مجلس مدينة حمص يستأنف حملة إزالة الإشغالات المخالفة وسط مطالب بالتوازن بين التنظيم والمعيشة

اتهامات للمحافظة بالتمييز وتهميش الأحياء الفقيرة

استأنف مجلس مدينة حمص، يوم السبت 26 حزيران/يونيو، حملته لإزالة الأكشاك والإشغالات المخالفة من الأرصفة في عدد من الشوارع الرئيسية، وعلى رأسها شارع خالد بن الوليد -الخراب-، في خطوة قال إنها تهدف إلى ضبط النظام العام وتحسين حركة المرور في المدينة.

وأكد المجلس أن الحملة جاءت استجابة لشكاوى عديدة وردت إليه من المواطنين خلال الأسابيع الماضية، وتندرج ضمن خطة أوسع لترتيب الفضاءات العامة والتصدي للتعديات العشوائية التي تعيق حياة السكان اليومية.

وتركزت الإجراءات على إزالة أكشاك ومقاهٍ كانت تحتل الأرصفة بشكل غير قانوني، مما تسبّب بتضييق مساحات المشاة، خاصة في شارع الخراب الذي يربط وسط المدينة بحي الوعر.

انقسام في الرأي العام حول الحملة

الحملة أثارت انقساماً في الشارع الحمصي، حيث رأى البعض فيها خطوة ضرورية لإنهاء مظاهر الفوضى والعشوائية، في حين انتقدها آخرون، معتبرين أن توقيتها غير مناسب في ظل الظروف الاقتصادية القاسية التي يعيشها السكان. وعلّق أحد المواطنين بالقول: “الوضع المعيشي لا يحتمل مزيداً من التضييق على الناس البسطاء… كان الأفضل تأجيل هذه الخطوات إلى حين تحسُّن الأوضاع”.

آخرون أشاروا إلى أن غياب التخطيط المسبق هو أصل المشكلة، مطالبين بتوفير بدائل منظمة لأصحاب هذه المشاريع الصغيرة، بدل مفاجأتهم بالحملات. كما دعت الناشطة “عزة كردي” إلى توزيع التراخيص بشكل عادل على مختلف أحياء المدينة، وعدم حصر النشاط الاقتصادي في شوارع بعينها.

غضب شعبي واتهامات بالتمييز والإهمال

تزامناً مع الحملة، تعالت أصوات غاضبة على منصات التواصل الاجتماعي تنتقد ما وصفوه بـ”التمييز في توزيع الخدمات” من قبل محافظة حمص، واتهموا المسؤولين بالتركيز على أحياء محسوبة على الأقليات أو فلول النظام السابق، بينما تُترك الأحياء الفقيرة، التي كان لها موقف مناهض للنظام، في حالة إهمال تام.

وكتب الناشط يحيى أبو جاسم : “كل الاهتمام منصبّ على أحياء الأقليات والفلول، بينما أول قرار للمحافظ كان مصادرة الدراجات، اللي هي وسيلة تنقّل ورزق للفقير، وكأنه ناسي كل المشاكل الخدمية والواقع المزري للناس.”

وأشار عدد من المعلقين إلى أن أحياء مثل البياضة والخالدية تعاني من تدهور شديد في البنية التحتية، دون أي تدخل ملموس من السلطات. كما وجّهوا اتهامات لأشخاص ينتمون لعناصر كانوا تابعين للمخابرات الجوية بالاستمرار في ممارسة النفوذ والسرقة تحت غطاء الأجهزة الأمنية، رغم تغيّر مواقعهم الإدارية.

وقال أحد سكان حي الخالدية: “نُهبت أحياؤنا تحت حماية الشبيحة، واليوم نفس الأشخاص صاروا يوزعوا أوامر، وكأن شيئا لم يتغير.”

في ظل هذه الأجواء المشحونة، طالب مواطنون بوضع خطة تنظيمية عادلة وطويلة الأمد توازن بين فرض القانون من جهة، وحماية مصادر رزق أصحاب المشاريع الصغيرة من جهة أخرى. كما دعا البعض إلى تحويل مناطق عشوائية إلى فضاءات منظمة للاستثمار المحلي، بما يضمن عدالة التوزيع ويراعي الأبعاد الاجتماعية.

وتأتي هذه التطورات في وقت تتحضّر فيه حمص لمرحلة جديدة من إعادة الإعمار، وهو ما يفرض على السلطات تحدياً مزدوجاً: إعادة هيكلة المدينة مع الحفاظ على النسيج الاجتماعي ومنع المزيد من التوتر والانقسام.

حمص

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى