جزائريون وعراقيون على أرض الملعب: لحظة الحقيقة .. راشد عيسى
في الأربع والعشرين ساعة الماضية سادت مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات الردح المتبادل بين جزائريين وعراقيين، بخصوص ما حدث في مباراة أول أمس لكرة القدم بين فريقي البلدين على أرض الجزائر، عندما هتف بعض الجمهور الجزائري بحياة صدام حسين، فانسحب الفريق العراقي مع ردود فعل وفيديوهات غاضبة وطائفية لم تترك مقدساً عند الجزائريين إلا وتناولته. وقد تحوّل الأمر أخيراً إلى أزمة دبلوماسية بين البلدين.
في مشاجرات صاخبة من هذا النوع غالباً ما تختلط الأمور، وقد يتحول صاحب الحق إلى مخطئ عندما يقرر الرد بالمثل، لذلك لا جدوى، ربما، من السؤال عن المسؤول مباشرة عن الأزمة، ولا ندري من الذي عليه أن يعتذر ويطيّب الخواطر.
أيام، أو أسابيع، وتنتهي فيديوهات الردح، غير أن ذلك لا يعني أن المشكلة انتهت، فما حدث بدا وكأنه لحظة الحقيقة، فرصة لاكتشاف ما استقر في الوجدان من كراهية وكراهية مضادة، من عنصرية وطائفية وحرب مضمرة يمكنها أن تشتعل مجدداً في أي لحظة.
المسلسل الروسي السوري
أعلن أخيراً أن المسلسل الروسي «تائهات» المدبلج إلى المحكية السورية سيبدأ عرضه مع بديات الشهر الجاري. التجربة، على ما يبدو، ستفتتح عهداً جديداً في سلسلة من الأعمال الروسية المدبلة بالعامية السورية، بعد حقبة المسلسلات التركية المدبلجة وباتت في وقت مضى اختصاصاً سورياً.
لسنا في حاجة لإثبات جديد على أن الصناعة الدرامية السورية، بكل أصنافها، كانت موظفة دائماً في خدمة التوجهات السياسية للنظام الشمولي. ففي فترة الشدّ والجذب مع الأتراك كانت مسلسلات استعادة الحقبة الاحتلال العثماني الرهيب لبلادنا على أشدها: دلقت شاشة التلفزيون دماً أكثر بكثير مما يحتمل هذا الجهاز المنزلي العائلي، إعدامات ومشانق وسفر برلك وخوازيق، قبل أن يتحول كل ذلك في عهود الصفاء إلى مسلسلات تركية معاصرة ولا أعذب.
كذلك يجري توظيف المسلسلات مرة للتأكيد على فظاعة الاحتلال الفرنسي، ومرة إلى تجنب تلك الحقبة، أو على الأقل تجنب إظهارها بتلك الدموية، عندما تصفو المشارب.
اليوم قد نجد أنفسنا أمام حقبة درامية جديدة، لا ندري كم ستطول مع الدراما الروسية، بل إن البعض يقول لقد تأخروا كثيراً في ذلك، حيث إن نظرة لتاريخ العلاقة بين هذا البلد وروسيا، وخصوصاً في سنوات الحرب الأخيرة، تكشف عن أنه مع الدراما الروسية المدبلجة يكون قد اكتمل النقل بالزعرور.
رسالة «مخللاتي» للأسد
معجبو الفنان السوري أويس مخللاتي عاتبون ويشعرون بخيبة أمل إزاء تغريدته التي يبحث فيها عن طريقة للاطمئنان عن صحة بشار الأسد وزوجته عندما غرّد يقول: «كنت أتمنى أن يكون الاطمئنان بشكل شخصي، ولكن لا أدري ما الطريقة لذلك، ولست متأكداً من صحة الأخبار التي تتناقلها وسائل الإعلام عن مرض الدكتور بشار الأسد وعقيلته السيدة أسماء الأسد مع التمنيات بالشفاء القريب والعاجل».
وهو اضطر للتوضيح عبر فيديو: «إلى كل متابعيني وغير متابعيني الذين تفاعلوا مع تساؤلاتي عن رغبتي إلى الاطمئنان عن صحة الدكتور بشار الأسد والسيدة أسماء الأسد، لا تزعلوا أو تنزعجوا. أنا أكيد متضايق وحزين جداً على الأطفال الذين رحلوا، وأتمنى لو أستطيع أن أفعل شيئاً حيال ذلك حتى يعودوا… من حقي كإنسان وكفرد فعال في المجتمع والكوكب أن أعبّر عن رأيي وشكراً».
اللافت أنه أبدى حزنه على قتل الأطفال، كما لو أنه متأكد أن بشار الأسد وراء مقتلهم، فهو «متضايق» و«حزين»، لكن ذلك لا يغيّر من رأيه شيئاً. يبدو أنه يكتفي بإرسالهم إلى الجنة «هم طيور في الجنة».
يذكر أن مخللاتي أجاب ذات مرة عندما سئل في برنامج تلفزيوني لبناني عمّن يثير إعجابه من الزعماء والقادة، فقال: «هتلر». موضحاً «بغض النظر عن البطش، فقد كان صاحب قومية، يا ليتها كانت عربية»!
في ضوء العبارة النازية الأخيرة يمكننا صياغة رسالة الفنان الصاعد على نحو أدق: «أود الاطمئنان عن الدكتور بشار الأسد والسيدة عقيلته بغض النظر عن الأطفال الذين رحلوا».
عندما يمرّ السيسي
ارتدادات كوميدية واسعة حظي بها استقبال الرئيسي المصري عبدالفتاح السيسي في البحرين على أنغام موسيقى مسلسل «رأفت الهجان» من قبل فرقة الموسيقى العسكرية البحرينية. معظم ردود الفعل راح يضع افتراضات موسيقية من مسلسلات أخرى، بعضها كوميدي، واشتعل الضحك.
ما من محاولات عند الناس لتفسير إمكانية مواءمة الموسيقى لحدث رسمي على هذا المستوى، حيث غالباً ما يتطلب الأمر موسيقى المارش العسكري، فقد كان كافياً ارتباط الموسيقى بمسلسل تلفزيوني كي تنشط الذاكرة بتحليل الرسائل، ويبدو أن الجميع قد عجز بالفعل عن بلوغ المغزى من استعادة موسيقى الهجان، إلا رئيس تحرير وكالة أنباء «الشرق الأوسط»، الذي قال لبرنامج «90 دقيقة»، على فضائية «المحور»، إن استقبال الرئيس على موسيقى مسلسل رأفت الهجان «جاء للتعبير عن عظمة مصر، والدور القوي لمصر»، منوهاً بأن «موسيقى رأفت الهجان، تحرك شجوناً لدى كل العرب». وتابع يقول «عندما عرض المسلسل كانت الدول العربية كلها تقف على قدم وساق، وكل الشوراع العربية تخلو من المارة عند عرض المسلسل». هذا بالإضافة إلى التذكير بـ «دور عظيم كدور جهاز المخابرات العامة المصرية».
هذا هو إذاً، إنه نوع من الاستثمار في فنون علم النفس. كان المطلوب أن تقف الدول العربية كلها على قدم وساق حين يمرّ السيسي في البحرين.