
محافظ دمشق: حقوق المهجّرين من “ماروتا” و”باسيليا سيتي” أولوية المرحلة القادمة
في تحول لافت بموقف السلطات المحلية، أعلن محافظ دمشق، ماهر مروان، التزام المحافظة بمعالجة الانعكاسات الاجتماعية الخطيرة الناجمة عن مشاريع “ماروتا سيتي” و”باسيليا سيتي”، مؤكداً أن إنصاف المتضررين من هذه المشاريع أصبح أولوية لا تحتمل التأجيل.
وقال مروان في تصريحات رسمية إن المحافظة بدأت بالفعل باستقبال شكاوى الأهالي المتضررين، وتعمل على دراستها بدقة بهدف إيجاد حلول عادلة، مضيفاً أن ما يطرحه السكان من مطالب هو “حق مشروع” يستوجب المعالجة الفورية، بعد سنوات من التهجير القسري وغياب التعويض.
ويبدو أن التصريحات الرسمية تعكس إدراكاً متأخراً لحجم الغضب الشعبي المتصاعد بسبب الطريقة التي أُطلقت بها مشاريع التنظيم العقاري، والتي أدت إلى طرد آلاف السكان من منازلهم دون بدائل حقيقية. وبينما تحاول دمشق التوفيق بين مصالح المستثمرين ومطالب السكان، شدد المحافظ على أن المرحلة المقبلة ستبنى على “أسس من الشفافية والعدالة”، حتى لو تطلب ذلك، بحسب تعبيره، “التنازل عن بعض مصالح الدولة في سبيل تحقيق التوازن المجتمعي”.
ملفات ساخنة على الطاولة
وتعمل المحافظة، وفق مروان، على إعداد تعديلات قانونية لمعالجة الثغرات الكبيرة التي شابت تطبيق المرسوم التشريعي رقم 66 لعام 2012، والذي انطلقت بموجبه مشاريع “ماروتا” و”باسيليا”، مع السعي إلى خلق نموذج حضري “لا يستثني السكان الأصليين”، بل يدمجهم في عملية التطوير بدل إقصائهم.
المرسوم الذي يروج له كمشروع لتطوير العشوائيات، واجه منذ البداية انتقادات واسعة، لكونه استُخدم – وفق منظمات حقوقية – كأداة لإحداث تغيير ديموغرافي قسري في العاصمة.
فمشروع “ماروتا” الذي أُقيم في حي خلف الرازي، و”باسيليا” جنوب المتحلق الجنوبي، تسببا في تهجير آلاف العائلات من أحياء داريا، القدم، المزة، وكفرسوسة، دون تعويض أو ضمانات.
وقد اعتبرت منظمات دولية، بينها وزارة الخزانة الأميركية التي فرضت عقوبات على محافظ دمشق السابق، أن هذه المشاريع جزء من محاولة لإعادة رسم الخريطة السكانية للمدينة بما يخدم مصالح النخبة الموالية للنظام.
اليوم، ومع تزايد الضغوط من داخل المجتمع المحلي، يبدو أن السلطات في دمشق بدأت تدرك أن مشاريع الإعمار لا يمكن أن تنجح دون عدالة اجتماعية، ودون إعادة الاعتبار لحقوق السكان الذين تم تهجيرهم قسراً.
ومع تصاعد الدعوات لإجراء مراجعة شاملة للسياسات العمرانية والتنظيمية، يبقى السؤال المطروح: هل يكفي التصريح الرسمي لمعالجة سنوات من الظلم، أم أن العدالة الحقيقية تبدأ من الأرض، من إعادة الناس إلى بيوتهم، ومن تعويضهم عن ما خسروا؟