
مسلسلات “طير وفرقع يا بوشار” … غطفان غنوم

إنه لأمر محير أن نرى أولئك الذين يدعون الآن تمثيل الثورة أو التأثر بها من فناني العهد البائد، وهم يحملون عباءة الماضي بكل فسادها وجورها.
كيف لهم أن يتحدثوا باسم التغيير وهم في الواقع يرمون به إلى حاوية النسيان، مُستغلين أوجاع الناس وآلامهم في مسعى لتلميع صورهم الزائفة؟
لا عجب أن يعيش بعضهم في قوقعة لا يرون فيها سوى أنفسهم، فتراهم يمارسون مهنتهم بأدنى درجات الابتذال.
ولكن، ما يثير السخط أكثر من كل هذا هو استغلالهم لاسم الثورة لتبرير أفعالهم الرخيصة، حيث يظنون أن بإمكانهم التلاعب بكلمات المجد والشرف في سبيل مصالحهم الشخصية.
إن ذلك ليس مجرد تراجع أخلاقي، بل هو تطبيع مع الانحطاط، وهدر لكل ما من شأنه أن يحمل جذوة الأمل في هذا البلد.
الثورة، التي كانت يوماً رمزاً للنضال والمقاومة، تتحول على أيديهم إلى أداة للاستخفاف بالعقول، ووسيلة للمتاجرة بمعاناة الشعب الذي عانى ولا يزال.
فكيف لهم أن يقفوا أمام المرآة ويقبلوا هذا العبث؟ أليس من الأولى أن يراجعوا أنفسهم، يتأملوا قليلاً في ما فعلوه، ويجدوا في قلوبهم ما يكفي من الخجل لتصحيح المسار؟
يجب عليهم أن يعرفوا أن الثورة ليست مجرد شعارات فارغة أو أعمال فنية مبتذلة، بل هي دماء وأحلام وآلام شعب عانى من أجل غدٍ أفضل.
فإن لم يكن في قلوبهم شيء من تلك الأحاسيس، فليتركوا الثورة والثوار والتضحيات التي بذلها السوريون في سلام بعيداً عن تجاربهم العابرة والمجردة من أي معنى حقيقي.
؟
؟



