اقتصاديات الحرب في سورية .. خالد تركاوي

التمويل والعلاقات التجارية البينية للقوى المتصارعة في سورية
مقدمة
أحدثت السنوات السبع الأخيرة تحولات في مختلف مناطق سورية، فتفككت الدولة الشمولية (النظام الشمولي الحاكم) التي كانت قائمة لعقود، وتقلّص نفوذها إلى أجزاء من الأرض السورية، وصلت إلى ثلثها فقط في عام 2012، ثم عادت إلى التوسع حتى وصلت إلى حوالي 60% في الربع الأخير من عام 2018. وبكل الأحوال فإنّها تحوّلت إلى فاعل بين فاعلين متعددين. وبالمقابل ظهرت قوى أخرى، سيطر كل منها على المناطق التي خرجت عن سيطرة الدولة، واستمرّت سيطرة هذه القوى بشكل متفاوت، فبعضها استمر منذ خمس سنوات إلى الآن، فيما استمرّ بعضها عدة سنوات فقط.
واتّصفت العلاقة بين كل الفاعلين بالتوتر، فدخلت هذه القوى في صراعات بين بعضها البعض، وفي أفضل الأحوال في فترات من الهدنة، فيما شهدت مناطق سيطرة المعارضة صراعات بينية داخل منطقة السيطرة الواحدة.
ولم تحظ الحياة الاقتصادية في مناطق السيطرة المختلفة، وخاصة في المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة، على الكثير من التركيز، حيث لا تتوفر في هذه المناطق الأشكال التنظيمية المعروفة لمؤسسات الدولة الاقتصادية، ولا تصدر عنها إحصائيات وأرقام تؤشر لأداء الاقتصاد، وبالتالي فإنّ عملية دراستها بشكل علمي أمر غير ممكن.
وأدّت الصراعات العسكرية الدائمة بين كل القوى، وأحياناً داخل منطقة السيطرة الواحدة كما في مناطق المعارضة، إلى تشتيت الانتباه عن العلاقات الاقتصادية القائمة بين هذه القوى المتحاربة، والتي امتلكت “الرشد الاقتصادي” لإدامة انسياب السلع والخدمات بينها، ولم تمتلك “الرشد السياسي” الذي يمكّنها من التوصل إلى تسوية لصراعاتها.
ويأتي هذا البحث اليوم ليناقش ركنين أساسيين من أركان اقتصاد الحرب السورية وهما التمويل والعلاقات التجارية البينية للقوى المتصارعة في الجغرافية السورية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى