كاميرات على طائرات مسيّرة للحد من الهجرة غير الشرعية على الشريط الساحلي شمال فرنسا

 

 

 

سمحت ثلاث محافظات في شمال فرنسا، يوم الخميس الماضي، باستخدام 76 كاميرا مراقبة على مسيّرات (درون) بشكل متزامن، على امتداد شريط ساحلي بمسافة 150 كلم، لثلاثة أشهر كحد أقصى قابلة للتجديد، وذلك للحد من عبور قوارب المهاجرين بحر المانش انطلاقا من سواحل شمال فرنسا المقابلة للبر البريطاني.

 

أجازت ثلاث محافظات هي الشمال وبا-دو-كاليه وسوم استخدام الطائرات المسيّرة بشكل مكثف على مسافة 150 كلم، وتحديدا بين مدينتي دنكرك وبيرك، في منطقة ممتدة على الشريط الساحلي لبحر المانش ومقابلة للشواطئ البريطانية، وذلك بعمق خمسة كيلومترات خارج المدن، للحد من الهجرة غير الشرعية.

 

وستتيح هذه الطائرات، التابعة لشرطة الحدود ومديريات الأمن العام والدرك، استخدام 76 كاميرا مراقبة بشكل متزامن لمدة ثلاثة أشهر كحد أقصى قابلة للتجديد وفق ظروف معينة. وستوضع هذه الكاميرات ليس فقط على المسيّرات بل على طائرات أخرى وطائرات مروحية (هليكوبتر)، حسبما جاء في مرسوم وافقت عليه المحافظات يوم الخميس 7 أيلول/سبتمبر، ونشرته صحيفة “صوت الشمال” (لا فوا دو نور) المحلية.

 

إلا أنه في وقت سابق من العام الجاري، كان مجلس الدولة اعترض على مشروع مماثل على الحدود الفرنسية المشتركة مع إسبانيا وفرنسا.

 

“مساعدة المهاجرين”

 

الأهداف المعلنة لعمليات المراقبة هي “مكافحة الإتجار بالبشر”، والحد من “عبور الحدود بشكل غير نظامي”، وكذلك “مساعدة الأشخاص المهاجرين”. واعتبرت السلطات أن الطائرات المسيرة هي “الأقل اقتحاما للخصوصية” ضمن سعيها في مراقبة مناطق شاسعة، حيث تتجمع أو تنطلق قوارب المهاجرين.

 

ويأتي ذلك ضمن القانون الفرنسي الذي ينظم استخدام جهات إنفاذ القانون للمسيّرات، بموجب مرسوم نُشر في نيسان/أبريل الماضي.

 

وقال آلان ليداغويل، مسؤول في الجمعية الوطنية للإنقاذ البحري (SNSM) في دنكرك، للصحيفة المحلية: “إذا فكرنا بصدق في الإنقاذ، يمكن للمسيّرات أن تقدم مساعدة قيّمة، إلى درجة أن منقذي البحر فكروا بالتجهز بها”، وأضاف “قد تساعدنا بكسب الوقت وتحديد من يحتاج إلينا بشكل أسرع”.

 

وآخر عملية إنقاذ نفذتها السلطات تعود إلى الأحد 10 أيلول/سبتمبر، حيث انتشلت 153 شخصا قبالة شواطئ با-دو-كاليه، حسب “المركز الوطني التشغيلي للمراقبة والإنقاذ” (CROSS GRISNEZ).

 

 

مخاوف الجمعيات الإنسانية

 

لكن إجراءات المراقبة هذه تُقلق المنظمات الإنسانية، متخوفة من خرق احترام حقوق المهاجرين وتعريضهم لخطر الاستغلال من قبل المهربين.

 

وقالت آنيس لوريل التي تدير خمس منظمات إنسانية على الحدود الإيطالية الفرنسية في مقابلة سابقة مع مهاجر نيوز إن هذه الإجراءات هي “على حساب احترام حقوق المهاجرين”، حيث تتكرر “الممارسات اللاشرعية بحقهم: تقييد الحرية في غياب إطار شرعي إداري أو بدون حضور محامي لبعض الحالات، إعادة قسرية للقصّر، إجراء مقابلات استكشافية، تقييد على تقديم طلبات اللجوء، عمليات تفتيش تمييزية”.

 

وتساءلت أيضا بخصوص عمليات المراقبة قائلة “ما الهدف من كل هذا؟ يقولون لنا لحماية المهاجرين ومكافحة المهربين، ولكن المهاجرين ليسوا بمأمن أكثر، بل على العكس، في حين أن أعداد المهربين تتزايد على الحدود”.

 

كما أن مجلس الدولة الفرنسي كان أكد في شهر تموز/يوليو الماضي، على عدم شرعية استخدام الشرطة الوطنية للطائرات بدون طيار في مراقبة المهاجرين في إقليم الباسك في جنوب البلاد، معتبرا على وجه الخصوص أن المحافظة لم تثبت وجود زيادة كبيرة في عمليات عبور الحدود “غير القانونية”. وأتى هذا بعد نحو شهر على صدور مرسوم يتيح لشرطة الحدود استخدام هذه الطائرات لمراقبة المهاجرين على الحدود مع إسبانيا وإيطاليا.

 

حوادث مأساوية في المانش

 

يعد طريق بحر المانش من أكثر الطرق التجارية ازدحاما في العالم، وشهد قضاء مهاجرين ساعين للوصول إلى المملكة المتحدة.

 

“منذ العام 1990، قضى 330 مهاجراً أثناء محاولتهم عبور المانش بشكل غير قانوني للوصول إلى بريطانيا”، حسب المرسوم الذي وافقت عليه المحافظات شمال فرنسا الخميس، مذكرا بحوادث غرق مراكب سابقة، كان أكثرها مأساوية في تشرين الثاني/نوفمبر 2021 حين توفي ما لا يقل عن 27 مهاجرا إثر غرق مركبهم. وفي عام 2022، قضى خمسة مهاجرين في المانش. وفي آب/أغسطس الماضي، قضى ستة مهاجرين. فيما أفاد تجمع “ديسديه” بوصول أعداد وفيات المانش إلى 376 منذ عام 1999.

 

وتشير تقارير إلى أن نحو 80 ألف مهاجر وصلوا أو حاولوا الوصول إلى بريطانيا عن طريق البحر في العام 2022. ووفقا للأرقام الرسمية المعلنة في بريطانيا، وصل عدد طالبي اللجوء إلى رقم قياسي جديد في نهاية حزيران/يونيو، وهو 175,457 شخصا، أي بزيادة 43% عن العام السابق، وهي حصيلة غير مسبوقة منذ أن بدأت الحكومة قياس هذا المؤشر في عام 2010.

 

 

 

 

أنقذت المنظمات الإنسانية خلال اليومين الماضيين أكثر من 150 مهاجرا وسط المتوسط، فيما تستمر محاولات عبور البحر الخطرة وسط تنديد دولي، و”عدم الاكتراث” بشأن ازدياد عدد القتلى بين المهاجرين، حسبما جاء على لسان مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الانسان فولكر تورك اليوم الإثنين.

 

أمضى 68 شخصا ليلة السبت 9 أيلول/سبتمبر على متن قارب خشبي وسط البحر المتوسط بعدما غادروا من مدينة زوارة الليبية، وبعد ساعات عدة، عثرت عليهم فرق سفينة “أوشن فايكنغ” التابعة لمنظمة “أس أو أس ميدتيرانيه” غير الحكومية.

 

ونشرت المنظمة في تغريدة على منصة “إكس” (تويتر سابقا) تغريدة قالت فيها إنها تمكنت من إنقاذ جميع ركاب القارب المكون من طابقين، ويقدم طاقمها الطبي الرعاية للناجين.

 

 

لكن بحسب التشريعات الإيطالية لهذا العام، لا يمكن لطاقم السفينة تنفيذ عمليات إنقاذ أخرى لمهاجرين يحتمل أن يكونوا بحاجة للمساعدة في المنطقة نفسها، كما تفرض السلطات عليهم التوجه إلى ميناء تحدده لإنزال المهاجرين فيه، بغض النظر عن بعده الجغرافي.

 

عبّرت المنظمة غير الحكومية عن استيائها لاستمرار هذه “العوائق”، موضحة أن السلطات الإيطالية طلبت منها التوجه إلى ميناء أنكونا لكنه يبعد أكثر من 1,500 كيلومترا، منددة بإجبارها على الإبحار لمدة أربعة أيام إضافية لإنزال الناجين، “في حين هناك احتياجات ملحّة من أجل البحث والإنقاذ في البحر الأبيض المتوسط”.

 

وكانت سفينة “جيو بارنتس” التابعة لمنظمة “أطباء بلا حدود” قد واجهت ظروفا مماثلة الأسبوع الماضي، إذ أنقذت يوم الإثنين 8 أيلول/سبتمبر 31 مهاجرا، وأبحرت لأربعة أيام إضافية وصولا إلى ميناء مدينة باري جنوب البلاد لإنزال الناجين.

 

“عدم اكتراث دولي”

 

كما يشهد البحر المتوسط منذ أيام عدة ظروفا جوية صعبة وأمواجا عالية، ما دفع منظمة “أس أو أس ميدتيرانيه” إلى التحذير من وقوع حوادث غرق تودي بحياة المهاجرين، مشددة على أن “هناك العديد من المغادرين وخطر الخسارة في الأرواح مرتفع”.

 

واليوم الإثنين، انتقد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الانسان فولكر تورك “عدم الاكتراث” الدولي حيال تزايد مقتل المهاجرين خصوصا غرقا في البحر.

 

وأعرب، أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، عن “صدمة جراء عدم الاكتراث” بشأن ازدياد عدد القتلى بين المهاجرين، مضيفا “من الواضح أن المزيد من المهاجرين واللاجئين يموتون من دون أن يلاحظهم أحد”.

 

 

ويخاطر المهاجرون بأرواحهم على متن قوارب متهالكة ومكتظة، يسهل تعرضها لحوادث انقلاب تزهق أرواح المئات سنويا، إذ أحصت المنظمة الدولية للهجرة وفاة أكثر من ألفي مهاجر هذا العام وحده على طريق وسط المتوسط، عدا عن حوادث الغرق التي تقع بعيدا عن أعين المنظمات والسلطات البحرية.

 

سفينة إنسانية جديدة تنقذ مهاجرين

 

بالإضافة إلى مهمة الإنقاذ الأخيرة التي نفذتها سفينة “أوشن فايكنغ”، تدخلت سفينة ألمانية جديدة لإنقاذ مهاجرين من الغرق في المياه الدولية.

 

وفي مهمتها الأولى وسط البحر الأبيض المتوسط، أنقذت السفينة “سي بنكس” (Sea Punks) بمساعدة مركب “نادر” التابع لمنظمة “ريسكشيب” (ResqShip) غير الحكومية إجمالي 83 شخصا خلال عمليتي إنقاذ متتاليتين ليل الأحد 10 أيلول/سبتمبر.

 

 

وأبحر المهاجرون على متن قوارب معدنية سيئة الجودة، وكان بينهم 28 قاصرا وطفلا وست نساء، “جميعهم مرهقون يعانون من الجفاف ومن دوار البحر”، حسب المنظمات الإنسانية.

 

وتستمر قوارب المهاجرين بالإبحار من سواحل شمال أفريقيا، لا سيما ليبيا وتونس التي أضحت نقطة الانطلاق الأولى باتجاه السواحل الإيطالية. الأمر الذي يثير استياء حكومة اليمين المتشدد، إذ كانت تعهدت رئيسة الوزارء جورجيا ميلوني بتعقب مهربي البشر وحدّت أنشطة سفن الإنقاذ واحتجزت بعضها لفترة زمنية.

 

وبحسب آخر الأرقام الرسمية، قال وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتيدوزي، إن أكثر من 50 ألف مهاجر دخلوا إيطاليا خلال شهري تموز/يوليو وآب/أغسطس الماضيين.

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى