موسم اسقاط الديكتاتوريات في الشرق الاوسط … عبدالرحمن کورکی (مهابادي)*
أثبتت التطورات صحة ما قالته المقاومة الإيرانية بأن “رأس أفعى ولاية الفقيه موجودة في طهران”. لقد سقط نظام الأسد الدكتاتور، وأصبح هذا السقوط مقدمة حتمية للإطاحة بالدكتاتورية الدينية الحاكمة في إيران..
ورغم أن سوريا مرت بأصعب فتراتها في ظل حكم “الأسد”، ومن حق الشعب السوري أن يفرح ويحتفل بانتصاره على الدكتاتورية الآن، إلا أنه من الضروري أن نتذكر أن ثورة الشعب السوري تحظى بالكثير من الأصدقاء على المستويين الإقليمي والدولي، ويأتي الشعب والمقاومة الإيرانية في مقدمة هؤلاء الأصدقاء؛ لأن دكتاتورية عائلة الأسد، دائماً ما كانت خلال حكمها المشؤوم لهذه الأرض خادمًا مقربًا للديكتاتورية الدينية الحاكمة في إيران.
العلاقات بين النظامين الدكتاتوريين في إيران وسوريا!
توفي حافظ الأسد إثر نوبة قلبية، في 10 يونيو 2000، عن عمر يناهز الـ 69 عامًا، وبعد وفاته انتخب حزب البعث السوري بشار، نجل حافظ الأسد رئيسًا لحكومة البعث السورية ومارس حكمًا دكتاتوريًا أشد وطأة في سوريا. قام بشار الأسد بزيارة إلى طهران في بداية إدارته للبلاد وقدم خامنئي تعازيه في وفاة حافظ الأسد، وأكد أن: ” الجمهورية الإسلامية الإيرانية فقدت برحيل السيد حافظ الأسد صديقًا وأخًا “عزيزًا”، غير أن استمرار نهجه على يد نجله الذي يُذكّر بشخصية والده، يعد مصدرًا للأمل والتفاؤل. ثم أشار بشار الأسد إلى أن دمشق، كما كانت في عهد حافظ الأسد، ستظل دائمًا وفي جميع الظروف داعمة لطهران، تمامًا كما دعَّم نظام البعث السوري إيران خلال الحرب الإيرانية-العراقية”.
الإطاحة ببشار الأسد من وجهة نظر الدكتاتورية الإيرانية!
قال عباس عراقجي، وزير خارجية النظام الإيراني: “إن سرعة التطورات فاجأت الجميع، حيث كان الأمر غير متوقعاً. وكانت هناك معلومات كاملة بهذا الخصوص وتم نقلها إلى السلطات السورية”. وفي رده على سؤال مراسل التلفزيون الرسمي الإيراني الذي قال: “هناك من يقولون صراحةً بأن الهدف التالي هو العراق. هل لديكم مثل هذا التوقع بشأن المنطقة؟”، أجاب عراقجي قائلاً: “هذه التوقعات تستند إلى بعض الحقائق، ولا يمكن تجاهلها، سواء اعتماداً على التحليل أو على بعض المعلومات المتوفرة. ومن المحتمل أن تمتد دائرة الصراعات لتشمل المنطقة بأسرها، وليس العراق فحسب، بل ستمتد إلى أجزاء أخرى من المنطقة”.
كما قال مسعود بزشكيان، الرئيس الذي عيَّنه خامنئي، في اجتماع مجلس الوزراء: “إن الشعب السوري هو الذي يجبأن يقرر مستقبل هذا البلد ونظامه السياسي والحكومي!” وقد عبّر، في تحول مفاجئ وغير متوقع، وبكل وقاحة، عن أمله في أن يتمكن الشعب السوري من تحديد مصيره في بيئة هادئة بعيداً عن أي تدخلات خارجية مدمرة؛ بما يليق بشعب سوريا العظيم! (موقع بزشكيان – 8 ديسمبر 2024).
التحول الاستراتيجي في الشرق الأوسط
بعد سقوط حكومة بشار الأسد، كتبت وسائل الإعلام الدولية والإقليمية أن هذا التطور سيغير موازين القوى في المنطقة، كما سيؤثر حتى على مستقبل سوريا وحلفاء النظام الإيراني. إن الإطاحة بنظام الأسد الدكتاتوري في سوريا نقطة تحول في زوال الدور العسكري والسياسي لهذه الدكتاتورية في منطقة الشرق الأوسط. بات من الواضح لمن يتابع لحدٍ ما تطورات المنطقة خلال العقود القليلة الماضية أن حرب الـ 14 شهراً بين إسرائيل وحماس وحزب الله وغيرها من الميليشيات التابعة لنظام ولاية الفقيه قد نقلت “محور مقاومة النظام الإيراني” إلى مرحلة استراتيجية جديدة، ومهّدت الطريق لسحق “رأس أفعى ولاية الفقيه”، وأتاحت انتصار الشعب على أعتى دكتاتوريات القرن. إن سقوط دكتاتورية “الأسد” في سوريا كان مرادفًا لـ “بصمة نظام الملالي” في تشكيل القوات العميلة وتعزيزها، وخاصة حزب الله في لبنان، والمضي قدماً في سياسة التدخل في شؤون دول المنطقة.
مصير حلفاء الأسد!
لا شك في أن مصير حلفاء نظام الأسد سيكون أكثر مأساوية، ذلك لأن نظام الأسد الدكتاتوري لم يكن سوى فرع لشجرة ديكتاتورية أكبر تفرض كلمتها في المنطقة. ونجد في الوقت الراهن أنه مع تزايد قلق المسؤولين في نظام ولاية الفقيه الحكام في إيران، تتزايد مخاوف الميليشيات التابعة لنظام الملالي، خاصة في العراق، وستنهار هذه الميليشيات سريعًا أمام غضب الشعوب، تمامًا كما انهار نظام الأسد.
لا شك في أن مستقبل منطقة الشرق الأوسط سيتوقف إلى حد كبير على حنكة الحكومة السورية الجديدة في اتخاذ الخطوات اللازمة لمواجهة النظام الإيراني وخدمة شعبها، وكذلك على يقظة المجتمع الدولي. وفي هذا المسار، سيكون الشعب والمقاومة الإيرانية أقرب الأصدقاء وأكثرهم وفاءً للحكومة السورية وسيقفون إلى جانبها. وهذه ثورة حتى النصر.
تجدر الإشارة إلى أن المقاومة الإيرانية كانت وما زالت سنداً وعوناً للشعب السوري طيلة فترة حكم ولاية الفقيه العار لإيران. واليوم بعد أن حقق الشعب السوري مثل هذا الإنجاز المهم، فإن المقاومة الإيرانية تحتفل بهذا النصر وتعتبره نصراً لها، وتؤكد وقوفها إلى جانب الشعب السوري الشقيق. أعلن السيد مسعود رجوي زعيم المقاومة الإيرانية في رسالة بعد الإطاحة بدكتاتورية الأسد: “أهنئكم على إسقاط الطاغية السوري، فذلك فاتحة خير للسقوط الحتمي للفاشية الدينية في إيران.
تهانينا للشعب السوري الأبي، الذي ضحى بكوكبة من الشهداء والأسرى المقاومين ورواد الثوار من أجل الحرية والعدالة والثورة الديمقراطية.
تهنئة للشعوب الشقيقة في المنطقة التي عانت الكثير من الأضرار والخسائر من نظامي خامنئي والأسد”.
مبروك لشعب إيران البطل، وللمقاومة الإيرانية، ولمجاهدي خلق، ولجيش التحرير الوطني، ولوحدات المقاومة؛ على سقوط الدكتاتور السوري، الحليف الأقرب لخامنئي، وهو ما يبشِّر بالإطاحة الحتمية بالفاشية الدينية في إيران.
ستتحقق الثورة الديمقراطية والجمهورية الديمقراطية في إيران الأسيرة بسواعد أبنائها القوية وروادها وثوارها.
كما هنأت السيدة مريم رجوي الشعبين السوري والإيراني وشعوب المنطقة على الإطاحة بالدكتاتور السوري وأضافت: “لقد انهار “العمق الاستراتيجي” للدكتاتورية الدينية فيإيران، ويجب التخلص منه من جميع دول المنطقة. إن إزالةنظام ولاية الفقيه في العراق وغيرها من دول المنطقة؛ مطلبقديم للمقاومة الإيرانية. وسقوط الدكتاتور السوري مقدمةلتخليص الشعب الإيراني من شر الفاشية الدينية”.
وتقدمت السيدة مريم رجوي بخالص التهاني للشعب السوري الأبي، لا سيما شبابه الثائر والسجناء السياسيين، وأسر مئات الآلاف من شهداء الثورة السورية، مؤكدةً أنه بسقوط النظام الذي خدم الفاشية الدينية الحاكمة في إيران طوال 45 عاماً، بعد ارتكاب أفظع الجرائم بحق شعوب سوريا وفلسطين ولبنان؛ باتت صفحة الظلام التي خيمت على هذه المنطقة تُطوى، واقتربت ساعة سقوط نظام الملالي. كما أضافت السيدة رجوي قائلةً: ” بالنسبة لشعبنا المضطهد وعائلات 120,000 شهيد قدموا أرواحهم في سبيل حرية إيران، فإن رؤية انتصار الشعب السوري المظلوم بأم أعينهم تعد بلسمًا لآلامهم. ذلك الشعب الذي تورط خامنئي وقوات حرس نظام الملالي بشكل مباشر في قتل ما لا يقل عن نصف مليون شخص منه وتشريد الملايين من ديارهم”.
***
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني