زيادة حالات الزواج بين السوريين والمصريين.. قصة اندماج وتحديات الإقامة بعد سقوط نظام الأسد

 

شهدت السنوات الأخيرة تزايدًا ملحوظًا في حالات الزواج بين السوريين والمصريين نتيجة للنزوح السوري الكبير إلى مصر بسبب الحرب. تُظهر الإحصائيات الرسمية أن عدد السوريين في مصر بلغ نحو مليون ونصف المليون، حيث سجلت حالات الزواج ذروتها في عام 2012، مع توثيق 12 ألف حالة زواج. لكن العدد تراجع تدريجيًا ليصل إلى 472 حالة عام 2017 و403 حالات في عام 2019، وفقًا للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري.

كان للتقارب الثقافي والاجتماعي والديني بين الشعبين، إضافة إلى الوقت الطويل الذي قضاه السوريون في مصر، دور كبير في تعزيز علاقات المصاهرة وخلق حالة اندماج قوية. يقول رائد عبد الله، وهو لاجئ سوري، إن اندماج السوريين مع المجتمع المصري ساهم في بناء جسور من الثقة، ما جعل العلاقات الزوجية بين الطرفين أمرًا مألوفًا.

قصص زواج واندماج
سلام مرعي (32 عامًا) لاجئة سورية من داريا في ريف دمشق، لجأت إلى مصر عام 2013. تروي لموقع “تلفزيون سوريا” كيف ساعدتها مصر في متابعة تعليمها الجامعي، ما أتاح لها التعرف على زوجها المصري. تقول سلام: “واجهت عائلتي ترددًا في البداية بسبب اختلاف العادات، لكن الوقت الطويل الذي قضيناه في مصر ساهم في كسر هذه الحواجز”. ومع سقوط نظام الأسد، تقول سلام إنها تفكر بزيارة سوريا مع عائلتها ليعرف أطفالها وطنهم، لكنها ترفض العودة بشكل دائم بسبب استقرار حياتها في مصر.

من ناحية أخرى، يروي رامي عبد الله، سوري متزوج من مصرية، أنه يفكر في العودة إلى سوريا بعد سقوط النظام لإعادة بناء حياته بالقرب من عائلته. زوجته، بسنت أحمد، تعبر عن دعمها لهذه الخطوة قائلة: “العادات بيننا متشابهة، وسأرافق زوجي إلى سوريا، مع زيارات دورية لمصر لضمان ارتباط أطفالنا بجنسياتهم المزدوجة”.

تفاقمت مشكلات الإقامة بعد القرارات المصرية الأخيرة، التي أوقفت منح الإقامات لأول مرة للزوج أو الزوجة من السوريين المتزوجين من مصريين. وفق التعليمات الجديدة، يُطلب من السوريين مغادرة مصر للحصول على “تأشيرة زواج” من إحدى السفارات المصرية، وهو ما شكّل عقبة كبيرة أمام كثير من العائلات.

مها العمر (30 عامًا)، وهي سورية متزوجة من مصري، اضطرت للسفر إلى سوريا للحصول على تأشيرة زواج لتجديد إقامتها. تقول مها: “بعد سقوط نظام الأسد، أُلغيت تأشيرتي ولم أستطع العودة إلى مصر. الآن أنا عالقة في سوريا بينما زوجي في مصر، ولا أستطيع السفر بسبب توقف الطيران وصعوبة الحصول على موافقة أمنية”.

يواجه مئات السوريين المتزوجين من مصريين أوضاعًا مشابهة، ما يهدد استقرار حياتهم العائلية. يأمل المتضررون أن تقوم الحكومة المصرية بإعادة النظر في قراراتها لتسهيل إجراءات الإقامة والتأشيرات، بما يضمن استمرار حياتهم بشكل قانوني ومستقر.

وجود السوريين في مصر ترك بصمة واضحة على الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وشكّل نموذجًا للاندماج الإيجابي بين الشعبين. لكن التحديات المستجدة بعد سقوط نظام الأسد تهدد هذا النموذج، ما يستدعي تدخلًا عاجلًا لحل المشكلات التي تواجه العائلات السورية-المصرية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى