سعد الحريري يسقط في اختبار الخبز… أويس مخللاتي معجب بهتلر… وأنزور يهاجم “الخوذ البيضاء” بفيلم سينمائي
إطلالة موفقة للغاية من رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري عبر برنامج «دق الجرس» على شاشة «أم تي في»، حيث يقوم البرنامج على محاورة أطفال في صف مدرسي. ومن لا يتشوق لمشاهدة الكيفية التي سيطرح بها الأطفال أسئلتهم، بل وكذلك من لا يتشوق لمراقبة ردود فعل الحريري، وعلى أي نحو سيتصرف مع أحرّ الأسئلة وأصدقها وأكثرها عفوية.
كانت حلقة ممتعة بالفعل، ذكاء الأطفال، «هضامتهم»، اكتشاف لبنان المقسّم والمتحارب وراء كل ذلك الجمال الطفل، لعبة اكتشاف ما حُمّل به الأطفال، فهذا ولدٌ يقول اسمُه إن أهله ينتمون إلى التيار الفلاني، وهذا يعود إلى الطائفة العلانية، بل إن تلك البنت محجبة على طريقة أهلها، وجاء سؤالها متناغماً مع ذلك الانتماء.
بدا الحريري متواضعاً، موفقاً إلى حد كبير في أجوبة تراعي عدم زج الصغار في حروب الكبار. بسّط أعظم الخصومات، ومن بينها خصومته مع «حزب الله»، وبدا متسامحاً معه بلا حدود. لكن سماحته تلك سرعان ما تعثرت بمن لم يتدرب بعد على التسامح معه، رفيق الدرب وزير العدل السابق أشرف ريفي، حيث نعته بعدم الوفاء، وبالكذب. نعم، تسامحَ الحريري حتى مع قتلة والده، لكنه لم يستطع ذلك مع رفيق درب عنيد تجاه القتلة، قتلة أبيه بالذات.
الصغار لم يترددوا في طرح أسئلة صعبة، بخصوص الانتخابات وتوريث الزعامة ومعنى النأي بالنفس وملفات كالنفط والنفايات وسواها، ويمكن القول إن الرجل قد نجا منها، وكان مقنعاً إلى حد كبير بالنظر إلى ما ينبغي للأطفال معرفته.
لكن ما لا يمكن غضّ الطرف عنه، بل يمكن اعتباره سقوطاً مروعاً في الاختبار، هو عجز رئيس حكومة لبنان عن معرفة سعر ربطة الخبز. حين سئل أعطى رقماً هو أقل بمرتين من السعر الحقيقي. هنا بالضبط ينبغي على لبنان، والمواطن اللبناني، أن يخاف على مستقبله. هنا بالضبط يجب القول للبنانيين: شدّوا الأحزمة على البطون.
غضّ النظر عن البطش
لم تكن تلك المقابلة على تلفزيون «أم تي في» اللبناني مع الفنان السوري الصاعد أويس مخللاتي، إلا من باب الترويج لمسلسل سيعرض قريباً على تلك الشاشة. لكن مجريات الحوار أخذت الشاشة اللبنانية للترويج لثقافة نازية تصعد بقوة في بلادنا، كما في العالم، من دون أن يتأفف منها أحد، أو يتحسس لوجودها.
لا الفنان الصاعد، وهو على ما هو عليه من أمية ساطعة، ولا مدير البرنامج عادل كرم، وهو على ما هو عليه من قلة دراية بأبسط شؤون الإعلام، يستحقان الكتابة والانشغال لولا ذلك التصريح الناري لمخللاتي، الفنان السوري الشاب، عندما سئل عمّن يثير إعجابه من الزعماء والقادة، فقال: «هتلر». موضحاً «بغض النظر عن البطش، فقد كان صاحب قومية، يا ليتها كانت عربية»!
كلام قوبل بالتصفيق من جمهور الاستديو ، وبضحك ومرح من عادل كرم، مع دعابة «نوجّه تحية لهتلر».
يبدو أن الفنان السوري مأخوذ بالعنتريات التي أطلقها هتلر، حول مجده وامبراطوريته التي ستبقى ألف عام غير عابئ بأن تلك الأحلام لم تدم أكثر من أربع سنوات، غير عابئ أيضاً أن بطله ذاك دمّر أوروبا، وبلده قبل ذلك، وتسبّب بمقتل الملايين حول العالم. فهل لدى مخللاتي القوة الكافية كي يغضّ الطرف عن كل ذلك البطش؟
لكن لماذا نعتب على الفتى الجاهل ما دام هناك من طالبَ ويطالب بستالين نموذجاً للزعامة الوطنية، كما فعل من قبل زياد رحباني، أو الشاعر السوري نزيه أبو عفش، معجباً بـ جوزيف ستالين «الـمُعَظَّم» حسب تعبيره، هو الذي لم يتردد بأن يوقّع باسم «فلاديمير بوتين أبو عفش»!
اقتلوهم!
في إطار حملة تسويغ جريمة الإبادة التي يرتكبها طيران النظام السوري في الغوطة الشرقية أجرت إحدى قنواته الإعلامية مقابلات مع بعض سكان مدينة دمشق، كانت كلها تقريباً لسيدات محجبات، وقد تحدّثن جميعاً بصوت واحد: «الله لا يسامحن. لازم يفعسّن بالصرماية»، تقول إحدى السيدات وهي تبكي. ومن أجل أن لا يبقى الفاعل ضميراً مستتراً تطالب «الجيش والرئيس» بأن «يمحيهن». ثم تقول سيدة أخرى «بدنا الحسم. نوجه للقيادة: ما بدنا هدنة، بدنا الحسم، لأنه تعبنا».
فيما تؤكد سيدة ثالثة: «سبع سنين خلاص. الغرب كله قاعد ومأمّن بس نحنا اللي رايحة علينا. لازم حسم نهائي». وتختم «كان بإمكاني إطلع برا البلد، بس أنا ما بدي أترك البلد».
رسالة الفيديو شديدة الوضوح، التأكيد على حجاب هاتيك النساء. إنهن مسلمات (بل إن الحجاب يشير إلى طائفة بعينها) يطالبن بالحسم وعدم السماح بهدنة جديدة. مسلمون يطالبون بإبادة مسلمين. هكذا تتصرف «الدولة العلمانية» إزاء مواطنيها. تريد أن تقول بأنها تمثل الإسلام المعتدل في مواجهة الإسلام الإرهابي في غوطة دمشق. شعور ما يطغى بأن هؤلاء أقرب إلى دروع بشرية، رهائن، مهما بلغن من التطرف.
ثم ماذا تعني عبارة «ما بدي أترك البلد»! من قبل المطالبين بالحسم؟ هل ثمن بطولة الصمود والبقاء الدعوة الصريحة للإبادة؟!
شيطنة الشهود
يقدم المخرج السوري (النائب في البرلمان حالياً) نجدت أنزور أحدث أفلامه «رجل الثورة» في دمشق هذا الأيام. على صفحة الفيلم في فيسبوك قدم له بالقول «سيفاجأ مشاهدو الفيلم بالتشابه الذي يصل إلى حد التطابق أحياناً، بين مشاهد تلفيق إعلامي تنفذها جماعة الخوذ البيضاء في الفيلم، وبين مشاهد التلفيق الإعلامي التي سُربت قبل يومين من غرف ماكياج الخوذ البيضاء لمن يزعم أنهم ضحايا القصف في الغوطة، لاستخدام صورهم في عملية الضخ الإعلامي عبر أقنية التلفزيون الشريكة في سفك الدم السوري»!
إعلام النظام لم يقبل يوماً بالإقرار بأي حقيقة. أنكرَ التظاهرات في شوارع المدن السورية، وحين وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه، وبعد مضي سنوات، جرى الاعتراف والحديث عن بدايات سلمية فقط، بل وراح أكثر الموالين تشدداً يقول لو بقيت التظاهرات سلمية لكنّا إلى جانبها.
اليوم لا يتحمّل النظام حقيقة «الدفاع المدني» المعروف باسم «الخوذ البيضاء»، رغم أنها مجموعات لمتطوعين مهمتم إنقاذ الجرحى وإسعافهم. الهجوم المستمر، ومن أعلى المستويات، على «الخوذ البيضاء» لا يعني سوى شيء واحد، هؤلاء بالذات على تماس مع المجزرة المستمرة، هم شهودها الذين لا يدحضون. سبيل النظام الوحيد لإنكار المجزرة هو التشكيك بهم وبفيديوهاتهم. ليس غريباً إذاً أن يعمد النظام إلى إبادة الشهود، بعد شيطنتهم.
راشد عيسى