شهرزاد الجعفري : نافذة على انهيار المؤسسات وشخصنة السلطة في دمشق

خاص –  مصدر
كشف تقرير تحليلي معمّق نشرته صحيفة “المدن” اللبنانية، عن الأبعاد الحقيقية لقصة شهرزاد الجعفري، ابنة السفير السوري السابق لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، التي برز اسمها في تسريبات البريد الإلكتروني للرئيس السوري بشار الأسد عام 2012. ويؤكد التقرير أن القصة ليست مجرد “فضيحة شخصية” أو “علاقة محتملة”، بل هي “نافذة على طبيعة القوة في نظام يقوم على الولاء لا على المؤسسات” .

صندوق بريد الرئيس: من الظل إلى الواجهة

لم تكن شهرزاد الجعفري شخصية عامة قبل التسريبات، بل كانت تعمل كمساعدة إعلامية في البعثة السورية لدى الأمم المتحدة. لكن رسائل البريد الإلكتروني المسربة، التي هزّت صورة النظام السوري في العام 2012، أظهرت أنها كانت قناة غير رسمية ومؤثرة لعبور النصائح والمقترحات إلى مكتب الرئيس .
التقرير يشير إلى أن التسريبات كشفت عن وجهين للنظام: وجه السلطة التي تدير اتصالاتها عبر قنوات سرية وغير رسمية، ووجه البشر داخل هذه السلطة، بما يعتريهم من تملّق وتشابكات عاطفية ومهنية. وقد أظهرت المراسلات أن الأسد كان يدير جزءاً من اتصالاته الشخصية والسياسية بعيداً عن القنوات الرسمية، معتمداً على شبكة غير متجانسة من الأشخاص، من بينهم موظفات شابات مثل شهرزاد وهديل العلي .

التملّق والاستراتيجية

برزت شهرزاد في التسريبات بسبب اللغة “الحميمية المبالغ بها” التي استخدمتها في مراسلاتها، والتي تراوحت بين الإطراء المفرط والمديح، وصولاً إلى عبارات مثل: “أخبره أنني أحبه جداً جداً جداً… وأنني أفتقده”، ورسالة مباشرة للأسد تقول فيها: “miss youuuuu” .
التقرير يطرح تساؤلاً تحليلياً حول دلالة هذه اللغة: هل كانت حباً حقيقياً؟ أم تملقاً يليق بسلطة تتغذى على الولاء الشخصي؟ أم استراتيجية نفسية لضمان القرب والنفوذ؟ التحليل السياسي يميل إلى الاحتمال الأخير، مؤكداً أن اللغة الحميمية في الأنظمة المنغلقة تتحول إلى “أداة فعّالة لضمان القرب”، حيث يختلط السياسي بالعاطفي، ويصبح التملّق وسيلة للحصول على النفوذ أو الحفاظ على الموقع .

مفارقة الانشقاق : الولاء المهني والحب المعارض

يكشف التقرير عن مفارقة مثيرة تجعل حالة شهرزاد أكثر تعقيداً، وهي أنها في الوقت الذي كانت ترسل فيه رسائل الإعجاب “الرسمية-الحميمية” للرئيس، كانت تعيش علاقة حب حقيقية مع شاب إيراني معارض للنظام ومقيم في نيويورك .
هذه الثنائية، بحسب “المدن”، تكشف عن “انشقاق الهوية” الذي يعيشه كثير من الكوادر الشابة في الأنظمة السلطوية: تعمل في الداخل، لكنها تنتمي اجتماعياً إلى الخارج، وتمارس الولاء المهني بينما تعيش عاطفياً في فلك المعارضة. ويخلص التقرير إلى أن قصتها ليست فضيحة شخصية، بل هي كاشف لهشاشة الدائرة المقربة من الأسد، التي تحولت فيها اللغة العاطفية إلى جزء من آلية عمل الدولة، وأصبح الولاء الشخصي هو المعيار الوحيد للنجاة أو الإقصاء .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى