آلية جديدة لمنح جوازات السفر للسوريين في الخارج: قرار حكومي يواجه إشكالات قانونية وإجرائية

مصدر – خاص
أعلنت إدارة الهجرة والجوازات السورية عن تعميم جديد يحدد الإجراءات المحدثة لمنح جوازات السفر للمواطنين السوريين المقيمين خارج البلاد، في خطوة تهدف إلى تسوية أوضاع شرائح واسعة تعذر عليها تجديد وثائقها خلال السنوات الماضية. ويأتي هذا التعميم امتداداً لقرار سابق صدر بتاريخ 25 تشرين الثاني 2025 تحت الرقم ٨٥٤٥/ د/٤٥٨.
الفئات المشمولة والتدقيق الأمني
وبموجب التعليمات الجديدة، أُتيح منح الجوازات لفئتين محددتين من السوريين في الخارج، بشرط مرور سنتين ونصف على الأقل دون دخولهم الأراضي السورية. تشمل هذه الفئات:
1.الأشخاص المغادرون بطرق غير نظامية قبل ما يُعرف بمرحلة “التحرير”.
2.الأشخاص الذين غادروا خلال فترة المرسوم التشريعي رقم 14 لعام 2023، وما تلاه من إجراءات تتعلق بالتجنيد والبيانات المدنية والقيود الأمنية.
وتُلزم التعليمات الجديدة الجهات المختصة بالاعتماد على قواعد البيانات المحدثة منذ عام 2023، والتنسيق المباشر مع وزارة الدفاع وشعبة التجنيد للتحقق من الوضع العسكري لكل متقدم.
كما يتم تعديل العمل بقرارات “الحصر” الصادرة في 2021، بحيث يُعتمد سجل أمني لمدة عام واحد فقط، ويمنع تمديده إلا بصدور قرار مباشر من الجهات المختصة.
ويشدد التعميم على أن تنفيذ أي إجراء قضائي أو أمني لا يتم إلا عبر إدارة الأمن الجنائي ووفق تعليمات وزارة الداخلية، ويكشف عن وجود حالات ظهرت عليها قيود في سجلات الجنايات بريف دمشق وحلب، مما يستوجب مراجعة دقيقة للسجلات القضائية قبل اتخاذ قرار المنح.
تحليل قانوني: إشكالات في التطبيق والغموض في المصطلحات
وفي سياق متابعة القرار، استشرنا في “مصدر” خبيراً قانونياً للوقوف على مدى اتساق التعليمات مع القوانين النافذة وآليات التنفيذ الإدارية.
وأشار الخبير إلى أن التعميم، رغم كونه “خطوة تنظيمية إيجابية من حيث الشكل”، إلا أنه يعاني من مجموعة من الإشكالات القانونية والإجرائية التي قد تؤثر على دقّة تطبيقه.
أبرز الإشكالات القانونية والإجرائية
غموض مصطلح “بدء التحرير” : أشار المختص إلى أن استخدام عبارة “من غادروا القطر بشكل غير شرعي قبل بدء التحرير” يُعدّ مصطلحًا غير محدد، موضحاً أن غياب التحديد الزمني والجغرافي لهذا المصطلح قد يؤدي إلى اجتهادات متعددة من فروع الهجرة، مما يخلق تفاوتًا في التطبيق.
تضارب في الفترات الزمنية : لفت الخبير إلى أن ورود عدة مدد زمنية (سنتان ونصف، سنة واحدة) دون تسلسل منطقي “يجعل فهم شروط المنح مربكًا”، مؤكداً أن الوثائق الإدارية يجب أن تعتمد منهجية واضحة عند ذكر أي مدد زمنية مرتبطة بحقوق المواطنين.
دمج غير مبرر بين الملفات الأمنية والوظيفية : أشار المختص إلى أن التعميم يخلط بين وثيقة السفر من جهة وبين الإجراءات الوظيفية أو القيود المتعلقة بالموظفين من جهة أخرى، معتبراً أن ربط منح الجواز بملفات وظيفية غير مرتبط جوهريًا بالجواز، وقد يفتح باب التعقيد بدل التسهيل.
تناقض بين هدف “التسهيل” والاشتراطات المشددة : يرى الخبير أن التعميم يطرح نفسه كوثيقة تُسهّل منح الجوازات، لكنه يتضمن بنوداً تفرض مستوى عالياً من التدقيق (كاشتراط التنسيق مع وزارة الدفاع، وتدقيق السجلات القضائية، ومنع الفروع من المنح دون موافقات مركزية)، مما قد يؤدي إلى بطء كبير في إنجاز المعاملات.
غياب آلية للاعتراض وتجاهل الحالات الإنسانية : أوضح المختص أن التعميم “لم يوضح آلية الاعتراض أو طرق المراجعة في حال رفض الطلب”، كما أنه لم يُشر لا من قريب ولا من بعيد إلى الحالات الإنسانية، ككبار السن والطلاب، التي تحتاج معاملة مختلفة أو توضيحاً رسمياً.
خلاصة وتوقعات
ويرى مراقبون أن التعميم يمثل محاولة لتحديث إجراءات منح الجوازات وتقليص مدة السجل الأمني إلى عام واحد، مما قد يسهل حصول آلاف السوريين على وثائقهم.
إلا أن الخبير القانوني يشدد على أن التعميم يحتاج إلى “مراجعة دقيقة” لضبط المصطلحات، توضيح المدد الزمنية، وفصل الملفات الوظيفية عن وثائق السفر، إضافة إلى تحديد آليات الاعتراض وتدارك الثغرات الإدارية لضمان تطبيقه بشكل عادل وفعال.
.
.
مرهف مينو – خاص

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى