
دمشق تغرق في فوضى البناء المخالف بغياب المراقبة
في سياق اتساع رقعة مخالفات البناء في العاصمة السورية، تشير بيانات رسمية وتقارير محلية إلى تسجيل أكثر من 4,200 مخالفة منذ نهاية عام 2024، مع معالجة حوالي 670 منها خلال الربع الأول من 2025، لكن وتيرة التجاوزات لم تنجح القرارات الوزارية والمحلية في كبحها، ما يفاقم الفوضى العمرانية ويهدد السلامة الهيكلية للأحياء القديمة والجديدة في دمشق.
حجم الظاهرة وانتشارها
تشير إحصائيات محافظة دمشق إلى تسجيل 4,200 مخالفة بناء حتى نيسان 2025، موزّعة على أشكال متعددة من الشدّات غير المرخصة والتوسع الأفقي الرامي لزيادة المساحات القابلة للتأجير أو البيع .
أزالت المحافظة 670 مخالفة خلال الربع الأول من العام الجاري، لكنها لا تزال تواجه أكثر من 3,500 موقع مخالف قيد الإزالة أو التسوية .

أسباب عديدة تقبع وراء الفوضى
يربط خبراء اقتصاديون بين تفشي مخالفات البناء وغياب الرخصة الرقابية الصارمة، إذ تُستقى تصاريح المخالفات في الغالب عبر رشاوى إلى مسؤولي البلديات، ثم تُشرعن لاحقاً بقرارات أو مراسيم تُدفع ثمنها في الخزينة العامة .
تُضاف إلى ذلك تعقيدات البيروقراطية الطويلة، التي تدفع بعض المواطنين والمستثمرين للجوء إلى الطرق غير القانونية ضماناً لإنجاز مشاريعهم بسرعة، على حساب سلامة الأبنية وحق العموم في استخدام الطرقات والمساحات الحضارية .
الإجراءات الحكومية والتحديات التنفيذية
أقرّ رئيس الوزراء مصطفى مدبولي بضرورة حسم ملف مخالفات البناء نهائيًا، تحذيرًا من أي محاولة لتقنين مخالفات جديدة بعد قانون التصالح الأخير، مؤكداً “لن يُسمح بتقنين أي وضع مخالف” .
في دمشق، أطلق محافظ المدينة، المهندس محمد خضور ، حملات إزالة مفاجئة في مناطق الشاغور وبرزة، حيث تمت إزالة جميع الأبنية المخالفة التي شيدت بعد 8 كانون الأول 2024، ضمن ورشات بلدية موزّعة بالتنسيق مع قسم الشرطة المحلية .
مع ذلك، يعاني نقص حادّ في فرق الهدم والمعدات، مما يبطئ من وتيرة إزالة المخالفات رغم توفر جداول زمنية تفرضها المحافظة .
العقوبات القانونية والخيارات المتاحة
ينص القانون 40 لسنة 2012 على هدم المخالف مهما كانت صفته، وفرض غرامات تتراوح بين 2,000 و10,000 ليرة سورية للمتر المربع، إضافة إلى عقوبات حبسية تتراوح بين ثلاثة أشهر وسنة للمتسببين بأي مخالفة، بما في ذلك الموظفون المتقاعسون عن أداء واجب الرقابة عنب بلدي.
ثلاثة خيارات تواجه السلطات والأهالي:
-
الإزالة الكاملة على نفقة المخالف، لضمان استعادة الحالة الطبيعية للموقع.
-
التسوية الرسمية عبر دفع غرامات مرتفعة لا تقل عن ضعف أرباح المخالف من البناء، شريطة ألا يؤثر على السلامة الإنشائية أو الأملاك العامة.
-
التغاضي المؤقت، والذي يؤدي إلى استمرار الفساد وتفاقم التجاوزات العمرانية.
ويطالب مختصون بوضع خطة شاملة للرقابة تتضمن زيادة عدد المفتشين، وربط كل مراحل إصدار وتوثيق الرخصية بسجل إلكتروني مركزي لمنع التزوير .
كما يشدّدون على أهمية التدان بالتغليظ القانوني لردع المخالفين، وتخصيص صندوق للطوارئ في الخزينة لتمويل عمليات الإزالة دون الانتظار للميزانيات الدورية.
ختامًا، تؤكد بيانات “عنب بلدي” و”سوريا تي في” أن استمرار الفوضى العمرانية في دمشق سيؤدي إلى تآكل نسيج المدينة التاريخي وإضعاف الثقة بالمؤسسات، ما يستدعي تضافر كل الجهود الحكومية والمجتمعية لاستعادة النظام والقانون في العاصمة السورية.
؟
مصدر



