاء تجاه عناصر الجيش وقوى الأمن الداخلي، إلا أن خبراء ومراقبين يرون فيها احتمالاً خطيراً لتحولها إلى أداة لجمع بيانات دقيقة وحساسة عن هذه الفئات. ويُعزّز هذه المخاوف استمرار سيطرة شخصيات محسوبة على النظام الأمني السابق على بعض مفاصل الإدارة داخل الشركة، ما يثير الشكوك بشأن سلامة التعامل مع تلك المعلومات.

ويحذر متابعون من أن هذه المبادرة قد تكون بداية لسلسلة برامج مشابهة تستهدف شرائح أوسع من المجتمع، تشمل الصحفيين، المحامين، القضاة، المدافعين عن حقوق الإنسان، وأسر المعتقلين والمفقودين.

مثل هذا التوسع، إذا ما تم، قد يؤدي إلى تشكيل أرشيف رقمي شامل عن المجتمع السوري، يُدار من قبل جهة خاصة ذات روابط سياسية معقّدة.

القلق لا يقتصر فقط على جمع البيانات، بل يمتد إلى ما يمكن أن يحدث لاحقاً، سواء عبر التسريب المتعمد أو الاختراق الخارجي أو حتى سوء الاستخدام الداخلي.

فامتلاك معلومات مفصلة عن أسماء ورتب ومواقع انتشار عناصر الأجهزة الأمنية والعسكرية، مثلاً، يفتح الباب أمام مخاطر أمنية جسيمة، لا سيما في ظل بيئة رقمية غير مستقرة وغياب ضوابط حقيقية للشفافية والمساءلة.

وفي هذا السياق، تحذر جريدة “مصدر” من خطورة مبادرة “درع الوطن”، مشيرة إلى أن “البيانات التي سيتم جمعها لا يُعرف في يد من ستقع فعلياً، خصوصاً وأن شركة سيريتل كانت مملوكة سابقاً لرجل الأعمال رامي مخلوف واستولت عليها اسماء الاسد ، وما تزال تُدار فعلياً من قبل أشخاص على صلة مباشرة بأجهزة أمنية نافذة”.

ونقلت “مصدر” عن خبراء أمنيين قولهم إن سيرياتل كانت “تُدار تحت إشراف غير مباشر من قبل جهاز المخابرات الإيرانية”، مما يضيف بُعداً إقليمياً بالغ الحساسية على ملف البيانات والخصوصية في سوريا، ويجعل من أي برنامج مشابه مصدر تهديد محتمل للسيادة الرقمية وخطر على الامن القومي السوري.

وفي ظل هذا المشهد الضبابي، يرى مختصون أن هناك حاجة ماسّة لمراجعة وتقييم شامل لدور شركات الاتصالات ومجمل البنية الرقمية السورية، مع ضرورة فرض أطر قانونية واضحة تحمي خصوصية المواطنين وتمنع توظيف البيانات الحساسة في أغراض سياسية أو أمنية لا تُعلن على الملأ.

مرهف مينو – مصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى