لاجئ سوري يقاضي السلطات الكرواتية أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان
قرر لاجئ سوري قام سراً بتصوير حرس الحدود الكرواتيين وهم يضربون رفاقه في السفر منذ سنوات، أن يحيل السلطات الكرواتية إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، في أول تحدٍ لممارستها المتمثلة في عمليات الإعادة إلى البوسنة.
ويتم إيقاف العديد من طالبي اللجوء من قبل حرس الحدود الكرواتي وتفتيشهم ويتعرض بعضهم للسرقة قبل إعادتهم بعنف إلى البوسنة، حيث تتقطع السبل بالآلاف من طالبي اللجوء في درجات حرارة متجمدة.
وقال الشاب “سامي البركل” الذي غادر مدينة “عين العرب”عام 2014 عندما بدأ تنظيم “الدولة” بقصف القرى الكردية لـ صحيفة “الغارديان” البريطانية أنه ذهب مع أمه وأخيه إلى تركيا” آنذاك عندما كان في الثالثة عشرة من عمره، وعادت عائلته الى سوريا بعد فترة، لكنه لم يتمكن من العودة لأنه كان خائفاً من أن يُجبر على أداء الخدمة الإلزامية .
وبحسب التقرير الذي كتبه “لورينزو توندو” وجد البركل عملاً في تركيا، حيث كان يعمل من الساعة الثانية صباحًا حتى الثامنة مساءً في حصاد وتعبئة الخضروات.
على طريق اللجوء
وعندما أدرك أنه لا يستطيع الاستمرار على هذا المنوال، واشتبه في أنه لن يجد عملاً في ظل ظروف عمل أكثر إنسانية في تركيا، قرر الانضمام إلى مئات طالبي اللجوء الذين يسيرون على الطرق المغطاة بالثلوج على طريق البلقان يوميًا، محاولين الوصول إلى وسط أوروبا.
وفي نوفمبر 2018، قرر البركل محاولة عبور الحدود من البوسنة إلى كرواتيا مع مجموعة من طالبي اللجوء من شمال إفريقيا.
ولأنه الأصغر في المجموعة، اقترح الكبار عليه البقاء في حالة إيقافهم من قبل الشرطة الكرواتية.
وفجأة سمع صراخًا يتردد صداه في هواء الليل البارد. وحينها بدأ التصوير مختبئًا خلف الشجيرات بكاميرا جواله.
وأظهرت اللقطات التي التقطها ووجدت طريقها للنشر على مواقع التواصل الاجتماعي طالبي اللجوء وهم يتعرضون للضرب على يد الشرطة الكرواتية.
وفي خلفية الفيديو كان “البركل” يعلق: “الشرطة الكرواتية تعذبهم. “إنهم يكسرون عظام الناس”.
بينما كان يُسمع صوت الهراوات وهي تضرب المهاجرين دون رحمة ، ثم تسود لحظات صمت. وبعد دقائق، خرج ثلاثة رجال من مجموعته من الغابة بوجوه مصابة بالكدمات وأفواه وأنوف دامية وأضلاع مكسورة.
ويقول البركل: “لا أستطيع أن أنسى تلك التجربة على الحدود”.
ويضيف: “لقد صنعت هذا الفيديو لأنني أردت أن يفهم الناس ما كان يحدث لنا وكيف يلعبون بحياتنا كما لو أنها لا تساوي شيئًا”.
وكانت صحيفة “الغارديان” أول وسيلة إعلامية تنشر الفيديو الذي انتشر بسرعة كبيرة، وأصبح أحد الأدلة الأولى على سوء المعاملة الجسدية للمهاجرين على يد الشرطة الكرواتية.
ويقول البركل: “أجرى الضباط تفتيشًا لنا وصادروا ممتلكاتنا. ثم تم اصطحابنا إلى شاحنة بيضاء وإعادتنا إلى الحدود. عندما فُتحت أبواب الشاحنة، رأينا مجموعة من ضباط الشرطة المسلحين ينتظرون في الخارج. أشاروا لنا بالتحرك ولم يقولوا كلمة واحدة. كنا خائفين جدًا من التحدث. وخطر لنا أنهم سيعيدوننا قسراً إلى البوسنة.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يُجبر فيها بركل على العودة. وقبل ذلك بشهر، في أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه، أوقفه حرس الحدود الكرواتي هو ومجموعة من السوريين أثناء استراحتهم في مبنى مهجور.
وبعد محاولات عديدة، تمكن بركل أخيراً من الوصول إلى ألمانيا في نهاية عام 2018 حيث وافقت السلطات على طلبه للحصول على اللجوء.
وهو يعمل اليوم في سوبر ماركت في نوردن، وهي بلدة تقع على ساحل بحر الشمال في ألمانيا. بعد الانتهاء من المدرسة، يخطط لممارسة مهنة التمريض. لكن بركل لم ينس الانتهاكات التي تعرض لها. لقد ساهم بشكل كبير في محاولة كشف ما يجري في كرواتيا، وتحدث أيضًا في البرلمان الأوروبي.
الدعوى أمام المحكمة الأوروبية
وعن الدعوى أمام المحكمة الأوروبية، قال المحامي الشريك في “المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان”، كارستن جيريك، إنه سيمثّل البركل وسوريان اثنان آخران في قضيتهم أمام المحكمة.
وأوضح المحامي جيريك -بحسب موقع ” تلفزيون سوريا” – أن موكليه شرحوا كيف أنهم تعرضوا للطرد الجماعي، ولم يُمنحوا فرصة لشرح وضعهم بشكل فردي، وأجبروا على العودة معاً دون أي تقييم، كما لم تتح للبركل أي فرصة للطعن في إعادته، على الرغم من أنه كان قاصراً.
ووفقاً لـ “المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان”، فإن قضية البركل “استثنائية، حيث شهد العديد من الأشخاص الآخرين مواقف مماثلة، لكن حالات قليلة فقط تصل إلى المحاكم الدولية بسبب العقبات اللوجستية التي تنطوي عليها”.