ننصح الشرع بإصدار توضيح عاجل … د. عوض السليمان

 

لا شك أنني شعرت بغضب عارم، وارتفع ضغطي، واضطرب تفكيري، عندما سمعت أن الحكومة السورية الجديدة قد أجرت تسوية مع اللواء طلال مخلوف قريب بشار الأسد وأحد عتاة القتلة الذي كان يتسلى بتجويع أطفال دوما وحرستا، وسحقِ عظامهم.
لم أستطع أن أفهم على الإطلاق أن الثورة التي قامت لتحقيق العدالة، خاصة في هذه المرحلة، تقوم بتسويةٍ مع قائد الحرس الجمهوري، ونائب بشار الأسد، والذي دمر حلب الشرقية، وسوّاها بالأرض، ويُسأل عن قتل عشرات الآلاف من السوريين.

يُعرف هذا الشخص بهمجتيه، وهو يخضع لعقوبات بريطانية وأمريكية وسويسرية وفرنسية، ومتورط بالأدلة القطعية، بجرائم ضد الإنسانية، سيما تلذذه بتجويع المدن وقتل أطفالها على وجه الخصوص.

لا أريد أن أكون متسرعاً ولا أريد اتهام الحكومة بارتكاب خطأ في هذه المسألة، ولقد أطلقت، كما غيري، العنان للتفكير، لأجد حلولاً ممكنة لهذه القضية.وقد قادني التفكير مرة إلى السلب وأخرى إلى الإيجاب.

هل يمكن أن تكون جهات دولية قد ضغطت على الشرع لإجراء تسوية مع ضابط علوي مجرم كمخلوف، بقصد إجراء تسويات مع ضباط أُخر من الطائفة العلوية بالتحديد، ثم يصل مثل هؤلاء إلى الحكم أو الوزارات أو المجالس المنتخبة مستقبلا، ويعودون لاحتلال سورية من جديد، ولأربعة وخمسين عاماً أخرى؟ هل هذا ما عناه زوار الشرع بقولهم نريد حكومة شاملة؟

وقد تكون المسألة أن أعداء الثورة وأعداء سورية، قد مكروا بالقيادة الجديدة، فأرادو دق إسفين بين الثوار وحاضنتهم الشعبية، فأرادو أن يشككوا الشعب السوري بالثورة والثوار، ويظهروا الشرع بمظهر الخائف على مصالحه الشخصية، المستعد لتقديم أي تنازلات توصله إلى السلطة.

احتمال آخر، هل أراد الشرع حماية طلال مخلوف من الانتقام الفردي، وخاف على تضييع السلاح الذي بين يديه، وطمع بأن يقوم مخلوف من خلال هذه التسوية بتقديم معلوما خاصة وسرية عن قادة الجيش وضباطه الموغلين في الدم السوري؟ ولعل الشرع أيضاً تفاهم مع مخلوف على أن يقوم الأخير بتشجيع عناصر النظام على التسوية مع الحكومة الجديدة، فلا شك أن هذا المجرم يعرف كثيرا منهم.

………………………………

وقد يكون الأمر كما قال بعض المحسوبين على الحكومة: إن التسوية مجرد بطاقة تحمي الشخص من الانتقام الشخصي وتحافظ عليه لمدة ثلاثة أشهر ثم يتم استجلابه إلى القضاء للاستفادة من شهادته ويحاكم محاكمة عادلة.
ولكنني لا أعرف من ذلك الذي يضمن أن يبقى مخلوف في البلاد، دون أن يهرب لتشكيل عصابات تثير الفوضى في سورية أو على حدودها.

الذي أرّقني، هو أن مخلوف عندما خرج من مركز التسوية دعا عناصر وضباط النظام المخلوع لإجراء تسويات مماثلة طالما أن أيديهم لم تتطلخ بدماء السوريين، وهذا يعني بشكل أو آخر، أن الرجل يقول: أن يديه نظيفة من دمائنا، الحقيقة لم أفهم هذا وليعذرني القارئ العزيز، فهل تلطخت رجلاه مثلاً بدماء السوريين؟

أريد أن أتوقف عن الخوض في الاحتمالات عند هذا الحد، مؤكداً أننا ضد الانتقامات الفردية، ونريد أن تأخذ العدالة مجراها بشكل صحيح. ولأن الاحتمالات مفتوحة، والمتآمرون لا يتوقفون عن الكيد لسورية، ولأن الشعب اليوم أصبح حراً ويتمنى على الحكومة الجديدة، أن تحمل أمانيه وهمومه، فإننا نطالب السيد أحمد الشرع أن يوضح لنا قصة التسوية مع مخلوف، ويشرح للناس ،الذين ينتظرون القصاص لدماء أبنائهم، ما الذي جرى وما الهدف منه، مذكراً الشرع، وما أظنه ناسياً، أن أولياء الدم لا يزاولون في الساحات وأمام السجون يتذكرون أحبتهم الذي قضى عليهم طلال مخلوف وغيره من زمرة الأسد الفاسدة.

 

 

 

رئيس التحرير

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى