شقق بـ 100 ألف دولار في حمص .. إعادة الإعمار تثير سخرية الأهالي وتعمّق الشرخ الاجتماعي

 في خطوة وصفتها مصادر عقارية بأنها انطلاقة لمشاريع إعادة الإعمار في حمص، تم الإعلان عن بدء التسجيل الأولي على شقق سكنية جديدة في منطقة “IPC” الحيوية، بأسعار أولية تتراوح بين 60 ألف و100 ألف دولار أمريكي. لكن هذه “البشرى” سرعان ما تحولت إلى مادة للسخرية والغضب على وسائل التواصل الاجتماعي، كاشفة عن الفجوة الهائلة بين طموحات المستثمرين والواقع المعيشي للمواطن السوري.
“فرصة ذهبية” خارج متناول الجميع
بمجرد انتشار الخبر، بدأ الأهالي في إجراء حسابات بسيطة كشفت عن حجم المفارقة. ففي بلد لا يتجاوز فيه متوسط راتب الموظف الحكومي 25 دولارًا شهريًا، يحتاج المواطن إلى ما يقارب 200 عام من العمل المتواصل، دون أكل أو شرب، ليتمكن من شراء الشقة الأرخص.
هذه الحقيقة المرة حولت النقاش إلى موجة من التعليقات الساخرة. كتب أحد المواطنين على فيسبوك: “خبر رائع! سأبدأ بالتسجيل فورًا على أربع شقق، واحدة لي وثلاث لعدلاتي (زوجات إخوتي) لأن أزواجهن في الخليج ورواتبهم ما شاء الله تسمح”. بينما علّق طالب جامعي بتهكم: “أخيرًا ستُحل أزمة الزواج، كنت أحسبها غلط.. طلع الموضوع بسيط، فقط 200 سنة من الادخار”.
تأثيرات إيجابية.. ولكن لمن؟
فيما يرى بعض المطورين العقاريين أن المشروع سيحرك السوق ويجذب استثمارات المغتربين، سخر الأهالي من هذه “التأثيرات الإيجابية الهائلة” المتوقعة . علّق أحدهم: “بالتأكيد سيعود المغتربون بأعداد هائلة، فمن يستطيع مقاومة شقة بـ 100 ألف دولار في قلب حمص؟ فرصة لا تعوض!”.

كتب اخدهم ساخرا على X : “بمجرد أن يشتري كل مواطن شقة أو شقتين على الراتب، ستصبح البيوت المستأجرة فارغة، مما سيجبر أصحابها على تخفيض الإيجارات. خطة عبقرية!”.

لتقدير حجم هذه الفرصة الذهبية، دعونا نضع هذه الأرقام في سياقها الواقعي. إذا افترضنا أن متوسط راتب الموظف السوري الحكومي هو حوالي 25 دولارًا أمريكيًا شهريًا (وهو تقدير متفائل)، فإن الموظف سيحتاج إلى:
  • 2,400 شهر لتأمين ثمن الشقة الأرخص (فئة 60 ألف دولار).
  • أي ما يعادل 200 سنة من العمل المتواصل.
  • وذلك بشرط ألا يأكل، أو يشرب، أو يلبس، أو يدفع فواتير، أو يتنفس خلال هذه القرنين من الزمن.
إعادة إعمار أم إعادة فرز؟
يرى مراقبون أن هذا المشروع، وغيره من المشاريع المشابهة المتوقعة، لا يهدف إلى حل أزمة السكن لدى غالبية السكان، بل يعكس توجهًا نحو خلق مناطق سكنية فاخرة موجهة لشريحة ضيقة جدًا من المجتمع، تتألف من كبار المستثمرين ورجال الأعمال والسوريين الأثرياء في الخارج.
وبينما تبقى أحلام آلاف العائلات الحمصية في العودة إلى منازلها أو إيجاد سكن لائق مؤجلة، تأتي هذه المشاريع لترسخ واقعًا جديدًا، وتطرح سؤالًا جوهريًا أصبح يتردد بقوة في الشارع السوري: إعادة الإعمار هذه… لمن؟
.
.
مرهف مينو – مصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى