خفافيش الفاكهة وراء ذعر جديد أخطر من كورونا

في الوقت الذي لا يزال فيه العالم مرتبكاً وهو يكافح وباء كورونا الذي أصاب أكثر من 103 ملايين إنسان، وأودى بحياة أكثر من 2.2 مليون، أثيرت المخاوف، مؤخراً، بشأن احتمال تفشي فيروس فتاك يعرف باسم “نيباه” أخطر من كورونا.

ووفق مقال لمنظمة الصحة العالمية في 2018، فإن “نيباه” هو فيروس حيواني المنشأ، ينتقل من الحيوانات مثل الخفافيش أو الخنازير إلى البشر، ويمكن أيضاً أن ينتقل عن طريق الطعام الملوث أو مباشرة بين الناس. وتتراوح العدوى البشرية من العدوى بدون أعراض إلى عدوى الجهاز التنفسي الحادة (خفيفة وشديدة) والتهاب الدماغ القاتل. كما يمكن أن يتسبب الفيروس في مرض خطير بالحيوانات مثل الخنازير.

تم التعرف على فيروس نيباه لأول مرة عام 1999 أثناء تفشي المرض بين مربي الخنازير في ماليزيا. ولم يتم الإبلاغ عن حالات تفشٍ جديدة في ماليزيا منذ عام 1999. كما تم التعرف عليه في بنغلاديش عام 2001، وحدثت تفشّيات سنوية تقريباً في ذلك البلد منذ ذلك الحين. إلى ذلك تم التعرف على المرض بشكل دوري في شرق الهند.

وقد تكون مناطق أخرى معرضة لخطر الإصابة، حيث تم العثور على دليل على الفيروس في المستودعات الطبيعية لدى خفافيش من معروفة باسم الثعلب الطائر أو أكل الثمار العملاق وبالاسم العلمي Pteropus مع عدد من أنواع الخفافيش الأخرى في عدة بلدان، بما في ذلك كمبوديا وغانا وإندونيسيا ومدغشقر والفلبين، وتايلاند.

وبحسب الصحة العالمية، تعد خفافيش الفاكهة من عائلة Pteropodidae – وخاصة الأنواع التي تنتمي إلى Pteropus – المضيف الطبيعي لفيروس نيباه.

أول انتشار والفاشيات اللاحقة

خلال أول انتشار معترف به في ماليزيا، والذي أصاب سنغافورة أيضاً، نتجت معظم الإصابات البشرية عن الاتصال المباشر مع الخنازير المريضة أو أنسجتها الملوثة. ويُعتقد أن انتقال العدوى قد حدث عن طريق التعرض غير المحمي لإفرازات الخنازير، أو الاتصال غير المحمي بأنسجة حيوان مريض.

وفي التفشيات اللاحقة في بنغلاديش والهند، كان استهلاك الفاكهة أو منتجات الفاكهة (مثل عصير النخيل الخام) الملوثة بالبول أو اللعاب من خفافيش الفاكهة المصابة هو المصدر الأكثر احتمالاً للعدوى. كما تم الإبلاغ عن انتقال فيروس نيباه من إنسان إلى آخر بين أفراد الأسرة ومقدمي الرعاية للمرضى المصابين.

سمعة سيئة

وفق صحيفة “الغارديان” تعد الخفافيش من صنف الثعالب الطائرة، الناقل الرئيسي لفيروس نيباه في الطبيعة، خاصة في الصين وجنوب شرق آسيا وغينيا الجديدة وأستراليا.

وترتبط الخفافيش بسمعة سيئة لارتباطها بنشر الفيروسات. وبحسب دراسة سابقة أجراها باحثون من جامعة “كامبريدج”، تعتبر الخفافيش من أكبر حاملي الفيروسات، وتعرّض الإنسان بنسبة كبيرة للعدوى، لأنها تعيش على مقربة منه في أغلب الأحيان، كما تتنقل آلاف الكيلومترات أثناء رحلاتها التي قد تستمر أشهر عدة.

إلى ذلك يمكن أن تكون الخفافيش موطناً لأنواع عديدة من الفيروسات، أبرزها فيروس “لاغوس” والفيروسات المخاطية، ويمكن أن تنتقل هذه الفيروسات من الخفافيش للإنسان بسهولة، وفق الدراسة.

خطورة الخفافيش

في تقرير لـbocimi update، أوضح رئيس وحدة علم الفيروسات بمعمل البحث العلمي في معهد باستور بكمبوديا، فياسنا دوونغ، أن خفافيش الفاكهة يمكنها الطيران لمسافة تصل إلى 100 كيلومتر كل ليلة بحثاً عن الفاكهة، مضيفاً أن هذا يعني أن سكان المنطقة بحاجة إلى القلق، ليس فقط بشأن الاقتراب الشديد من الخفافيش، ولكن أيضاً بشأن استهلاك المنتجات التي قد تكون ملوثة من قبل الخفافيش المصابة بالفيروس، أحدها هو نيباه.

كما حدد دوونغ أيضاً حالة أخرى عالية الخطورة حيث أصبح روث الخفافيش سماداً شائعاً في كمبوديا وتايلاند، فبالنسبة للكمبوديين، يمكن أن يكون بيع روث الخفافيش وسيلة حيوية لكسب العيش.

وأشار إلى أن هناك العديد من المواقع حيث يشجع السكان المحليون خفافيش الفاكهة، المعروفة أيضاً باسم الثعالب الطائرة، على الجلوس بالقرب من منازلهم من أجل جمع وبيع روث الطائر، في الوقت الذي لا يعرف العديد منهم المخاطر التي يواجهونها عند القيام بذلك، قائلاً: “60% من الأشخاص الذين قابلناهم لم يعرفوا أن الخفافيش تنقل المرض، لا يزال هناك نقص بالمعرفة في المجتمع”.

تدمير موطن الخفافيش وانتشار “نيباه”

أدى تدمير موطن الخفافيش إلى انتشار عدوى فيروس نيباه في الماضي. وخلص الباحثون إلى أن حرائق الغابات والجفاف المحلي دفع الخفافيش للخروج من بيئتها الطبيعية وأجبرتها على التوجه نحو أشجار الفاكهة التي نمت في المزارع التي تربي الخنازير.

وتبين أن الخفافيش تطلق المزيد من الفيروسات عندما تكون تحت الضغط، بحسب دوونغ، الذي قال إنه عادة يسمح للفيروس بالانتقال من الخفافيش إلى الخنازير وما بعده إلى المُربين.

كما تميل خفافيش الفاكهة إلى العيش في مناطق غابات كثيفة مع الكثير من أشجار الفاكهة لتأكلها، وعندما يتم تدمير موطنها، تجد حلولاً جديدة، مثل الجلوس في المنزل أو على الأبراج مثل ما حدث في أنغكور وات بكمبوديا.

إلى ذلك أضاف دوونغ أن “تدمير موطن الخفافيش واضطراب الإنسان من خلال الصيد يشجعها على البحث عن أماكن بديلة”.

“الخفافيش لها دور بيئي مهم!”

أما حول ما إذا كان التخلص من الخفافيش يقضي على نيباه، فقالت مديرة مختبر One Health Institute، تريسي غولدشتاين: “ليس إلا إذا أردنا أن نجعل الأمور أسوأ. فالخفافيش لها دور بيئي مهم للغاية، حيث تقوم بتلقيح أكثر من 500 نوع من النباتات”.

وأضافت غولدشتاين: “هي تساعد أيضاَ في السيطرة على الحشرات، وتلعب دوراً مهماً للغاية في السيطرة على الأمراض لدى البشر، على سبيل المثال، الحد من الملاريا عن طريق تناول البعوض”.

إلى ذلك لفتت إلى أن “إبادة الخفافيش أثبتت ضررها من منظور المرض وعلى البشر”، مؤكدة أن هذا سيجعل البشر أكثر عرضة للخطر. فبقتل الحيوانات يزيد الخطر”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى