لاجئون يقعون في فخ العروض الوهمية المغرية
يعاني كثير من اللاجئين في ألمانيا من تبعات تورطهم في توقيع عقود لم يدركوا التزاماتها القانونية. وتتطور هذه التبعات مع الوقت مُشكِّلةً عبئا ماديا يثقل كاهل اللاجئ، وتجره أحيانا إلى المحاكم في ملاحقات قضائية من قبل الجهة المتعاقدة معه.
طاهر لاجئ جزائري. وهو أحد الذين وقعوا في مثل هذه المشكلة. أغراه عرض شراء شريحة هاتف، مصحوبة إما بمبلغ 400 يورو أو بجهاز الموبايل. فاختار الشريحة والمبلغ المالي، نظرا لوقوعه في ضائقة مالية بسبب تكاليف المحامي الذي وكله لمتابعة سير قضية لجوئه. وقام بتوقيع العقد في نقطة بيع بالقرب من منطقة سكنه “زالسغيتَر” بشمال ألمانيا، ولم يعطِ أهمية للسؤال عن التزامات هذا العقد وتبعاته، كما يقول طاهر لـ DW عربية.
ويضيف طاهر أنه استلم عبر البريد رسائل من الشركة التي تعاقد معها، لكنه لم يفهمها بسبب جهله للغة الألمانية، إلى أن تلاحقت الرسائل بفاتورة تبلغ 700 يورو، وهو ما أصاب اللاجئ بالدهشة، لأنه بحسب قوله تلقى مبلغ 400 يورو فقط. وأوضح اللاجئ أنه عجز عن التواصل مع الشركة من أجل الاستفسار إلى أن بلغت الفاتورة اليوم 1700 يورو، وتم تعطيل حسابه البنكي من قبل هذه الشركة التي تتابعه اليوم قضائيا دون أن يحرك ساكنا بسبب عجزه عن توفير تكاليف محام آخر إلى جانب محامي قضية اللجوء.
هل يمكن إلغاء مثل هذه التعاقدات؟
ولكن هل بالإمكان إلغاء مثل هذه العقود؟ سؤال طرحته DW عربية على مارفين مومبارغ من مكتب منطقة براونشفايغ لحماية المستهلك، فأجاب: “نعم، يمكن إلغاء بعض أنواع العقود في وقت محدد ولظروف معينة أيضا”.
وشرح المتحدث بأن أغلبية العقود تكون سارية قانونيا إلى غاية انتهاء فترة العقد، أما إلغاؤها فيكون عن طريق الإشعار العادي قبل بدء الثلاثة أشهر الأخيرة من مدة العقد: فمثلاً قد يوقع الزبون على عقد للاستفادة من خدمة الإنترنت والهاتف، وفي معظم الحالات تبلغ مدة العقد 24 شهرا، وهذا يعني أن العقد يستمر لمدة سنتين.
فإذا كان الزبون لا يرغب في تمديد العقد لأكثر من عامين يجب عليه إلغاء العقد كتابيا (في رسالة موقعة بإمضائه) قبل ابتداء الثلاثة الأشهر الأخيرة من فترة العقد (أي في الشهر الحادي والعشرين على الأكثر). وفي حالة إغفال هذا الإجراء تكون النتيجة: تمديد العقد تلقائيا إلى عام ثالث أو إلى عامين إضافيين. وهذه الشروط يتضمنها العقد لكن الزبون قد لا ينتبه لها عند التوقيع.
لكن مارفين مومبارغ يقول إنه توجد حالات استثنائية تؤخذ في الحسبان عندما ينجم ضرر في الإبقاء على العقد حتى انقضاء مدته، وهنا تتم موازنة مصالح كلا الطرفين المتعاقدين، مضيفاً أن حالة إلغاء العقد تخضع أيضا الى ظروف الحالة ،لأن ظروف الحالة الفردية هامة جدا.
شباك الشركات الوهمية على الإنترنت
يستهوي اللاجئين من الشباب التبضع عبر الإنترنت، إذ يجدون متعة في التسوق من مسكنهم دون عناء، لكن لا يسلم كل اللاجئين المتسوقين عبر الإنترنيت من الوقوع ضحايا لشركات وهمية تجذبهم بعروض مغرية من حيث السعر ونوعية المنتوج. فإلى مدى تكون هذه العملية مؤتمنة؟ الشاب السوري، طارق الأحمد البالغ من العمر 25عاما، يشرح لـ DW عربية كيف تعرض للنصب عبر الإنترنت، بعدما تردد كثيرا قبل النقر على الموافقة بدفع مبلغ 436 يورو، مقابل الحصول على جهاز تلفزيون من نوع “سامسونغ”، لكنه لم ينعم برؤيته إلى يومنا هذا إلا من خلال شاشة الكمبيوتر عند اختياره لهذا المنتوج.
ويتابع طارق بالقول: “كنتُ مترددا جدا قبل إقبالي على شراء المنتوج، ولكني حين رأيت معلومات التواصل مع الشركة على موقعها الإلكتروني (العنوان ورقم الهاتف) اطمَأنَّتْ نفسي، ودفعت المبلغ لأكتشف بعد أسبوع أنني تعرضت للنصب”. شارحاً أنه حكى حالته لكثير من أصدقائه، ناصحاً إياهم بتجنب التبضع من هذا الموقع المزيف، ليجد عددا منهم وقد وقعوا بالفعل في نفس الفخ.
فقدَّم طارق بلاغا لدى قسم الشرطة بمكان إقامته في مدينة “زالسغيتر”، وما أثار غضب الشاب واستغرابه في نفس الوقت، بحسب تعبيره، هو أن الموقع بقى موجودا على الإنترنت حتى بعد تبليغه للشرطة بفترة تجاوزت أسبوعين. وأوضح الشاب اللاجئ أنه اتصل بمركز حماية المستهلك التي صعب عليها التدخل في مثل حالته لغياب طرف شخصي أو معنوي للتفاوض معه.
أغلب الضحايا من أصحاب عقود الاشتراكات والهواتف النقالة
أغلب الشكاوى تأتي من ضحايا تورطوا في اشتراكات مجانية لمنتوج ما، يُمدَّد عقده بشكل تلقائي إن لم يسارع المتعاقد إلى إلغاء الاشتراك بحسب شروط العقد، بحسب تصريح مومبارغ. تليها قضايا اشتراكات الهاتف المحمول الباهظة الثمن، والتي تم فيها قطع خدمة اتصال شريحة الهاتف وترافق ذلك مع رسائل بريدية إنذارية تطلب دفع تكاليف الأضرار الناجمة عن المستهلك. ويضيف المتحدث ذاته بأن مركز حماية المستهلك تدخلت في كثير من الحالات، واستطاعت أن تخفض من مقدار الغرامات المفروضة على الزبائن.
وبالنظر لكثرة الزلات التي يقع فيها اللاجئون، خصص مركز حماية المستهلك في بعض ولايات ألمانيا قسما لاستقبال شكاوى اللاجئين وتقديم المشورة لهم.
dw