السوريون المنسيون في مخيماتهم: الطريق إلى الوطن مسدود

قال طفلان من أبناء مخيم للاجئين السوريين إن كل ما يعرفانه عن بلدهما سوريا، هو أنها “قريبة جدًا، لكن العودة إليها صعبة جدًا”.

لم يعيشا فيها يومًا، ولم يعرفا منها سوى ما حكاه الأهل: ذكريات عن حياة قبل الحرب، وهروب من نيرانها. في عيونهم، سوريا مجرد اسم، مكانٌ لفظ عائلاتهم وتركهم على بعد كيلومترات قليلة في خيام البؤس.

مشهدٌ يتكرر في مخيم رقم 063 في سهل البقاع اللبناني، حيث يعيش آلاف اللاجئين السوريين وسط ظروف إنسانية قاسية، في أرض موحلة، تختلط فيها مياه الأمطار بمياه المجاري، وتُبنى البيوت من الشوادر. هنا، لا صوت يعلو على همّ البقاء اليومي، ولا مكان لآمال العودة، رغم سقوط النظام الذي هجّرهم.

بين وطنين… لا مكان فيهما

في هذا المخيم، الواقع في قضاء زحلة، يُكابد اللاجئون أوضاعًا صعبة بين بلدين: لبنان الذي يستضيفهم دون ترحيب، وسوريا التي هجّرتهم ولا تقدّم لهم شيئًا للعودة.

يعيشون على هامش الحياة، غارقين في موسم العمل الزراعي، ومهددين على الدوام بغياب الدعم، وبتكرار المداهمات الأمنية.

هنا، لاجئون من ريف حلب ودير الزور ودرعا، يتحدثون عن منازلهم التي دُمّرت بالكامل، وأرضهم التي باتت غير صالحة للزراعة. تقول “أم محمود”، لاجئة من ريف حلب: “بيوتنا كانت من طين، كنا نعيش من الزراعة، اليوم لا أرض ولا بيت. نعمل في الزراعة هنا، 6 ساعات في اليوم مقابل 4 دولارات لا تكفي لوجبة واحدة، لكننا نعمل”.

أطفال المخيم يعرفون كيف يصطفون أمام الكاميرا. اعتادوا زيارات الصحفيين. يركضون خلف كل غريب يسألون: “أنتم من الأمم؟ هل جئتم تفتحون مدرسة؟”. لكن المفارقة أن “الأمم”، أي مفوضية اللاجئين، لم تعد تزورهم، كما يقول سكان المخيم، منذ إعلان سقوط النظام السوري.

يقول أحد اللاجئين: “نحن منسيون. لا أحد يريدنا. لا سوريا، ولا لبنان، ولا حتى الأمم”. أما الحديث عن العودة، فمجرد أوهام. “إلى أين نعود؟ لا بيت، ولا فرصة عمل، ولا أمان”، يقول آخر.

حتى الأطفال يتحدثون عن الحرب، وكأنها ذكريات طفولتهم. يخبرك أحدهم: “كنا نسمع صوت الطيران ونركض من الخيم إلى العراء”. الحرب لم تتركهم، سواء في وطنهم، أو في بلاد اللجوء. عاشوا تحت القصف هنا وهناك.

حياة مؤجلة بلا نهاية واضحة

اليوم، وبعد كل ما حدث، يعيش سكان المخيمات في لبنان، ومنهم من في مخيم 063، وكأنهم في انتظار مؤجل لحياة لن تبدأ. لا أفق للهجرة، ولا ترحيب من أحد، ولا حتى وطن يحتضنهم. يعيشون كـ”أوراق ضغط” أو “حالات إنسانية” في ملفات السياسة.

لا أحد يسأل عنهم، ولا يذكرهم في أحاديث النهايات الكبرى أو “التحرير”. وكأنهم فصل نُسي عمدًا من رواية السوريين.

ما تبقى لهم هو الانتظار… انتظار بلا تاريخ للانتهاء، في خيام مؤقتة تحولت إلى حياة دائمة، على حافة وطنين لا مكان لهم فيهما.

؟

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى