هل خضع مهرجان «كان» السينمائي الفرنسي لإرادات سياسية؟

برنارد هنري ليفي يفرض فيلمه «بيشمركه» على برنامج المهرجان

 

فوجئ جمهور ومتتبّعو مهرجان كان السينمائي، المنعقد حالياً، ولعشرة أيام، في الجنوب الفرنسي، بحشر فيلم الكاتب الفرنسي برنارد هنري ليفي الذي يحمل عنوان «بيشمركه»، بعد أيام على افتتاح المهرجان، وإعلان برامج عروض أفلام المسابقة الرسمية. الأمر الذي استنكره كثيرون، فمن جهة، شعر الجميع بأن يد الضغوط السياسية استطاعت أن تفرض نفسها على العروض، ما يجعل المهرجان برمّته عرضة للتشكيك، ومن ثمّ بسبب سماح الأكراد لكاتب عرف بتطرّفه وعدائه الشديد للإسلام ومناصرته لإسرائيل، أن يتولى هو تحقيق هذا الفيلم بعد أن جال على مختلف جبهات المعارك التي يخوضها الأكراد ضد تنظيم «الدولة الإسلامية».
وقد برر المهرجان العريق إضافة فيلم «بيشمركه» (إنتاج فرنسي، 92 دقيقة) بقوله “هذا الفيلم، الذي اكتشفناه للتوّ، صوّر بالقرب من المحاربين الأكراد البيشمركه، بفريق عمل صغير، وقطع المخرج 1000 كيلومتر على الحدود العراقية من الجنوب إلى الشمال، ليصور مواقف ومناظر من الحرب، ووجوهاً لرجال ونساء من النادر أن تتاح مشاهدتهم”.images (1)
هذا على الرغم من أن بعض نقاد السينما اعتبر أن الإعلان عن عرض الفيلم (يأتي في العشرين من الشهر الجاري) جاء خجولاً، وبطريقة لا تريد أن تلفت الأنظار، فقد رأوا في ذلك نوعاً من مقاومة الضغوط التي تريد أن تفرض الفيلم على أجندة المهرجان.
ويوصف ليفي بأنه قريب من مراكز القرار في فرنسا، فهو صديق لكبار الأثرياء والسياسيين، هو المولود في الجزائر لعائلة فرنسية يهودية، عرف عنه تأييده الشديد لإسرائيل إلى حدّ وصفه للجيش الإسرائيلي، بعد حرب غزة العام 2010، بأنه «أحد أكثر الجيوش أخلاقية وديمقراطية»، كما اعتبر الجولان «أرضاً مقدسة»، وكان مرشحاً في العام 2011 لرئاسة الحكومة الإسرائيلية.
ويعرف ليفي بشهرة استثنائية، لفت إليه الأنظار بقوة مع فيلم تسجيلي عن الحرب في البوسنة عام 1994، ما جعله يتبوّأ مكانة مبعوث الرئيس الفرنسي جاك شيراك لتقصّي الحقائق في أفغانستان عام 2002.
مؤلفاته كانت على الدوام مثار جدل كبير، من بينها كتابه «موقف ضد البربرية الحديثة»، و»فندق أوروبا»، الذي تحوّل إلى عرض مسرحي قدم في أكثر من بلد أوروبي.images (2)
عربياً جرى تداول اسم ليفي خاصة خلال ثورات الربيع العربي منذ العام 2011، فزار عدداً من المدن الليبية خلال الثورة على نظام القذافي. وكان من مؤيدي الثورة السورية، ودعا الغرب للتدخّل لقتال «استبداد الأسد» و»التطرف الإسلامي»، لـ»وقف أنهار الدم» في سوريا.
زياراته تلك كانت حجة لأعداء «الربيع العربي»، أولئك الذين اتّهموا «الربيع» برمّته بأنه مؤامرة صهيونية كونية، وما تحمُّس برنار هنري ليفي إلا الدليل الأقوى على ذلك!
هذا ما جعل فيلم هنري ليفي عن «البيشمركه» اليوم، وحتى قبل أن يشاهده أحد، مثار جدل أيضاً بين السوريين أنفسهم، عرباً وأكراداً، ففي وقت هلّل فيه بعض الأكراد لفيلم عنهم، يعرض في مهرجان راقٍ وذائع الصيت، قال بعض مواطنيهم من السوريين إنه «إذا أردت أن تشوّه قضية أرسل برنار ليفي ليدافع عنها».
هكذا وصف البعض ليفي بـ «تاجر القضايا»، و«المخرّب»، الذي يدّعي مناصرة المظلومين والقضايا العادلة، في وقت لا يتردد في الوقوف إلى جانب إسرائيل في حروبها المدمرة على قطاع غزة.
سيعرض «بيشمركه» خلال أيام فقط في «كان»، وقد يكون اختباراً جيداً، وجواباً على السؤال؛ كيف (وهل) لواقف مع الظلم في مكان أن يكون مدافعاً عن قضية عادلة في مكان آخر.

 

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى