النظام السوري زرع الفرقة داخل البيت الواحد! .. د. فيصل القاسم

 

 

 

 

 

 

 

كلما انتفضت منطقة في العالم العربي مطالبة بأبسط حقوقها الإنسانية، يخرج لها أبواق الأنظمة القومجية الهمجية لشيطنة المطالب الوطنية والتهرب من المسؤولية والاستحقاقات الشعبية بشماعة الانفصال والمؤامرة الجاهزة، ويبدأون يوجهون للمنتفضين فوراً تهمة الانفصال عن الوطن وتمزيق الدولة وتنفيذ أجندات خارجية، مع العلم أن الذي مزق أوطاننا وشرد شعوبها وحوّلها إلى ملل ونحل متناحرة هي تلك الأنظمة العربجية التي رفعت شعارات الوحدة العربية المزعومة وأولئك الطغاة القومجيون الذين جعلوا الشعوب تكفر بأوطانها وتفكر حتى باللجوء إلى الشياطين الزرق للخلاص من الظلم والطغيان اللذين تتعرضان لهما تحت حكم تلك الأنظمة التخريبية. رمتني بدائها وانسلت.

 

اليوم مثلاً يتهمون المنتفضين في السويداء بأنهم انفصاليون، مع أن النظام الفاشي هو الذي باع سوريا بالجملة والمفرّق للغزاة والمحتلين كي يحموا عرشه الذليل، وهو الذي يدق الأسافين بين مكونات الشعب السوري على أسس طائفية ومذهبية وعرقية ومناطقية منذ مجيئه إلى السلطة قبل عقود كي يعيش على تناقضات الشعب ومخاوفه وصراعاته.

 

 

إن من يسمع أبواق ذلك النظام وهي تتهم الآخرين بالانفصال عن سوريا يأخذ الانطباع أن النظام الذي يمثلونه هو رمز الوحدة العربية ولم الشمل العربي، بينما هو الذي زرع الفرقة داخل البيت الواحد والعائلة الواحدة والحارة الواحدة والقرية الواحدة والمدينة الواحدة، وهو الذي يتحالف مع الفرس «ألد أعداء العرب» ضد كل العرب والمسلمين، وهو الذي رفع شعارات عروبية كبيرة بينما كان من وراء الستار يحكم على أسس ما قبل طائفية.

 

وكلنا يتذكر كيف وقف حافظ الأسد مع إيران ضد الشقيق والجار العراقي أثناء الحرب الإيرانية العراقية. واليوم كلنا يعرف من سلم المنطقة الشرقية في سوريا لبعض الأحزاب الكردية لقاء تحالفها معه في بداية الثورة لقمع وسحق حراك الشعب السوري.

 

ولا ننسى طبعاً مئات المحاولات الدنيئة لدق الأسافين بين السهل والجبل في الجنوب السوري كي لا يتحد أهالي السويداء ودرعا في وجه العصابة الحاكمة بدمشق. ولا ننسى أيضاً أن النظام مزق الطائفية العلوية نفسها إلى أفخاذ وعشائر متصارعة.

 

كم هو مُضحك ذلك «الشبيح» الأسدي التابع للإيراني والروسي والكردي والأفغاني والإسرائيلي والأمريكي والصيني وهو يتهم بقية السوريين بالانفصال والعمالة. أيها البهارزة أنتم من رهنتم ثروات سوريا لعشرات السنين، وقسمتموها الى أشلاء متناثرة ثم تتهمون الآخرين الآن بالانفصال؟

 

من الذي مزق الجسد السوري إرباً إرباً أيها العملاء غيركم؟ ولا ندري ماذا سيبيع بشاركم للصينيين بعد زيارته الأخيرة للصين. هل تركتم جهة في العالم إلا وبعتم لها قطعة من سوريا كي تحافظوا على حكم العصابة التي حرقت الأخضر واليابس كي تبقى جاثمة على صدور السوريين؟

 

واليوم في الوقت الذي يتهم فيه الشبيحة ثوار السويداء بأنهم انفصاليون، تدرس العصابة الحاكمة خارطة التقسيم التي وُضعت 2012 وهي تحدد معالم (سوريا المفيدة) وتقضي بضم الساحل وحمص ودمشق كي تنفصل عن سوريا القديمة وتصبح سوريا الأسد الجديدة. لكن والعلم عند الله، فهذا المشروع لن ينجح، لأن الساحل السوري سيصبح من نصيب قوى خارجية جديدة، بدليل أن آلاف الهكتارات من أراضي الساحل السوري بيعت لوكالات دولية بإشراف القصر الجمهوري سنعرفها لاحقاً. ولا داعي للفضائح الآن.

 

وبالرغم من أن الجميع بات يعرف من الذي يفتت سوريا فعلياً ويبيعها، إلا أن الإعلام السوري لا يمل من ترديد الأسطوانة المشروخة التي تتهم كل من يصرخ بوجه النظام بأنه انفصالي وعميل. وهل تركتم للصلح مطرحاً أصلاً مع مكونات الشعب السوري كي تعود سوريا واحدة موحدة؟ هل تعتقدون أن الشمال السوري الذي يأوي حوالي ستة ملايين نازح ومهجر ومشرد يمكن أن يعود إلى حكم العصابة الطائفية الفاشية؟

 

مستحيل وألف مستحيل. لن يعود هؤلاء إلا بعد رحيل العصابة وتشكيل نظام سوري لكل السوريين. وما ينطبق على الشمال ينسحب على الشرق السوري الذي أصبح اليوم كياناً مستقلاً وبتأييدكم ودعمكم.

 

وطالما أن الحل العادل ليس متاحاً في سوريا فتوقعوا من كل المناطق التي ذاقت الويل والعذاب من عصابتكم أن تستقل وتنفصل وترعى مصالحها بنفسها. لقد صار لكم 53 سنة وأنتم تدعسون على البلاد والعباد تحت كذبة الوطن.

 

ماذا تركتم من هذا الوطن أصلاً؟ هذا الوطن هو وطنكم أنتم وليس وطن السوريين. الوطن حيث يعيش الإنسان بكرامة وبحبوحة فوق أي أرض وتحت أي سماء بعيداً عن إجرامكم. ولا أحد يلوم السوريين، حتى لو تعاملوا مع القرود في سبيل ذلك، كما يقول الدكتور علاء الدين العلي.

 

ويضيف العلي في هذا السياق: «إن أكثر من يستفيد من كذبة (وحدة الأراضي السورية) هو النظام المجرم، وأن كل من لا يزال يتحدث عن وحدة سوريا هو إما قومجي مفضوح، أو معارض يحمل شهادة دَرْوَشة سياسية.

 

إن التقسيم ليس قادماً فحسب! التقسيم صار أمراً واقعاً. لن يعود أحد ليعيش تحت سلطة النظام مرة أخرى.

 

ثم من قال لكم إن هذه هي حدود سوريا؟ أليست حدود سايكس بيكو وهم من رسموها بقلم رصاص؟

 

لماذا نقدس تلك الحدود بسذاجة منقطعة النظير؟ هذه الحدود لا أشتريها بقشرة بصل طالما أن النظام مدعوم إلى هذه الدرجة وباق بالسلطة رغماً عنا، لذلك فإن أي أرض من سوريا نقتطعها ونعيش فيها بكرامة وبحبوحة هي سوريا بالنسبة لنا، وليذهب الذين يتهموننا بالانفصال إلى الجحيم» حسب الدكتور علاء.

 

والسؤال الأهم للمجموعة الحاكمة: هل أنتم فعلاً تغارون على وحدة سوريا وأراضيها، أم إنكم تريدون فقط قطعة من الذبيحة السورية وليذهب الباقي إلى الجحيم؟ إن ما فعلتموه بسوريا لا يدل مطلقاً على أنكم سوريون أصلاً، فلو كنتم سوريين لما فعلتم الأفاعيل بهذا الوطن الجريح وشعبه المسحوق.

 

 

 

 

 

كاتب واعلامي سوري
[email protected]

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى