
مخاطر إقصائية وتقيد حق التجنيس … فرنسا تشدد منح الجنسية بثلاثة معايير جديدة: القانون واللغة والاندماج
في خطوة تهدف إلى تشديد ضوابط منح الجنسية الفرنسية، أصدرت وزارة الداخلية الفرنسية تعميمًا جديدًا يفرض ثلاثة معايير رئيسية يجب توافرها لدى المتقدمين بطلبات التجنيس.
تشمل هذه المعايير: الامتثال التام للقوانين الفرنسية، وإثبات إتقان اللغة الفرنسية على مستوى متقدم، والاندماج الفعّال في المجتمع الفرنسي عبر تقديم دليل على التفاعل المدني والثقافي. يأتي هذا التعميم في سياق تنفيذ أحكام قانون الهجرة الصادر العام الماضي، ويستعدّ سريان بعض جوانبه اعتبارًا من يناير 2026، بينما تُطبّق أخرى فورًا على طلبات التجنيس المقدمة حاليًا.
خلفية القرار
أوضح وزير الداخلية برونو ريتاييو أن الهدف من التعميم هو “تطبيق القواعد القائمة بصرامة”، مشيرًا إلى أن القانون الفرنسي لا يجيز منح الجنسية لمن لا يبرهن عن قدرته على الاندماج واحترام القيم الوطنية. وقد أُرسل التعميم إلى كافة المحافظين (Préfectures) ليعملوا على تشديد إجراءات فحص الطلبات دون انتظار تعديل تشريعي جديد.
المعايير الجديدة
1. الامتثال للقانون
يتعيّن على المتقدمين أن يكون سجّلهم نظيفًا من أي إدانات جنائية خلال فترة إقامتهم في فرنسا، بما في ذلك عدم تجاوز فترة الإقامة القانونية.
2. إتقان اللغة الفرنسية
يشترط تقديم شهادة تثبت اجتياز اختبار اللغة الفرنسية على مستوى B2 (متقدم) للحاصلين على الجنسية عن طريق الإقامة، بعد أن كان المستوى المطلوب B1 فقطl .
ومن المقرّر أن يدخل هذا التغيير حيز التنفيذ رسميًا اعتبارًا من 1 يناير 2026 بموجب أحكام قانون الهجرة لعام 2024.
3. الاندماج في المجتمع
يُطلب من المرشحين توقيع “عقد اندماج” يتضمن الالتزام بحضور دورات تعريفية بالقيم المدنية الفرنسية، واجتياز مقابلة فحصية حول التاريخ والثقافة والسياسة الفرنسية .
ردود الفعل
أثارت الضوابط الجديدة انتقادات من بعض الجمعيات الحقوقية التي ترى أن مستوى اللغة المفروض (الذي قد يتخطى قدرة نسبة كبيرة من المتقدمين) قد يحرم آلاف الأشخاص من حق الحصول على الجنسية، فيما قد يُسحب حق الإقامة من نحو 60 ألف شخص في العام الأول نتيجة رسوبهم في الامتحانات اللغوية.
من جهته، دافع وزير الداخلية عن القرار بالقول إن “التجنيس امتياز يجب استحقاقه، وليس حقًا مطلقًا”.
الخطوات القادمة
-
التطبيق الفوري للتعميم: سيبدأ المحافظون بتطبيق المعايير الجديدة على الطلبات المقدمة بدايةً من مايو 2025.
-
سريان أحكام قانون الهجرة: يُنتظر أن تدخل متطلبات مستوى اللغة B2 حيز التنفيذ قانونًا في 1 يناير 2026، ما يعني صرامة أكبر على المتقدمين في الأعوام المقبلة .
-
مراجعة التشريعات: قد يتطلّب أي تعديل جوهري للمعايير تشريعًا برلمانيًا جديدًا، وهو ما لم يُعلن عنه حتى الآن.
تؤكد الحكومة أن الخطوة تهدف إلى تعزيز “الجودة” في منح الجنسية الفرنسية وضمان اندماج المهاجرين بشكل فعّال في نسيج المجتمع، مع الحفاظ على قيم الجمهورية الفرنسية.
وتشير تقارير إلى أن هذه الشروط قد تحرم نحو 60 ألف شخص من حق الإقامة أو التجنيس في العام الأول نتيجة الرسوب في الاختبارات اللغوية.
كما أن ربط منح الجنسية بخلوّ السجل الجنائي من المخالفات -حتى الإدارية البسيطة مثل تجاوز مدة الإقامة- قد يؤدي إلى زيادة الطعون القضائية ويثقل كاهل المحاكم الإدارية.
ويثير “عقد الاندماج” المخاوف من كونه إجراء شكليًا يفتقر إلى الفعالية الفعلية ما لم يصاحبه دعم لوجستي وتعليمي كافٍ، وسط تساؤلات حول قدرة مراكز التدريب اللغوي على استيعاب الأعداد المتزايدة من المرشحين.
ويؤكد خبراء لغويون ضرورة تمويل حكومي إضافي وضمان مجانية الاختبارات لمنع تفاقم التفاوتات الاجتماعية بين المتقدمين.
في المقابل، يرى منتقدون أن هذه المعايير تنطوي على مخاطر إقصائية وتقيد حق التجنيس عن فئات واسعة -خاصة كبار السن وذوي التعليم المحدود- ما لم ترافقها مراجعة تشريعية شاملة وموارد دعم ملموسة.
؟
متابعة مصدر – باريس







