
النمسا تُلوّح بترحيل شاب سوري بعد هجوم دموي في قطار سريع : جدل سياسي وأبعاد قانونية
في تطور لافت على صعيد قضايا اللجوء والأمن الداخلي في أوروبا، أعلن وزير الداخلية النمساوي غيرهارد كارنر عن نيته ترحيل شاب سوري يبلغ من العمر 20 عامًا، بعد تورطه في هجوم مروّع داخل قطار سريع متجه إلى فيينا يوم 4 تموز/يوليو 2025، أسفر عن إصابة أربعة أشخاص بجروح خطيرة، من بينهم امرأة سورية وابنها، إضافة إلى شاب سوري آخر ورجل ألماني.
وفقًا لصحيفة Heute النمساوية، استخدم المهاجم مطرقة وفأس بطول 30 سم لتنفيذ هجومه، ما دفع ركاب القطار إلى سحب فرامل الطوارئ واحتجازه بمساعدة جندي ألماني وعدد من الركاب، بينهم شاب سوري تمكن من نزع المطرقة منه وإصابته بجروح في إطار الدفاع عن النفس.
وقد صرحت النيابة العامة أن الجريمة تندرج تحت محاولة القتل مع سبق الإصرار، حيث يواجه المتهم تهمتين بمحاولة القتل، وأربع تهم بالإيذاء الجسدي الخطير.
سجل إجرامي حافل
الشاب السوري، الذي تقدم بطلب لجوء في النمسا عام 2021، تم الاعتراف به لاحقًا كـ”قاصر دون ذوي”، ما منحه وضع الحماية المؤقتة، إلا أن سجله القضائي خلال عام 2025 وحده تضمن إدانتين؛ واحدة بتهمة الإيذاء الجسدي الخطير، والثانية بمحاولة مقاومة السلطة. ووفق السلطات، فقد بدأت إجراءات قانونية لإلغاء وضعه كلاجئ منذ مايو الماضي.
تحاليل الدم أظهرت وجود ثلاثة أنواع من المخدرات في جسد المهاجم، وهو ما يفتح الباب أمام تساؤلات قانونية بشأن مسؤوليته الجنائية الكاملة. كما عُثر بحوزته على ثلاثة هواتف نقالة وجهاز حاسوب محمول، لكن دون العثور على أدلة مباشرة على تورطه في نشاط إرهابي. غير أن بعض الشهود أفادوا بأن المهاجم كان يردد “الله أكبر” أثناء الهجوم، ما أثار مخاوف وفرضيات حول دوافع دينية أو متطرفة، رغم عدم تأكيد السلطات لهذا الطرح حتى اللحظة.
وزير داخلية ولاية بافاريا يواخيم هيرمان صرّح بأن المهاجم تحدث مع بعض الضحايا قبل تنفيذ الهجوم، ما يطرح فرضية أن يكون قد استهدف سوريين بشكل مقصود، ما يُلمّح إلى احتمال وجود دافع عرقي أو نزاع شخصي، خاصة أن الجاني والضحايا جميعًا ينحدرون من سوريا.
ضوء أخضر للترحيل .. تحوّلات في سياسة اللجوء
الهجوم تزامن مع تنفيذ أول عملية ترحيل من النمسا إلى سوريا منذ نحو 15 عامًا، ما يسلط الضوء على تغير جذري في سياسات اللجوء الأوروبية، ويمنح السلطات النمساوية مبررًا قانونيًا وسياسيًا للمضي قدمًا في إلغاء اللجوء وترحيل الجاني المحتمل.
وأكد المكتب الاتحادي للهجرة واللجوء في النمسا أن تسريع الترحيل وإلغاء الحماية أصبحا جزءًا من سياسة “صارمة وواضحة” تنتهجها الحكومة النمساوية، وسط دعم من الأوساط اليمينية والوسطية في البرلمان.
فيما لا يزال المتهم قيد الاحتجاز، من المتوقع أن يُعرض على المحكمة قريبًا للنظر في قرار حبسه الاحتياطي تمهيدًا لمحاكمته، في حين تستمر التحقيقات الجنائية لكشف دوافع الجريمة، وما إذا كان الفعل نابعا من اضطراب نفسي، تأثيرات المخدرات، أم عداء عرقي.



