بعد 4 سنوات على وفاة مهاجرين في “شاحنة الموت”.. باريس تبدأ محاكمة 19 رجلا

 

 

 

منذ يوم الثلاثاء، يُحاكم 19 رجلاً أمام محكمة الجنايات في باريس لمشاركتهم في النقل غير القانوني لـ39 مهاجرا فيتناميا عثر عليهم ميتين في شاحنة مبردة في المملكة المتحدة في تشرين الأول/أكتوبر 2019. ويواجهون خطر السجن لمدة تصل إلى 10 سنوات.

لوي شاونو، موفد مهاجرنيوز إلى محكمة جنايات باريس

 

في قفص الاتهام ستة رجال، رهن الحبس الاحتياطي، من بينهم “طوني” المشتبه بأنه أحد المنظمين الرئيسيين، و”هوانج” و”ثانج” و”لونج”. يواجه هؤلاء الرجال الأربعة من أصل آسيوي تهمة القتل غير العمد، وهي جريمة يعاقب عليها بالسجن لمدة 10 سنوات وغرامة قدرها 150 ألف يورو.

 

بعد أربع سنوات من وقوع حادثة “شاحنة الموت”، بدأت محاكمة 19 رجلا متهمين بالاتجار بالبشر والقتل غير العمد، من بين أمور أخرى، في محكمة باريس القضائية، بعد اكتشاف 39 جثة لمهاجرين فيتناميين في عام 2019 مختنقين في شاحنة تبريد في المملكة المتحدة. وبعد فيتنام والمملكة المتحدة وبلجيكا، يأتي الدور الفرنسي في هذه القضية التي أثارت الرأي العام في أوروبا.

 

في لقاء سابق مع مهاجرنيوز، قال كزافييه ديلريو، رئيس مكتب مكافحة الهجرة غير الشرعية، “كان من المهم بالنسبة لنا أن نرى أن مرحلة التحقيق تؤدي إلى المرحلة القضائية”، وأضاف ديلريو الذي يعمل مع 20 محققا متفرغين للعمل على هذه القضية، “نأمل في صدور أحكام مشددة على الأشخاص الأكثر تورطا”.

 

 

 

يواجه المتهمون عقوبة السجن لمدة تصل إلى 10 سنوات

 

تعود الأحداث إلى يوم 23 تشرين الأول/أكتوبر 2019، أثناء مرور شاحنة بضائع عبر شمال فرنسا وبلجيكا، ووصولها إلى نقطة تفتيش في منطقة صناعية في إسيكس، على بعد حوالي 30 كيلومترا من لندن. بعد فتح المقطورة، اكتشفت الشرطة البريطانية الأمر المروع: 39 جثة لفيتناميين مكدسين، 31 رجلا و8 نساء، بينهم مراهقين يبلغان من العمر 15 عاما. وبما أن المقطورة لا يمكن فتحها سوى من الخارج، مات الضحايا محاصرين اختناقا.

 

إثر اكتشاف الجريمة، قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إنه شعر “بالرعب”. وأطلقت الشرطة البريطانية على الفور تحقيقا كبيرا وحشدت مئات العناصر للعثور على المهربين. ومن جانبهم، أطلق الفرنسيون والبلجيكيون تحقيقاتهم الخاصة، واستمعوا إلى محادثات هاتفية وأجروا عمليات مراقبة. في أيار/مايو 2020، نفذت الشرطة الفرنسية أول الاعتقالات في باريس وضواحيها. وفي المجمل، اعتقلت السلطات 19 رجلا يشتبه في مشاركتهم، بطريقة أو بأخرى، في نقل هؤلاء المهاجرين. وهم من الجنسيات الفيتنامية والفرنسية والصينية والجزائرية والمغربية. ومن بينهم 11 مشتبها في كونهم أصحاب عقارات أو عملوا كسائقي سيارات أجرة.

 

“فلاح لا يملك الكثير من المال”

 

وفي قفص الاتهام، يستمع المتهمون الأربعة إلى الاتهامات التي تُترجم فوريا. يقول غاسبارد ليندون، أحد محامي دفاع المشتبه الرئيسي طوني، “لو كان هؤلاء المتهمين هم المسؤولين حقا، لكانت السلطات البريطانية أدرجتهم ضمن إجراءاتها”، لكن ذلك لم يحدث، معتبرا أن ذلك “يساعد في تفسير المشاركة النسبية للغاية لموكلي”.

 

ويغيب المتهمان الأخيران عن الجلسة، إما لأنهما هاربين أو لربما قد يكونان ميتين. ويقول أحد المحامي جيندرين، من جهة الدفاع، “آخر مرة رأيت فيها موكلي كانت قبل عام ونصف، وأظن أنه حاول عبور القناة الإنكليزية وأنه توفي، لأنه لم يعد يظهر على الفيسبوك”.

 

ألقت السلطات القبض على هذا الرجل الفيتنامي الجنسية في عام 2020، واتهم “بإحضار أغراض للأشخاص في الشقة التي كان ينام فيها مع مهاجرين آخرين، في المنطقة الباريسية”. لكن محاميه يؤكد “موكلي لا علاقة له برؤوس الشبكة الكبيرة!”.

 

وأضاف مبررا “من الناحية الاجتماعية، إنه الفلاح الذي لم يكن لديه الكثير من المال. وفي فيتنام، باعت عائلته قطعة أرض صغيرة، واستخدم المال لتمويل الجزء الأول من الرحلة. وأنفق 10 آلاف يورو للوصول إلى المملكة المتحدة”.

 

وبعد أن استحضر رئيس المحكمة الوقائع، كشف تفاصيل رحلة المهاجرين الفيتناميين إلى فرنسا، التي بدأت من الصين، ثم روسيا وألمانيا. “ومرّ آخرون عبر استصدار تصاريح عمل في بولندا أو رومانيا. ومن ثم وصلوا إلى برلين، ثم انطلقوا بالسيارة إلى بلجيكا وفرنسا، حيث تم إيواؤهم من قبل فيتناميين لم تكن لديهم أوراق إقامة”.

 

ويوضح المحامي جيندرين أن “الرحلة غالباً ما تتألف من جزأين، الأول إلى باريس بتكلفة 15 ألف يورو، ثم يجب على المهاجر العمل لسداد دينه وتمويل نهاية الرحلة”. وبحسب القضاة، فإن ثمن العبور من فيتنام تراوح بين 18 ألف و24 ألف يورو.

 

وهكذا، وجد العديد من الفيتناميين أنفسهم يعملون سراً في مزارع القنب، أو في الدعارة، أو حتى في تهريب المهاجرين الآخرين، لسداد ديونهم. حلقة مفرغة يديرها رؤساء الشبكات بمهارة للبحث عن “زبائن” جدد. وقال القاضي: “تم احتجاز العديد من الضحايا حتى يتم دفع رسوم عبورهم بالكامل”.

 

“الدجاج” و”الأواني” و”الوحدات”

 

كما تظهر المكالمات الهاتفية التي اعترضها المحققون ازدراء المهربين للمهاجرين الذين يصفونهم بـ “الدجاج” أو “الأواني” أو “الوحدات”. ولم يثن اكتشاف الشاحنة في تشرين الأول/أكتوبر 2019 الشبكة عن مواصلة نشاطها. وبحسب المحققين، فقد تم تسجيل أكثر من أربعين رحلة عبور أو محاولة عبور بين 22 تشرين الأول/أكتوبر 2019 و26 أيار/مايو 2020.

 

فإلى جانب الأفغان والبنغلاديشيين والإريتريين الذين يحاولون عبور القناة كل يوم من الشواطئ الشمالية، تظل الهجرة الفيتنامية أكثر سرية وغير معروفة، ولكنها لا تقل قسوة. وفي عام 2015، تم تفكيك ثلاث شبكات تهريب فيتنامية في منطقة كاليه شمال فرنسا، حيث تنشط رحلات الهجرة إلى بريطانيا.

 

إذا كان المسؤولون الرئيسيون للشاحنة قد تمت محاكمتهم بالفعل في المملكة المتحدة، (حيث حُكم على بعض المتهمين بأحكام تصل إلى 27 عاما في السجن)، فإن جلسة الاستماع الفرنسية يجب أن توفر فهما أفضل لعمل شبكات التهريب، في حين تترقب فرنسا مناقشة مشروع قانون الهجرة في مجلس النواب بحلول نهاية العام.

 

ومن المفترض أن تستمر جلسات محكمة الجنايات حول هذه القضية حتى 10 تشرين الثاني/نوفمبر.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى