العهد الجديد في سوريا: تحديات أمنية واستراتيجيات المواجهة
يواجه العهد الجديد في سوريا مجموعة من التحديات الأمنية التي قد تثير حالة من الفوضى وعدم الاستقرار. ويرى مراقبون أن أبرز هذه التحديات تتعلق بفلول النظام السابق والمجاميع المتوارية، إلى جانب التحركات المشبوهة لما يُعرف بمحور الممانعة، فضلاً عن الضربات الإسرائيلية المستمرة.
إجراءات لتعزيز الأمن
رغم صعوبة التكهن بقدرة الإدارة الجديدة على ضبط الأوضاع الأمنية، فإن اعتمادها على جهاز الأمن العام والتشكيلات العسكرية التي قادت المعركة الأخيرة ضد النظام السابق، إضافة إلى الأجهزة التابعة لوزارة الداخلية، يعزز من فرص تحقيق الاستقرار ولو بشكل حذر.
في هذا السياق، أفاد مصدر عسكري مطلع لـ”المدن” بأن الإدارة استعانت بجهاز الأمن العام الذي تأسس سابقاً في إدلب، ويضم نحو 15 ألف عنصر، لحماية مواقع حساسة، من بينها المربع الأمني في وسط دمشق. كما تم نشر سيارات مزودة بأجهزة تنصت متطورة في مناطق حساسة مثل المالكي وأبو رمانة.
وأضاف المصدر أن عدداً كبيراً من مقاتلي الفصائل، وعلى رأسهم عناصر هيئة تحرير الشام، تم توزيعهم على مداخل المدن والمحافظات، وفي الأسواق والتجمعات الرئيسية. هدف هذه الإجراءات هو ضمان الأمن وحماية المنشآت العامة، في ظل تهديدات محتملة من فلول النظام السابق التي لا تزال قيد الملاحقة.
ولتجنب أي حوادث شغب، تعمل الإدارة على أكثر من محور. فقد افتتحت مراكز تسوية استقطبت أعداداً كبيرة من عناصر النظام السابق، وفتحت وزارة الداخلية باب الانتساب لجهاز الشرطة. في ريف دمشق، أُعيد تسليح مجموعات محلية لتتولى إدارة المدن من خلال المخافر ونصب الحواجز، خاصة في مناطق الغوطة الشرقية والغربية.
ضعف السيطرة في بعض المناطق
رغم هذه الإجراءات، تبقى القبضة الأمنية ضعيفة في درعا والسويداء. ووفقاً لمصدر محلي، فإن معظم العناصر الأمنية في درعا تتبع لأحمد العودة، قائد الفيلق الخامس المدعوم سابقاً من روسيا، فيما تدير مجموعات أخرى معبر نصيب الحدودي مع الأردن.
ويرى الباحث في الشؤون الأمنية محمود إبراهيم أن التراخي في ملاحقة مجرمي النظام فور انهياره أتاح لقيادات من المستويات المتوسطة التواصل مع جهات خارجية، ما يهدد بحدوث أعمال عنف وانتقام فردية قد تعيد البلاد إلى دائرة الفوضى.
تعدد المخاطر الأمنية
ليست فلول النظام السابق وحدها مصدر القلق. فالباحث رشيد حوراني من مركز جسور للدراسات يرى أن المخلفات التي تركها محور الممانعة والنظام السابق، ومنها الضربات الإسرائيلية المتكررة واستهداف الجيش السوري، تشكل تهديداً أكبر.
أما بالنسبة لتنظيم داعش، فإن الإجراءات الأمنية التي اتخذتها هيئة تحرير الشام، مثل تشديد الرقابة على الحدود السورية العراقية وإنشاء غرفة عمليات في شرق سوريا، حدّت بشكل كبير من قدرة التنظيم على التحرك.
من جهته، حذر مصطفى النعيمي، الباحث في المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، من احتمال استغلال إيران للوضع الأمني المتوتر بتهريب مقاتليها عبر العراق ولبنان إلى داخل الأراضي السورية. إلا أنه اعتبر هذه المخاطر محدودة بالنظر إلى تراجع النفوذ الإيراني إقليمياً.
مع تعدد التحديات الأمنية، يبقى نجاح العهد الجديد في سوريا مرهوناً بقدرته على تعزيز السيطرة الأمنية وتجنب أي فراغ أمني قد تستغله الأطراف المناوئة. ورغم المخاطر المحدقة، فإن الإجراءات الوقائية والتنسيق بين مختلف الجهات الأمنية والعسكرية تعد خطوات أساسية لتحقيق استقرار مستدام.
المدن – مصدر