التطرّف من الماركسية الى الجهادية .. عمر العرودي

إن مسألة الواقع اليوم من حيث جدلية الفكر والممارسة تطرح علينا إشكالية الخوض في مسألة العلاقة الواقعة بين الماركسية والفكر الجهادي كما تطرح علينا حتمية النظر في دلالة أن يكون الانسان العربي من أنصار الفكر الماركسي وفي نفس الوقت يتبنى الفكر الجهادي ؟!فهل في الماركسية مايمكن أن يستوعب هذه المعادلة أم أن ذلك عن محدودية المعرفة بالماركسية والدين في آن ؟

مفهوم الماركسية

تعد الماركسية بأنها ممارسة سياسة تسطبتن نظرية اجتماعية مبنية على أعمال كارل ماركس الفكرية ،وهو فيلسوف من أصول ألمانية يهودية عاش في القرن السابع عشر ،وهو أيضا عالم اقتصاد وصحفي وثوري ، شارك رفيقه فريدريش إنغلس في وضع الأسس واللبنات الاولى للنظرية الشيوعية ، ومن بعدهما بدأ المفكرون الماركسيون في الإضافة للنظرية المذكورة أنفا بالاستناد إلى أسسها التي أرسى دعائمها ماركس ويعتبر كارل ماركس ورفيقه فريد ريش انغلس أن الاشتراكية تطور حتمي للبشريه وفق المنطق الجدلي وبأدوات ثورية،ولعل هذا يؤيده اقتران مجمل أعمالها بتسمية الماركسية أوالشيوعية العالمية التي تهدف إلى تحسين أوضاع العمال المهضومة حقوقهم من قبل رأس المال أو القضاء على استغلال رأس المال للإنسان العامل فوق كل أرض وتحت أي سماء .
يبدو جليآ مما تقدم أن رهان الماركسية ،لا يحتّمل الفوارق الدينية ولا الجغرافية أو غيرها.ولاغرّو في ذلك فالمشروع الماركسي لايمكن أن يكون عالمياًإلا إذا تم نفي كل مايمكن أن يقف ضد غاية التوحيد الشيوعية، وبالفعل فقد حرصت الشيوعية على تأكيد أن الدين أفيون الشعوب،وبالتالي تقديم بديل لفكرة الدين بفكرة الطبيعة.

الماركسية العربية والفكر الجهادي
رغم المرتكزات الأساسية التي تقوم عليها الشيوعية الماركسية والتي تتناقض إلى حد كبير مع التركيبة الثقافية العربية لا بل أن مشروعية التأسيس أو حتى الدعوة إلى الماركسية من داخل المجتمعات العربية يبدو نظرياً أمراً مفروغاً منه مافي ذلك ريب،خصوصاًعلى المستوى العقائدي وأيضاًعلى المستوى السياسي، دون أن نعدم فرضية أن يقع القطع مع الماركسية على خلفية الأصول اليهودية لمؤسسها، إلاّ أن ذلك لم يكن قادراً على إيقاف زحف الماركسية ومنعها من التأتثير في البنى الثقافية والاجتماعية والسياسية العربية ، فقد أصبحنا نتحدث عن ماركسية عربية وماركسين عرب إلى باتْٰ قابلاً للقول إن الماركسية العربية أضحت قوى من أبرز القوى المتحادمة في اتجاه الممارسات السياسية وبناء الرأي العام في بلدان القارة، والغريب في ماتقدم أن الماركسية العربية ،قد شكلت شكلاً مختلفاًعن الماركسية الأصل ْ.
وأن كانت هذه الأخيرة مشربها،في نحت مسارها السياسي على وجه الخصوص،فمماٰ لاشك فيه أن الفكر الماركسي بعد امتزاجه بالبنية الثقافية العربية قد ظل منشدّاً إلى حقيقة تاريخ الماركسية الغربية،وأن مايحدث من تغيرات هو في واقع الأمر ليس إلآّ وجهاً جديداً لهذه الحركة السياسية ،بيد أن الناظر في تفاصيل هذه الحركة بعد تجليها صلب المجتمعات العربية قد يلحظ دون عناء ارتباطاً بأهداف سياسية بحتة واشتغالها على العنصر الديني ،دون سواه، ولعل هذه النزعة هي التي تبرزُ بروزّ تيار جهادي منشطر بين فكرتين متناقضتين ، أولهما متجسدة في فكرة الدفاع عن الله والدعوة إليه بالقوة ،وثانيتهما ثقافية عقلية ما أرست الماركسية من سمات ثقافية اجتماعية وسياسية.
إن هذا الانفصام الفكري إن صح التعبير يقودنا إلى استنتاج أمرين أساسيين يمكنان في:
-أن الماركسية العربية لم تعمل على هيكلةٰ جماهيرها هيكلة فكرية قادرة على بناء وعي يستجيب لمتطلبات الحركة وأهدافها.
-أن هذه المعادلة هي التي أفرزت ماركسيين جهاديين.
من هنا ندرك أن الماركسية العربية تعاني من إشكال معرفي شأنها في ذلك شأن التيار الحامل للفكر الجهادي.

 

 

خاتمة القول:
لئن اكتسحت الماركسية المجتمعات العربية فإن ذلك جعلها تفقد جانباً مهماً من هويتها الحقيقة يمكن القول عنه،إن الماركسية التي أنجبت فكراً جهادياً قد وضعت رقمآ لها في الساحة العربية قد يصعب السيطرة عليه، إذا ما لم يتم تدارك الإشكالات المعرفية حول الماركسية ومجالات اشتغالها.

 

 

 

 

 

 

 

 

المركز العربي الأوروبي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى