
ظاهرةُ التسوّل في حمص… تحدٍّ اجتماعيٌّ متفاقم
تُعَدُّ مدينةُ حمص واحدةً من المدن القليلة في سوريا التي كانت خاليةً من مظاهرَ التسوّل بفضل المبادرات الأهلية وجهود الجمعيات المحلية، غير أنَّ هذه المبادرات لم تعد كافية في مواجهة التدهور الاقتصادي الراهن، فتفشت ظاهرةُ التسوّل مجدداً، خاصَّةً بين الأطفال، لتصبح إحدى أبرز التحديات الاجتماعية في المدينة.
انتشرت مظاهرُ التسوّل في أحياءٍ عدة مثل كرم الشامي والحضارة والدبلان، وكذلك قرب القلعة والأسواق والحدائق. يفترش الأطفالُ الأرصفةَ بثيابٍ مهترئة وأقدامٍ حافية، فيما يلجأ بعض الشباب للتسول بعد فقدان فرص العمل. وسجلت منظمات محلية ارتفاع أعداد المتسوّلين الذين يرفضون عروض التوظيف لما يوفره التسوّل من دخلٍ أكبر نسبيًا.
…:………………………………………………………..
ينبع توسعُ ظاهرة التسوّل من عدة أسباب مترابطة:
-
الفقر المدقع: دفع ارتفاعُ تكاليف المعيشة بعض الأسر إلى دفع أبنائها إلى الشارع بحثًا عن الدخل.
-
نقص الوعي بحقوق الطفل: غياب برامج توعوية يسهّل استغلال الأطفال ويُبعد الأسر عن دورها الوقائي.
-
التفكك الأسري: حالات وفاة أحد الوالدين أو خلافاتٌ أسريةٌ أدّت إلى ضياع البوصلة لدى بعض الأطفال.
-
عصابات الاستغلال: تتولى شبكاتٌ سرية تجميع الأطفال وتوجيههم للتسول مقابل عمولاتٍ مستقطعة من عائدهم.
مواقفٌ مجتمعيةٌ وحلولٌ محلية
يتفق سكان حمص على وجوب تكاتف الجهود بين السلطات والمجتمع المدني. ففيما تطلق جمعيةُ البرّ والخدمات الاجتماعية مبادراتٍ لإعادة الأطفال إلى ذويهم مع توقيع تعهّد بعدم العودة للتسوّل، يشير بعض الأهالي إلى ضرورة توفير فرصِ عملٍ بديلة وبرامج تأهيل مهني للشباب.
ومن المطلوب أن تتولى الجهات الرسمية دورها في:
-
توفير دعمٍ مالي واجتماعي للأسر الأكثر حاجة عبر آليات رسمية.
-
إطلاق حملات توعية تشمل المدارس والمساجد والحارات لتعريف الأسر بحقوق الأطفال وسبل حمايتهم.
-
ضبط شبكات استغلال الأطفال قانونياً، وتقديم متورطيها إلى المحاكم.
تبقى فعالية الإجراءات مرهونةً بالتنسيق المستدام بين الحكومة والجمعيات المحلية والأهالي. ومن دون إشراك الجهات الرسمية بمواردٍ واضحة واستراتيجيات طويلة الأمد، لن تلبث جهود المجتمع المدني أن تتعثر، فيما يستمر الأطفال في الشارع بلا حماية. الحلُّ يتحقق عندما تتضافر الإرادات لتوفير بيئةٍ آمنةٍ ومستقرة لأجيالٍ قادمة تنعم بفرصٍ حقيقية للحياة الكريمة.
؟
علا ابو صلاح – مصدر – حمص











