محكمة هولندية تدين رجل أعمال سوري بالسجن 18 شهراً في واحدة من أكبر قضايا الاحتيال بقطاع الاندماج

أصدرت محكمة هولندية حكماً يقضي بسجن رجل الأعمال السوري وائل س. لمدة 18 شهراً، بينها ستة مع وقف التنفيذ، بعد إدانته بالاحتيال في برامج تعليم اللغة المخصّصة للمهاجرين، ضمن واحدة من أكثر القضايا تعقيداً في ملف الاندماج داخل البلاد.

ووفق تقرير نشرته صحيفة “دي فولكس كرانت” الهولندية، فإن القضية تعود إلى شبكة مدارس لغات كان يديرها المتهم تحت اسم “Taalhorizon” في عدة مدن هولندية، حيث اتُّهمت المدارس بالمطالبة برسوم اندماج تصل قيمتها إلى نحو مليوني يورو من مؤسسة التعليم الحكومية DUO، دون تقديم الدروس فعلياً للمستفيدين.

خمس سنوات من التحقيق… وفضيحة بملايين اليوروهات

القضية التي أطلق عليها الادعاء العام اسم “King City” استغرقت خمس سنوات من التحقيقات، واعتُبرت من أكبر ملفات الاحتيال المرتبطة ببرامج الاندماج منذ تطبيق النظام الجديد عام 2013.
وأعلن القاضي أن أوراق الحضور والفواتير التي قُدّمت للجهات الرسمية كانت “مزورة بشكل منهجي”، بينما كشف معلمون أنّ غالبية “الطلاب” المسجلين لم يحضروا الدروس، وبعضهم لم يدخل القاعات التعليمية إطلاقاً.

كما أظهرت التحقيقات أن بعض المهاجرين تلقّوا هدايا أو مبالغ مالية أو أجهزة كمبيوتر محمولة مقابل التوقيع على قوائم حضور وهمية، في حين وُصفت العملية بأنها “احتيال منظم شارك فيه المستفيدون والمدرسة على حد سواء”.

إلى جانب وائل س، صدر حكم بالسجن لمدة 14 شهراً بحق شخصين آخرين، ستة أشهر منها مع وقف التنفيذ، لدورهم القيادي في الشبكة.
وأكّد الادعاء أن المتهمين حاولوا إخفاء الدخل غير المشروع عبر سلسلة تحويلات اعتُبرت “غسيل أموال معتاد”، إذ جرى غسل نحو 1.1 مليون يورو من أصل مبلغ يقارب مليوني يورو تم تحصيله بطرق غير قانونية.

وأظهرت الأدلة أن الشبكة كانت تصدر شهادات ONA الخاصة بالتوجيه لسوق العمل، والتي تتطلب 64 ساعة تدريب، خلال جلسات لا تتجاوز ثلاث ساعات، ما سمح للطلاب بالحصول على إعفاءات غير قانونية من الامتحانات المطلوبة للاندماج.

اضرار تطال الطلاب والنظام التعليمي

وبحسب النيابة العامة، فإن الضرر لم يقتصر على استنزاف الأموال العامة، بل “أعاق اندماج آلاف المهاجرين الذين تلقّوا تعليمًا شكليًا لا يرقى إلى المستوى المطلوب للعيش والعمل في المجتمع الهولندي”.

وخلال جلسات المحاكمة، نفى وائل س. جميع الاتهامات، وصرّح لصحيفة “فولكس كرانت”:
“ليس لدي ما أخفيه… الحكومة تبحث عن كبش فداء لفشل نظام الاندماج.”

كما تمسّك شركاؤه بإنكارهم، وهو ما اعتبرته النيابة سببًا لتشديد العقوبة.

إصلاحات أعقبت الفضيحة

القضية تسلّط الضوء على الخلل الذي ضرب نظام الاندماج الهولندي خلال السنوات الماضية، والذي اعتمد حتى 2021 على منح اللاجئين قروضًا تصل إلى 10 آلاف يورو لاختيار مدارسهم الخاصة.
وبعد موجة من الفضائح، بينها قضية “Taalhorizon”، نقلت السلطات مسؤولية الإشراف على الاندماج إلى البلديات، للحد من التلاعب والفساد في هذا القطاع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى