طريف الأخرس :رحلة بحث في الإمبراطورية الغامضة.. أين هو؟

1
يمثل رجل الأعمال السوري طريف عبد الباسط الأخرس، المولود في مدينة حمص عام 1951، نموذجاً معقداً لرجال الأعمال الذين نسجوا ثرواتهم في سوريا عبر شبكة متشابكة من المصالح والعلاقات السياسية. الأخرس، الذي كان يُعرف بـ “حوت الاقتصاد” و ثاني أكبر مستورد ومصدر في سوريا، يجد نفسه اليوم في مفترق طرق بعد التغييرات السياسية الأخيرة، في محاولة لتسوية وضعه مع السلطة الجديدة.
الإمبراطورية الاقتصادية : من حمص إلى السلع الأساسية
بدأ الأخرس مسيرته المهنية عام 1973 بتأسيس شركة هندسية صغيرة في حمص، لتتطور لاحقاً إلى “مجموعة الأخرس”، التي سيطرت على قطاعات حيوية في الاقتصاد السوري. وقد نال الأخرس ألقاباً اقتصادية مرموقة، منها اختياره كأحد شيوخ كار الصناعات الغذائية عام 2009، وشهبندر التجار في حمص عام 2010.
ممتلكاته العقارية والشركات الرئيسية : تتركز إمبراطورية الأخرس في قطاعات السلع الأساسية، العقارات، والخدمات اللوجستية، مع بصمة واضحة في مسقط رأسه حمص ومدينة حسياء الصناعية:
الصناعات الغذائية : يمتلك مصانع الشرق الأوسط للسكر (بطاقة إنتاجية تصل إلى 700 ألف طن سنوياً)، و مصنع سولينا للزيوت، و مطاحن الشرق الأوسط، وشركات لتصنيع وتعليب اللحوم.
العقارات والتطوير : يملك شركة “عاليا” للتطوير العقاري، التي نفذت مشاريع سكنية ضخمة، أبرزها ضاحية حمص. كما يمتلك المركز التجاري “ترانس مول”، وشركة “ترانس بيتون” لمستلزمات البناء.
الخدمات اللوجستية : أسس شركة النقل البري “عبر الشرق”، التي كان يمتلك من خلالها أسطولاً ضخماً من الشاحنات (ذُكر أنه كان يملك أكثر من 300 شاحنة)، بالإضافة إلى شركة نقل بحري.
 الاستثمارات المالية : كان من مؤسسي “شركة سورية القابضة” ونائب رئيس مجلس إدارتها، و “شركة التأمين العربية”، و “شركة التاج للاستثمارات الصناعية”. كما أسس بنك الأردن سورية بالشراكة مع أبنائه مرهف و ديانا و نورا.
الثروة وقضية التهرب الضريبي : 409 مليارات ليرة
على الرغم من صعوبة تقدير صافي ثروته بدقة، فإن حجم أعماله يشير إلى ثروة هائلة. وقد كشفت تقارير صادرة عن وزارة المالية التابعة للنظام السابق في يوليو 2024 عن حجم الأموال التي كان يديرها، حيث اتهمت شركاته بالتهرب من ضرائب بلغت 409 مليارات ليرة سورية في عام واحد فقط. وقد توزعت هذه المبالغ الضخمة على شركتي السكر (188 مليار ليرة) و الزيوت (221 مليار ليرة)، مما يشير إلى حجم المبيعات غير المصرح بها.
كما سبق للأخرس أن تورط في مخالفات تتعلق باحتكار السكر، وتمت مداهمة مستودعاته وضبط نحو ألفي طن من السكر منتهي الصلاحية.
العلاقة بالنظام السابق وزوجة الرئيس : صعود عبر القرابة
تُعد العلاقة بين طريف الأخرس والنظام السابق علاقة مصالح متشابكة، عززتها الصلة العائلية القوية:
الصلة العائلية : طريف الأخرس هو ابن عم فواز الأخرس، والد أسماء الأسد. وقد استفاد بشكل كبير من هذه العلاقة بعد زواج بشار الأسد من أسماء عام 2000، حيث دخل في عقود توريد ضخمة للجيش السوري (كالزيوت والسكر) مستفيداً من الفساد المستشري في تلك المؤسسات.
الدعم للنظام : عند اندلاع الثورة عام 2011، بادر الأخرس إلى تأييد النظام ودعمه مالياً ولوجستياً، بما في ذلك تزويد قوات النظام بالمواد الغذائية وآليات النقل من شركته “عبر الشرق”، وتولى رعاية قسم من الموالين في حمص.
العقوبات الدولية: أدرجه الاتحاد الأوروبي على قائمة العقوبات في سبتمبر 2011 لكونه “رجل أعمال بارز يستفيد من النظام ويدعمه”.
رفع العقوبات البريطانية: في أغسطس 2021، رفعت الحكومة البريطانية العقوبات عنه، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً وغضباً من المنظمات الحقوقية التي اعتبرته مكافأة لـ “أحد الممولين الرئيسيين للنظام السوري”.
مرهف طريف الأخرس وأسماء الأسد
مرهف طريف الأخرس وأسماء الأسد
أين هو الآن؟ ومحاولة “التنصل” من الماضي
السؤال الأبرز اليوم هو: أين يقف طريف الأخرس من السلطة الجديدة؟
تشير المعلومات إلى أن الأخرس موجود في سوريا، حيث لا تزال مصانعه تعمل، وتوظف نحو 2000 عامل. وقد كشف عن موقفه الجديد بتقديم كتاب إلى قائد العمليات العسكرية أحمد الشرع، أعلن فيه أنه يضع نفسه وجميع منشآته تحت تصرف القيادة الجديدة.
ادعاء المظلومية: ادعى الأخرس في كتابه أنه تعرض لـ “ممارسات” و “انتهاكات” من قبل النظام السابق، بما في ذلك:
مؤامرة من رامي مخلوف عام 2004 لإخراجه من رئاسة غرفة حمص.
إحالة ابنته ديانا الأخرس إلى القضاء عام 2005 بجرم التعدي على الحراج للضغط عليه.
إلغاء مشروع صوامع استقبال السكر الخاص به في مرفأ طرطوس.
إصدار نحو 38 قرار حجز احتياطي عليه وعلى عائلته ومنع السفر بحجة عدم تسديد قرض المول التجاري، ومخالفات جمركية رجعية من 2012 وحتى 2019.
يُظهر هذا التحول السريع في الموقف محاولة رجل الأعمال المخضرم لتسوية وضعه والحفاظ على إمبراطوريته الاقتصادية الضخمة في مرحلة ما بعد النظام، مستخدماً ورقة “المظلومية” وتقديم الدعم للقيادة الجديدة. يبقى مصير إمبراطورية الأخرس الغامضة وعلاقتها بالسلطة الجديدة قيد المتابعة، في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجهها البلاد.
.
.
مرهف مينو – مصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى