سوريا بين الحرب ومخاض السلام

مشروع بناء الدولة السورية على أسس المواطنة
قمنا بهذه الدراسة إنطلاقا من واقع أليم آلت إليه الأوضاع في سوريا, وإدراكا منا بأن الأمور خرجت من يد السوريين معارضة وحكما وشعبا, وباتت حتى الإتفاقات الصغيرة يديرها الكبار, بل أصبحت الدول الإقليمية الكبرى لا تؤثر إلا في الحدود الدنيا, حيث أن دولا كبرى ودائمة العضوية في مجلس الأمن باتت مغيبة عن إتفاقات القطبين الكبيرين روسيا وأمريكا,  أصبحت الأزمة السورية  القضية الكبرى في العالم وآثارها الكارثية هزت منطقة الشرق الاوسط وأوربا, بل وهزت بعمق منظمة الأمم المتحدة ومؤسساتها, وأن تصفية الحسابات الدولية والإقليمية على الارض السورية جعل السوريين البسطاء هم من يدفع الثمن الباهظ بشريا وإقتصاديا وإنسانيا.

مصيرنا الآن أصبح بيد الآخرين ويمكننا ان نجعله بأيدينا, ومطلوب منا جميعا أن نضحي مرة أخرى ونتسامح, وربما أكثر مما ضحينا به سابقا, وعلينا الإبتعاد عن مطامعنا الشخصية ورؤانا الضيقة وأن نتجاوز كل الأنانيات والأحقاد والثارات وأن نضع مصلحة الوطن فوق كل الإعتبارات, بالرغم من أننا نعلم ما هو حجم الآلام وعمق الجراح والثمن الباهظ الذي دفعه الوطن والمواطن من أجل الحرية والكرامة.

 

علينا أن نعمل جميعا على إنهاء عملية القتل والإقتتال بين السوريين والبدء بخطوات زرع الثقة بين الأطراف المتصارعه ونحن نعلم بأنه أمامنا مخاض طويل وعسير وسنواجه مخاطر كثيرة ومعقدة, ولكننا واثقون بأننا سنصل إلى ما نصبوا إليه عندما تتظافر جهودنا وتتوحد أهدافنا. ويمكننا معا تجاوز الصعوبات والعثرات التي ستواجهنا في عملنا من أجل إنقاذ وطننا وإنتشاله من حالة الحرب الساعرة فيه وإيصاله إلى حالة السلام والإستقرار. وكما أنه من غير الممكن أن تذهب كل التضحيات الجسام سدا, فانه من غيرالممكن أن نستمر بتدمير بقايا الوطن الذي ضحينا بكل غال ونفيس لإنقاذة.

 

لنبدأ بما يمكننا الإتفاق علية لنتمكن من كسر حالة الجمود الإستراتيجي القائم, وعلينا أن نأخذ التوازنات الدولية والإقليمية بعين الإعتبار, وأن نكف عن تحميل الأخرين مسؤولية ما يحصل في بلدنا, وأن نكون بقدر مسؤوليتنا ونعترف بأن الطغاه والكثيرين من القتلة هم من إنتاج مجتمعنا, وأنه تقع علينا نحن كسوريين مهام وإلتزامات يجب أن نقوم بها قبل مطالبة الآخرين بمساعدتنا, حيث بات واضحا بأن العالم لم يعد ينظر إلينا كضحايا بقدر ما ينظر الينا كمصدر للقلق.

قمنا بأعداد هذه الدراسة التي هي بين يديكم, والتي ساهم في إنجازها سوريين من كافة مكونات المجتمع السوري. هدفنا هو المساهمة في البحث عن حل قد يخرج وطننا من مأساته الأليمة ويساعد في أيقاف نزيف الدم, ويكون إنطلاقة للبدء في بناء السلام والإستقرار في سوريا, ومن ثم البدء في بناء الدولة على أسس العدالة والمساواة والمواطنة الكاملة.

بعد إطلاعنا على أشكال ونماذج عديدة للحكم في دول العالم مثل فرنسا التي تعتمد اللامركزية الإدارية الموسعة والتي طورتها لتصبح أكثر صلاحية للأقاليم من الفيدرالية, ودرسنا بشكل مفصل التجربة الألمانية ونظامها الفدرالي وكذلك التجربة السويسرية الفريدة, وتجربة الولايات المتحدة الأمريكية, إضافة الى تجارب العراق ولبنان والبوسنة والسودان وأفغانستان والصومال ومخاضاتها السياسية والقانونية والدستورية والإنتكاسات الأمنية التي مرت بها هذه الدول, وتجربة نيجيريا في زيادة عدد أقاليمها وتوسيع صلاحيات تلك الأقاليم, وكذلك تجربة الباكستان في التمثيل بالتعيين (المقاعد المحجوزة مسبقا) المقتبسة من نظام الكوتة البريطاني, ودرسنا تجربة الإمارات العربية المتحدة في إتحاد غير متماثل من حيث القوانين أو حتى المرجعيه الدستورية, وكثير من الدول المتقدمة التي لديها تجارب في معالجة مشاكل التنوع القومي والديني, وكذلك درسنا تجربة تونس ومصر والمغرب وليبيا, وكثيرا من الدول التي مرت بتجارب مريرة لها بعض وجه الشبه مع التجربة السورية. كما أننا درسنا تطلعات ومقترحات كل المكونات السورية في دولة المستقبل.

من أجل الوصول إلى حل عادل قد تقبل به أغلبية المجتمع السوري, يجب أن نبدأ بحوار واسع بين كل مكونات المجتمع وبكل صراحة وشفافية من خلال مؤتمر وطني عام جامع لكل المكونات السورية (حكما ومعارضة) وبكل تصنيفاتها السياسية والمدنية والحقوقية والعسكرية, مسبوقا بوقف لإطلاق النار, مع إخراج كل القوى الدخيلة على الوطن, ودعم مبادرات بناء الثقة بين فئات ومكونات وأطياف المجتمع, لتكون أساسا للمصالحة والمسامحة, وإتخاذ اجراءات تعزز هذه الثقة.

 

وبعد ذلك يتم الإتفاق على المظلوميات ووضع الأسس لمعالجتها وتقديم الضمانات من الكل وللكل, لأنه لا يمكن إقامة دولة على أساس المواطنة إلا بعد توافقات تؤسس لثقة بين السوريين مبنية على الإعتراف بحقوق الآخرين المختلفين قوميا أو دينيا أو فكريا, ويجب علينا تسوية المظلوميات وتأطيرها وإيجاد آلية لحلها وتقديم ضمانات لتنفيذها. ونرى أن تتم دراسة المظلوميات في ثلاث فترات زمنية الأولى ( 1959 -1970) والثانية (1970-2011) والثالثة (2011- حتى اتفاق السلام) ونشير هنا إن قوة الدولة المركزية ومؤسساتها هي الضامن الأكبر لكل الحقوق والتفاهمات والإتفاقات المبرمة بين كل فئات ومكونات المجتمع من أجل بناء دولة المواطنة والعدالة والمساواة. من خلال هذه التفاهمات نستطيع أن نتجاوز الكثيرمن المخاوف والنقاشات التي تدور حول شكل الحكم في سوريا والتمثيل للمكونات وهل سيكون الحكم فيدرالي, أم لامركزي إداري, أم لامركزي سياسي, أم مركزي كما هو عليه الآن.

 

مقترحنا للحل مؤلف من ثلاثة مراحل (تحضيرية – إنتقالية –دائمة), وحيث يتم توزيع مهام إدارة البلاد على ثلاثة مستويات: الحكومة المركزية وحكومات المحافظات والبلديات والبلدات. أما الدور التشريعي يقع على عاتق البرلمان بغرفتيه وبرلمانات المحافظات, ولكل مرحلة آليات حكم وآليات إنتخابات ومهام تؤسس للمرحلة التالية. هذه الدراسة تنطلق من تحليل لحالة الحكم في سوريا وآلياته ما قبل عام 2010, ثم نطرح أفكارا للوصل إلى السلام وتثبيتة, ومن ثم مراحل بناء الدولة مرورا برؤيتنا لحل مشكلة المكونات.

إتفقنا على أن لا نتطرق بالدراسة والتحليل للوضع مابين 2011 وحتى الآن, لأن المئات من المنظمات الدولية والحقوقية والإعلامية, بالإضافة إلى الآلاف من الناشطين المدنيين والسياسيين والإعلاميين قد وثّقوا بالصوت والصورة ما جرى في هذه الفترة وبكل التفاصيل.

كلنا نعلم أن الحل في سوريا صعب جدا ومساره مليء بالآلام والألغام, ولكننا نؤمن بأن هناك شعب في سوريا قادر على رسم مسار الخلاص والعبور ببلده إلى بر الأمان. ولا بد أن نبدأ من الوضع الراهن, وبالرغم من حالة التمزق السائدة وتنوع أشكال الحكم في الكثير من أجزاء البلاد, ستكون الإنطلاقة بالعمل على دعم تجارب الحكم المحلي الموجودة في بعض المناطق وتقويمها ووضعها على المسار الصحيح وتشكيل حكومات محلية ترتبط بحكومة وبرلمانين مركزيين قويين.

 

هذه الخطوة هي غاية في الأهمية من أجل الحفاظ على سلامة المواطن وإستمرار تقديم الخدمات له وإشعاره بالأمان والإطمئنان. فلا يمكن البدء مباشرة ببناء دولة في المركز إلا إذا تم طمأنة الكل بأن هذه الدولة ستضمن سلامتهم وحقوقهم. ولذلك قمنا بدراسة واقع الحكم المحلي القائم حاليا على كل الأرض السورية, الذي نأمل بالعمل على تحسينه وتطويره ليندمج لاحقا في إطار حكومة مركزية جامعة, وأقترحنا آليات عملية لتمكين الشعب من الوصول إلى حكم رشيد, معتمدين على آلية تنفيذ مبنية على دراسات لبناء مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية, مع دور فاعل لمؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية وما يتطلب ذلك من أطر تشريعية, وأرفقنا هذه الدراسة بمؤشرات سكانية وإقتصادية.

نحن نهدف إلى الوصول إلى دولة المواطنة التي تحفظ حقوق وكرامة الجميع, وننطلق من الإعتراف بالمظلوميات والإقرار بالحقوق المدنية والسياسية والإقتصادية والقومية والدينية وتقديم الضمانات بأن هذه المظلوميات لن تتكرر ولن يستطيع أي مكون أن يسلب الآخرين حقوقهم أو ينتقص من كرامتهم.

نتطرق في دراستنا هذه إلى الجانب الإقتصادي, حيث أخذنا بعين الإعتبار طرق تمويل هذا التغيير في طريقة الحكم وأساليبه وشكلة. في الحالة الطبيعية تعتمد الدولة على الضرائب والموارد الطبيعية والأموال الناتجة عن نشاط الدولة السيادي والإقتصادي ولكننا اليوم نتحدث عن شعب سحقت فيه الحرب طبقات المجتمع كلها, واختفت الطبقة الوسطى التي هي المحرك الأهم للاقتصاد, وتحول أغلب السورين الى شعب لاجئ في دول كثيرة من العالم, ومن بقي منهم في البلاد يعاني الكثير للحصول على لقمة عيشه.

فالمؤشرات الاقتصادية والاجتماعية تشير إلى أوضاع مأساوية عميقة, فاقتصاد الحرب المعتمد من قبل كل الأطراف المسيطرة على الأرض هو إقتصاد مبني على الريعية وإستثمار الموارد الطبيعيه بشكل مفرط داخليا, والإعتماد على الممولين والداعمين خارجيا. وينقسم الممولون حسب الجهات المستهدفة من التمويل والمشاريع الممولة. فهناك دول تقدم منحا وتمويلا لأغراض عسكرية لدعم طرف ضد آخر, ودول تقوم بدعم مشاريع تخص نشاطات معينة, وهناك منظمات دولية ومنظمات خاصة تقوم بتقديم خدمات وإعانات غذائية لفئات من السوريين في دول الجوار أو في المناطق المختلفة من سوريا, وعادة يكون موقف الجهه الداعمة السياسي يحدد المنطقة أو الجهة التي يذهب اليها تمويله.

إن الأغلبية الساحقة من الشعب السوري على إستعداد أن تقبل بكل الحلول التي تضمن لها حريتها وكرامتها ووحدة أراضيها. ونحن على يقين تام بأن النظام الديمقراطي هو الكفيل بحل الأغلبية العظمى من المشاكل العالقة, وإزالة المخاوف التي يعاني منها السوريون بشكل عام والأقليات بشكل خاص, وخاصة عندما يتم إنتخاب برلمانات المحافظات ومجالس المدن والبلديات من الشعب مباشرة. نحن نجد أكثر الحلول المناسبة للحالة السورية هو أن يكون نظام الحكم برلماني ديمقراطي مع الإعتماد على اللامركزية الإدارية الموسعة في إدارة شؤون المحافظات والمدن, مع منحها صلاحيات واسعة في أغلب المجالات والتي قد تفوق الصلاحيات الممنوحة في الأنظمة الفيدرالية وهنا نذكر المثال الفرنسي في اللامركزية الإدارية.

 

في كلا الحالتين نرى بأن تطبيق مبدأ البرلمان بحجرتين ضروريا وذلك على غرار النموذج الألماني, أي أن يكون هنالك إلى جانب البرلمان المركزي المعروف في كل التجارب الديمقراطية, برلمانا مركزيا آخر يشبه في تركيبته برلمان الولايات الألماني والذي يسمى بال“بوندسرات” والذي يمكننا أن نُطلق عليه إسم برلمان المحافظات المركزي. في برلمان المحافظات المركزي يتم تداول كل القوانين التي تمس صلاحيات المحافظات وعلاقتها ببعضها البعض وكذلك علاقتها بالحكومة المركزية. أما أعضاء برلمان المحافظات المركزي فهم أعضاء في حكومات المحافظات ويتم إنتدابهم من قبل حكوماتهم إلى برلمان المحافظات المركزي شريطة ان يكونوا اعضاء في برلمانات محافظاتهم.

هذا المجلس يقوم بدور تشريعي إلى جانب البرلمان المركزي ويعتبر مؤسسة تشريعية ومن أهم وظائفه هو إعطاء المحافظات إمكانية المشاركة في سن القوانين التي تمس شؤونها الداخلية. ومن مهامه كذلك المشاركة في إنتخاب أعضاء المحكمة الدستورية العليا إلى جانب البرلمان المركزي وفي المرحلة الدائمة ينتخب المجلسان مع أعضاء المحكمة الدستورية العليا, رئيس الدولة أيضا. وقد أطلقنا على المجلسين معا اسم “الكونغرس” كما هو في النظام الأمريكي. عدد ممثلي كل محافظة أو المنطقة المستقلة سيكون متناسبا مع عدد سكانها.

ولتجنب الصدامات الغير مرغوب بها, قمنا بدراسه معمّقة لإعادة رسم المناطق الإدارية  لتكون الجغرافيا السورية مشكلة من 33 محافظة, إضافة إلى منطقة مستقلة واحدة, وذلك وفقا للتركيبة السكانية والموقع الجغرافي, بما يخدم مصلحة الشعب السوري عموما ويحقق آمال وتطلعات المكونات بشكل خاص ويسهل أمور الناس اليومية. وقد أخذنا في دراستنا بعين الإعتبار الواقع التالي:

  1. أن الحرب قد سببت شروخا عميقة وجراحا غائره بين جميع مكونات الشعب السوري.
  2. التركيز الدولي على حفظ حق الأقليات في التمثيل العادل والمتوازن.
  3. الإنزلاق الى تقسيم طائفي أو عرقي لن يؤدي في يوم من الأيام الى دولة مواطنة تعتمد نظام حكم ديمقراطي وطني صحيح. كما هو الحال في التجربة اللبنانية أو العراقية أو تجربة البوسنة والهرسك أو تجربة إنفصال السودان ودول اخرى.
  4. الخوف المحق من تقاسم سوريا أو تقسيمها إلى دويلات غير قابلة للحياه وتبقى في حالة الحرب أو اللاسلم الدائمة. وهناك مئات الدراسات لمراكز أبحاث ومعاهد غربية تتحدث عن إعادة رسم الخرائط أو التقسيم. إنطلاقا من هذه المعطيات قمنا بإعادة رسم الخريطة الداخلية لسوريا كوحدات إدارية جديدة ضمن الأهداف التالية:
  5. وضع أساس لدولة المواطنه بالعمل على ضمان تمثيل كل المكونات السورية من خلال تحويل الأقليات إلى أكثريات في مناطق تواجدها وذلك برسم حدود جديدة للمحافظات دون تغير تركيبتها السكانية.
  6. عدم ذكر أي نسب لأي مكون أو عدم إستخدام كوته لأي مكوّن بعينه وإنما فقط كوتة وطنية, مما سيؤدي إلى وصول ممثلين للشعب من كل المكونات وبشكل ديمقراطي سليم, دون عفن التقسيمات التي وقعت فيها الكثير من دول العالم.
  7. لا نشترط أن تكون المنطقة من لون قومي أو طائفي معين وإنما جمع المتشابهين بما يضمن مصالح الشعب وتسهيل حياتهم اليومية ومنع الإحتكاك غير المرغوب في المرحلة التحضيرية والإنتقاليه.
  8. بإعادة رسم الخريطة الإدارية السورية نستطيع أن نتحاشى إشتراط البعض لنصوص دستورية أو قانونية تشكل ألغاما يمكنها أن تنفجر بأي لحظه, وأن نتجنب تحكّم ظلال الماضي المعتم بمستقبل سوريا.
  9. عندما تضمن الأقليات أو المكونات تمثيلها وأكثريتها في مناطقها, فانها ستقوم من خلال الممارسة الديمقراطية بإنتخاب ممثلين لها وفقا لأسس المصلحة العامة والكفاءة والفاعلية والمردودية وهذا هو مفهوم النظام الديمقراطي الذي تقوم عليه الدول.

مرفقا مع هذه الدراسة جدول للمحافظات المقترحة وخريطة المحافظات السورية وفقا للتقسيم الاداري الجديد وخريطة توضح التوزع السكاني الجديد.

 

 

هذه الدراسة هي وجهة نظر مطروحة للنقاش, نعرضها على الجهات المعنية والمختصة وعلى الشعب السوري كأفراد ومؤسسات ومكونات من أجل إنضاجها وإغنائها, علها تسهم في فتح باب للحل و تمنح بلدنا   بصيص نور في آخر نفق مظلم.

 

 

 

 

 

جمال قارصلي: نائب ألماني سابق, من أصل سوري

طلال جاسم: باحث وسياسي سوري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى